الدجال شر غائب ينتظر - المقال الثالث

منذ 2021-03-18

أما المسيخ الدجال فهو ممسوح العين، وقيل ممسوح العين والحاجب، وقيل لأنه يمسح الأرض أي يقطعها، ولابد لتعريفه أن تقول «المسيح الدجال»

بسم الله الرحمن الرحيم

الدجال شر غائب ينتظر (3)

 

** والمسيح هو عيسى عليه السلام لأنه لم يمسح ذا عاهة إلا برئ بإذن الله تعالى، أما المسيخ الدجال فهو ممسوح العين، وقيل ممسوح العين والحاجب، وقيل لأنه يمسح الأرض أي يقطعها، ولابد لتعريفه أن تقول «المسيح الدجال» لأنه يموه على الناس ويدلس عليهم، أما «المسيح» بالإفراد فيقصد به نبي الله عيسى عليه وعلى نبينا السلام.

** والدجال رجل من بني آدم، شاب، أحمر اللون، قصير ليس بالطويل، أفحج [يباعد بين رجليه عند المشي لعيب فيها كالمختتن]، أجلى الجبهة [منحسر شعره عن مقدم رأسه]، شعره كشعر الزنجي وكأغصان الشجرة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى ليست بارزة ولا حَجْزَاءَ [غائرة] كأنها عنبة طافية، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري عليها ظفرة غليظة من قبل الأنف [وهي لحمة أو جلدة كالعلقة التي تنبت عند المآقي]، وهو عقيم لا يولد له، مكتوب بين عينيه كافر

 

** روى مسلم عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ [أسمر] سَبِطُ الشَّعْرِ [مسترسل] بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ [قصير الشعر] أَعْوَرُ الْعَيْنِ كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ [يعني الظاهرة الممتلئة المنتفخة] قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ [عبد العزى بن قطن، رجل من خزاعة هلك في الجاهلية]»

** عَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى جُفَالُ الشَّعَرِ [كثيف] مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ .. وفي رواية لأحمد: كَأَنَّ شَعْرَ رَأْسِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ»

** عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- « ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَرَانِي اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا تَرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ [الشعر المتدلي الذي يجاوز شحمة الأذنين] رَجِلُ الشَّعْرِ [مسترسل الشعر] يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً [أي يقطر بالماء الذي رجلها به] وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ، وَهُوَ بَيْنَهُمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَرَأَيْتُ وَرَاءَهُ رَجُلًا جَعْدًا قَطَطًا [الجعد القصير، والقطط هو المتكسر الشعر الملتوي الذي لا يسترسل شعره ألبتة مثل شعر الحبش] أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ مِنْ النَّاسِ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ» .

وهذه الرواية مخالفة لما تقدم في الحديث قبله من أنه أحمر، وقد روى البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه أنكر رواية أحمر وحلف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله وأنه اشتبه على الراوي

قال النووي فيجوز أن يتأول الأحمر على الآدم، ولا يكون المراد حقيقة الحمرة والأدمة بل ما قاربهما

** عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لَا تَعْقِلُوا إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلَا حَجْزَاءَ فَإِنْ أَلْبَسَ عَلَيْكُمْ رَبَّكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَأَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى تَمُوتُوا» .

** وفي رواية لأحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: «وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَإِنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ أَجْلَى الْجَبْهَةِ عَرِيضُ النَّحْرِ فِيهِ دَفَأٌ [إنحناء] كَأَنَّهُ قَطَنُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى»

«[قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَضُرُّنِي شَبَهُهُ قَالَ لَا أَنْتَ امْرُؤٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ امْرُؤٌ كَافِر» ] .. هذا الجزء لم يصحح روايته أهل العلم

** ركز الرسول -صلى الله عليه وسلم- على وصف عيني الدجال، لأن الدجال مهما تخلص من شيء من صفاته، فإنه لا يستطيع أن يتخلص من عينيه، والعينان ظاهرتان بارزتان يراهما كل أحد، وبهما صفات واضحة لا تخفى، فقد أشارت الأحاديث السابقة إلى عيوب في عينيه، أوضحها أنه أعور، وقد جاء في بعض الأحاديث أن العين العوراء هي اليمنى، وجاء في أحاديث أخرى أنها اليسرى، وكونها اليمنى أرجح، وصف عينه اليسرى بالعور رواه مسلم، ووصف اليمنى بالعور رواه البخاري، فالراجح قول البخاري لأنه أعلى من جهة الإسناد.

وشبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- تلك العين بالعنبة الطافية، وفي حديث آخر وصف عينه اليمنى بكونها «عوراء جاحظة لا تخفى كأنها نخاعة في حائط مجصص»

ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن الدجال: "أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية» ".

وفي حديث أبي سعيد عند أحمد: "وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى، كأنها نخاعة في حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري".

وهي مع ذلك ممسوحة كما سبق بيانه، ففي صحيح مسلم: "الدجال ممسوح العين".

وقد وجه النووي الروايات توجيهاً آخر، فهو يرى أن جميع الروايات التي وصفت عينيه كلتاهما بالعور روايات صحيحة، فالعور معناه في اللغة: العيب، وعينا الدجال معيبتان كلتاهما، فقد ورد أن العوراء هي اليمنى، وورد أن العوراء هي اليسرى، وورد أن إحداهما طافئة بالهمز، أي: لا ضوء فيها، وورد أن الأخرى طافية بلا همزة، أي ظاهرة ناتئة، فعيناه على ما حققه النووي إحداهما لا يرى بها لذهاب نورها وهذه ممسوحة غير ناتئة ولا غائرة، والأخرى لم يذهب نورها ولكنها معيبة بعيب آخر وهو ظهورها وبروزها.

وقد جاء في إحدى الروايات عند مسلم أن العين التي ذهب ضوؤها وهي الممسوحة عليها ظفرة غليظة، "إن الدجال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة"، والظفرة الغليظة جلدة تغشى البصر، وقال الأصمعي: لحمة تنبت عند المآقي.

.. قال القاضي: "كلا عيني الدجال معيبة عوراء فاليمنى مطموسة وهي الطافئة بالهمز، واليسرى أي ناتئة جاحظة كأنها كوكب وهي الطافية"

وقد وصف لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عينه التي يرى به، فقال: " « الدجال عينه خضراء كالزجاجة» " [رواه أحمد وأبو نعيم بإسناد صحيح]

جمع وترتيب

د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com

 

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز

المقال السابق
المقال الثاني
المقال التالي
المقال الرابع