روائع من سورة يوسف
وعندما اجتمع رأي إخوة يوسف على إخفائه، وقالوا " {لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} ..."، أوحى تعالى ليعقوب: " {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا} ..."
يغلب على السورة شعور الإبانة بعد الخفاء، واللقاء بعد الفراق!
فوحي القرآن الكريم جاء بعد أن " {كنت من الغافلين} " ويظهر تأويل رؤيا يوسف في آخر السورة، بعد أن كان خافيا في أولها، حسب طلب يعقوب من يوسف إخفاء الرؤيا عن إخوته بقوله: " {لا تقصص رؤياك} ..."
كما يظهر تأويل رؤيا الفتيين في السجن، ورؤيا العزيز بشأن الإخصاب ثم الإجداب ثم الإخصاب، بعد أن كان تأويل هذه الرؤى خافيا.
وعندما اجتمع رأي إخوة يوسف على إخفائه، وقالوا " {لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} ..."، أوحى تعالى ليعقوب: " {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا} ..."
وعندما كان يوسف في البئر، كان خافيا على السيارة، ثم تبينت شخصيته، وقالوا " {يَا بُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ} "
ثم " {أسرّوه بضاعة} " أي أخفوه حتى يتمكنوا من بيعه، حين يظهروه.
وعندما راودته امرأة العزيز، أخفت أمرها بتغليق الأبواب، ولكنه انكشف عندما " {حصحص الحق} ..."
وكانت شخصية يوسف خافية على نسوة المدينة، ثم لما ظهرت لهن "قطعن أيديهن،" بل إن طبيعته البشرية كانت خافية عليهن، فظنن أنه "ملك كريم."
وعندما جاء إخوة يوسف له، كانت شخصيته خافية عليهم، لكنه " {عرفهم وهم له منكرون} " ولم تظهر شخصيته لهم، إلا عندما " {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ. قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ؟ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا} "
وأمر يوسف بإخفاء " {صواع الملك} "، وبعد ذلك ظهر عندما " {استخرجها من وعاء أخيه} "
كذلك غاب عن يعقوب بصره، ثم عاد إليه، كما غاب عنه يوسف وأخوه، خلال السورة، ثم عادا إليه في آخرها.
فهذه الإبانة بعد الخفاء، وهذا اللقاء بعد الفراق، يرسمان لنا صورا من حكمة الله؛ فهو لطيف لما يشاء، وهو العليم الحكيم.
هاني مراد
كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.
- التصنيف: