فوائد من مصنفات العلامة ابن عثيمين في الزكاة وحكم الصيام والاعتكاف

منذ 2021-01-15

فهي تطهر من الأخلاق الرذيلة, وتطهر من الذنوب, لقول النبي صلي الله عليه وآله وسلم : «الصدقة تُطفئُ الخطيئة كما يُطفئُ الماءُ النار »

فوائد من مصنفات العلامة ابن عثيمين ( فوائد الزكاة, حِكم الصيام, الاعتكاف)

من فوائد الزكاة وفضائلها:

قال رحمه الله: الزكاة.لها فضل عظيم بينه الله تعالى في قوله:{خُذ من أموالهم صدقة تُطهرهم وتُزكيهم بها }  [التوبة:103]فهاتان فائدتان عظيمتان : الطهارة والزكاة.

الطهارة من الذنوب, ومن الأخلاق الرذيلة, كالبخل الذي سماه الله تعالى فحشاءً في قوله : { الشيطانُ يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}  [البقرة:268] أي : البخل, فهي تطهر من الأخلاق الرذيلة, وتطهر من الذنوب, لقول النبي صلي الله عليه وآله وسلم : «الصدقة تُطفئُ الخطيئة كما يُطفئُ الماءُ النار »  فالنار إذا رشت بالماء انطفأت بلا شك, وأولى ما يدخل في الصدقة الزكاة, فهي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار...كذلك تزكى الإنسان بأن تجعله في دائرة الكرماء والله عز وجل كريم...يحبُّ المحسنين

ومن فضائل الزكاة أنها تزيد المال, عكس ما يظنُّ البخيل, فالبخيل يقول : إذا كان عندي مئة ريال, وأخذت منها اثنين ونصفاً نقصت, وكانت سبعة وتسعين ونصفاً, لكنها في الواقع لا تنقص المال, لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ما نقصت صدقة من مال ) بل هي – أي الصدقة – تزيد في المال, فيفتح الله تعالى على المنفق أبواب الرزق من حيث لا يشعر, كما قال الله تعالى : { وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه}  [سبأ:39] أي : يأتي بشيءٍ يخلفُهُ, ويكون بدلاً عنه.

كذلك تقي المال الآفات, ربُّما يقي الله مالك الآفات بسبب الزكاة, فقد يسلط على مانع الزكاة من يسرقُ ماله, أو قد يسلط على ماله آفات تهلكه, أو قد يُسلطُ على نفس المالك أمراضاً تفني ماله, لكن الزكاة لا تنقص المال بل تزيده.

ومن فضائلها : أنها ترضى الفقراء على الأغنياء.

من حِكَمِ الصيام:

قال الشيخ رحمه الله: الله لم يُشرَعِ الصيام إلا لحِكَمٍ عظيمة، أهمُّها وأجلُّها وأعظمُها:

التقوى: تقوى الله عز وجل؛ لقول الله تعالى: ﴿  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}  ﴾ [البقرة: 183]، هذه هي الحكمة من أجل تقوى الله عز وجل، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصائم:  «إذا سابَّه أحدٌ أو شاتمه فليقُلْ: إنِّي صائمٌ» ؛ أي: لا يسبُّه ويرُدُّ عليه بالمثْل، وليَقُل: إني امرؤ صائم، والصائم لا يسبُّ ولا يشتُمُ ولا يَصخَبُ، بل عنده الطمأنينة والوقار والسكينة، وتجنُّب المحرمات والأقوال البذيئة؛ لأن الصوم جُنَّة يتَّقي به الإنسانُ محارمَ الله، ويتقي به النارَ يوم القيامة، وهذه أعظمُ حِكَم.

ومن حِكَمِ الصيام: كسر حِدَّة النفس, لأن النفس إذا كمَل لها نعيمُها, من أكل وشرب ونكاح, حملها ذلك على الأشَر والبَطَر ونسيان الآخر, وأصبح الإنسان كالبهيمة ليس له همٌّ إلا بطنه وفرْجه فإذا كبَح جماحَ نفسه وعوَّدها على تَحمُّل المشاقِّ وتحمُّل الجوع وتحمُّل الظمأ وتحمُّل اجتناب النكاح صار في هذا تربية عظيمة 

ومن حِكَمِ الصيام أنَّ الإنسان يذكرُ به نعمة الله عز وجل بتيسير الأكل والشرب والنكاح لأن الإنسان لا يعرف الشيء إلا بضدِّه، كما قيل: "وبضدِّها تتبيَّن الأشياء ومن حكمة الله عز وجل في إيجاب الصيام أن يذكر إخوةً له مُصابين بالجوع والعطش وفَقْد النكاح فيرحمهم ويَحنو عليهم ويُعطيهم مما أعطاه الله عز وجل ولهذا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس وكان أجود ما يكون في رمضان.

ومن حِكَمِ الصيام: تعويد الإنسان على تحمُّل المشقَّات والتعب؛ لأن التَّرَف والنعيم وتيسُّر الأكل والشرب، لن يدوم؛ فيُعوِّد الإنسانُ نفسَه على تحمُّل المشاقِّ.

 

الاعتكاف تفرُّغ لعبادة الله عز وجل:

قال رحمه الله المعتكف يلتزم المسجد لطاعة الله عز وجل ليتفرَّغ للطاعة فالإنسان في بيته وسوقه يَلهو عن الطاعة, فيتفرَّغ للطاعة, ويتفرَّغ لانتظار ليلة القدر, لأن نبينا صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأُوَل يلتمس ليلةَ القدر, ثم اعتكف العشر الأواسط يلتمس ليلة القدر أيضًا ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر، فاعتكف العشر الأواخر,فينبغي أن يعلم المعتكف أنه ليس المرادُ من الاعتكاف أن يكون سحوره وفطوره في المسجد فقط إنما المراد من الاعتكاف أن يتفرَّغ للطاعة وأن ينتظر ليلة القدر..وقال رحمه الله: أمَّا ما ينبغي أن يفعله المعتكف: فيشتغل بالقراءة والذِّكْر والصلاة، ولا بأس أن يتحدَّث قليلًا إلى أصحابه الذين معه في الاعتكاف أو الذين يدخلون لزيارته فإنه قد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام كان معتكفًا, فزارته صفية - إحدى زوجاته رضي الله عنهن-لكن لا يعني ذلك أن يجعل الإنسان أكبرَ وقتٍ في اعتكافه أن يتحدَّث إلى أصحابه كما يوجد في بعض المعتكفين في المسجد الحرام فأكثر أوقاتهم يكون في التحدُّث فيما بينهم، فإن لم يكن فالنوم، نوم وحديث، فأين الاعتكاف؟!....وقال: الاعتكافُ مسنونٌ في العشر الأواخر كُلِّها حتى لو رأى ليلة القَدْر؛ أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد عَلِمَ أن ليلة القدر ليلة الحادي والعشرين، واستمرَّ في اعتكافه؟ بلى، وهو عالِمٌ بها، وأنها قد مضت، ومع ذلك اعتكف العشر الأواخر، فنقول: ربما يكون اعتكافُكَ بعد أن رأيتها بمنزلة الرَّاتبة للفريضة؛ يعني أنه يُكمِل أجر الليلة، فهل منا مَنْ يتأكَّد أنَّه أعطى ليلة القدر حقَّها؟ أبدًا، كُلُّنا مُقصِّرون، نسأل الله أن يعاملنا بعفوه.

                           كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ