قبل الساعة - 3
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: «(يتقارب الزمان، ويَفيض المال، وتظهر الفتن ويكثر الهَرْج) قالوا: وما الهَرْج يا رسول الله؟ قال: (القَتْل)» . ولا تزال الفتن تقع وتشتد في الأمة حتى وقتنا هذا.
{بسم الله الرحمن الرحيم }
** عن عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» وضم أصبعيه السبابة والوسطى.
** عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم- يَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ جَمِيعًا إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقَنِي». [رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, ورواته ثقات]
** عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِىَّ -رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ لِي: ( «يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيي السَّاعَةِ: مَوْتِى ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ [داء يأخذ الغنم فتموت فجأة، وهو طاعون عمواس] ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ فِيكُمْ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ [الروم النصارى] فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً [راية] تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا» ).
** عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ( «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُم الْمَالُ، فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ [أي يغتم ويحزن] مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لاَ أَرَبَ لِي) » [البخاري] وكان هذا في أخر عهد الصحابة وزمن عمر بن عبد العزيز، وأما عرض المال فيكون زمن عيسى عليه السلام في آخر الزمان.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ) فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: (وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ)»
** عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ) قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: (فَمَنْ) أي من غيرهم» .
** ظهور الفتن: التي تصيب الناس فتنحرف بهم عن سواء السبيل وتصدهم عن الصراط المستقيم، كالشبه التي تضل الإنسان عن الحق وتنحرف به عن جادة الصواب، وكدعاة السوء الذين يلبسون الحق بالباطل، ويموهون على ضعاف النفوس فيستهونهم بما أوتوا من فصاحة وقوة بيان، وكالمرض أو الفقر الذي يتبرم به المرء، ويضيق منه صدره، فيسخط على قضاء الله وقدره، وكالغنى الذي يغتر به كثير من الناس، ويحدثهم به الشيطان فيصطفيهم ويصدهم عن الصراط السوي، ونحو ذلك مما يفتن المسلم عن دينه ويصد الكافر عن الهداية.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: «(يتقارب الزمان، ويَفيض المال، وتظهر الفتن ويكثر الهَرْج) قالوا: وما الهَرْج يا رسول الله؟ قال: (القَتْل)» . ولا تزال الفتن تقع وتشتد في الأمة حتى وقتنا هذا.
فكانت فتنة الاقتتال بين الصحابة (علي ومعاوية) رضي الله عنهم أجمعين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقْتَتِلَ فِئَتَانِ فَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ)» [البخاري]
ولاشك أنهما كانا على الحق، لكن علي كان أحق من معاوية –رضي الله عنهما- لما رواه مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «(تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ) » والمقصود بالمارقة فرقة الخوارج الذين قاتلهم علي رضي الله عنه.
** وهناك فتن كبار ستحدث قبل قيام الساعة وهي ثلاث: فتنة الأحلاس والسراء والدُّهَيْمَاءِ.
فعن عمير بن هانئ العنسي الشامي قال: سمعت عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- يقول: «كنا قعودا عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس [شبهه بالأحلاس وهي الأثواب البالية لسواد لونها وظلمتها]. فقال قائل: يا رسول الله، وما فتنة الأحلاس؟ قال: هي هَرَب [هروب وشرود الناس بعضهم من بعض بسبب الاقتتال والظلم] وَحَرب [نهب المال والأهل]، ثم فتنة السراء [من السرور لكثرة التنعم والافتتان بالدنيا ونعمها] دخنها [يريد أنها تثور كالدخان] من تحت قدمي رجل [أي هو سبب إثارتها] من أهل بيتي، يزعم أنه مني [في النسب وهو صادق]، وليس مني [أي في الفعل] وإنما أوليائي المتقون، ثم يَصْطَلِحُ الناسُ على رَجُلٍ كَوَرِكٍ على ضِلَع [لا يستقُّل بالملك ولا يلائمه كما أن الورك لا يُلاَئم الضِّلَع]، ثم فُتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ [تصغير الدهماء، وصغرها على مذهب المذمة لها، وقيل التصغير قد يكون للمبالغة، والدهيماء تأنيث الأدهم، والأدهم هو الذي يميل إلى السواد، فهي فتنة كما يبدو سوداء مظلمة]، لا تدع أحدا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة [مصيبة أصيب بها وحصل له منها نصيب]، فإذا قيل: انقضت تمادت [أي كلما قيل: انتهت تمادت وزادت في الاستمرار وطالت]، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين [جماعتين]: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذلكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده)» . [أحمد]
جمع وترتيب
د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com
خالد سعد النجار
كاتب وباحث مصري متميز
- التصنيف: