الإعجاز العلمي في قوله تعالى { وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ }

منذ 2020-11-10

الآية في أصحاب الكهف

قال تعالى عن أصحاب الكهف وهم نيام: {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18]، قد لا ننتبه إلى أن هذه الكلمات القليلة تُمثِّل إعجازًا علميًّا يفوق حدَّ الخيال؛ فإنَّ مِن الأمراض الخطيرة التي يعاني منها المرضى في المشافي (قرحة الفراش)، فالمرضى الذين تضطرهم أمراضُهم إلى البقاء طويلًا على السرير ككسر في الحوض، أو العمود الفقري، أو شلل، أو في حالات النوم الطويل، هذه الحالاتُ المرضية تستوجب أن يبقى المريضُ مستلقيًا على ظهره أيامًا طويلة بل شهورًا!

 

فالإنسانُ له وزن كليٌّ، لكن إذا استلقى على السرير فإن وزن هيكله العظمي مع ما فوقه من عضلات وأنسجة يضغط على الجزء الذي تحت الهيكل العظمي، وإذا ضغطت العضلات والنسيج، فالأوعيةُ الدموية التي في هذه العضلات والنسيج تَضيق؛ فيقلّ وصولُ الدم إلى هذه الأماكن، وينشأ حولها تقرُّحات مُزعجة جدًّا.

 

فلو نظرنا إلى الإنسان وهو نائمٌ يتقلَّب في الليلة الواحدة ما يزيد على أربعين مرة، وهو لا يدري ذلك؛ لأن الجسم إذا ضغط على جهة معينة ضاقت الشرايين فيَضْعُف وصول الدم، ومن ثَم ينتقل هذا الإحساسُ بالضغط إلى المخ والإنسان نائم، والمخ يصدر أمرًا بالحركة، ومن الإعجاز العلمي في قوله تعالى: {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18]، لو قلَّبَهم في جهة واحدة لوقعوا من المكان الذي ينامون عليه، ولكن التقلُّب ذات اليمين وذات الشمال لكي يبقوا في إطار المكان.

 

فالمرضى الذين لا بد مِن أن يبقوا على السرير مدةً طويلةً تزيد على بضعة أشهر، لا بد من تقليبهم باليد، وإلا تقرَّحتْ أجسامهم وتسلَّختْ، وقد يُشفى المريض من المرض الذي أقعده، ويموت بسبب هذا المرض اللعين (قرحة الفراش)، ومِن هنا قدَّم التقدم العلمي بعض الأسِرَّة التي تهتزُّ بشكل دائم بفعل مُحرِّك كهربائي مِن أجل أن تقي المريض قرحةَ السرير، فلولا أن الله قلَّب أهل الكهف ذات اليمين وذات الشمال، لما بقَوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعًا، دون أن يُصابوا بهذه التقرُّحات.

 

إنَّ أكثرَ الأجزاء مِن الجسد إصابةً بهذا المرض الخطير: المنطقة العضدية والأليتان، ولوحا الكتفين، وكعبا القدمين، هذه الأماكن فيها عظام فيضغط وينعدم وصول الدم [إليها] فيموت النسيج، ويسود ويتقرَّح الجلد عفنًا، عافاكم الله.

________________________________
أ. د. علي فؤاد مخيمر