لماذا نعاني؟
قد يتساءل بعضنا: لم نعاني في هذه الدنيا؟ لم لا نفرح في كل آن؟ أليس الكفار والملحدون يفرحون؟ ألسنا نحن المؤمنون أحق بالفرح منهم؟ وما فائدة الإيمان إن لم يجلب الفرح؟
قد يتساءل بعضنا: لم نعاني في هذه الدنيا؟ لم لا نفرح في كل آن؟ أليس الكفار والملحدون يفرحون؟ ألسنا نحن المؤمنون أحق بالفرح منهم؟ وما فائدة الإيمان إن لم يجلب الفرح؟
لكن أيكون وقت الاختبار، وقتا للفرح؟
على أن الدنيا لن تشرق أو تألق دوما لمن كفر أو جحد، بخل أو طمع، حقد أو حسد، سرق أو غصب، ولن تبسم أبدا لمن ظلم أو عسف!
وإن كان الفرح جديرا بنا، لكان أولى به من كان خيرا منا! لكن المستعرض لحياة العظماء، يراها ابتلاءات تتلو ابتلاءات، ولا يكاد يجوزها غيرهم. وقد تكون المعاناة عقابا لظلم، أو إصلاحا لفساد، أو تقويما لعوج، أو علاجا لخلل، أو تنقيحا لخطأ، أو توجيها لمسار!
ثم أي دنيا تلك التي يفرح بها العاقل؟ أدنيا الحروب والمجاعات؟ أم دنيا إفقار شعوب لمصلحة شعوب؟ أم دنيا الظلم في كل مكان؟
لكن العاقل لا يقصر نظره على دنياه، أو ما أكل فيها وما شرب! بل تمتد عاطفته لتشمل دنيا الناس، ويتسع وجدانه ليألم للفقير، والضعيف، والعاني! يشعر بظلم المظلوم! ويجوع بجوع الجائع! يكدره احتياج الكريم، وتشق عليه حيرته! يبكي إن رأى صورة شهيد! يحزن لحزن الأسير! ولا يزال يعاني!
ثم من ظلمة المعاناة، ينبثق نور الفجر، فتستحيل المقاساة انشراحا، وترتد المعاناة بهجة، ويتحول النصب هناء، وتنقلب المكابدة مسرة. وكأن المعاناة على ضيقها، كانت هي السبيل السابلة، وكانت في ضمنها الجائزة.
هاني مراد
كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.
- التصنيف: