الفهم الراقي وحب العاملين لدين الله

منذ 2021-04-01

صاحب الفهم الراقي هو رجل صاحب علم وفهم وعمل يرى أن تنوع العاملين لنصرة دين الله كتنوع الفاكهة في البستان وهذا التنوع هو ما يضفي جمالًا وظيفيًّا له.

صاحب الفهم الراقي هو رجل صاحب علم وفهم وعمل يرى أن تنوع العاملين لنصرة دين الله كتنوع الفاكهة في البستان وهذا التنوع هو ما يضفي جمالًا وظيفيًّا له.

 

الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنه - الكل يعلم عنه حفظه للسنة المطهرة غير أنه لم يعرف عنه براعته العسكرية كبراعة الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه الذي بدوره لم يروي سوى بضعة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البستان دائمًا ما يوجد بعض الحشائش الضارة التي يجب إزالتها منه حتى لا تهلك الحرث.

 

صاحب الفهم الراقي يعلم علم اليقين أن الفرقة بين المسلمين هي أفضل ما يتمناه الأعداء فيحرص على لم الشمل وعدم الفرقة، وإذا ما خلا بنفسه كان شارد الذهن متأملا في قضايا الفكر الإسلامي محللا للأحداث الجارية.

 

صاحب الفهم الراقي يحرص على الترابط والاتحاد والتآلف لأن الذئب دائمًا يترقب الغنم الشاردة التي تبعد عن القطيع فدائمًا يسأل عن أي أخ له في الله يغيب أو يتأخر عن الصلاة بالمسجد حتى لا ينال الشيطان منه ويهتم به ربما أن يكون ركن إلى الدنيا، لأن التفريط والتنازل كالسلم الكهربائي بمجرد أن تضع قدمك على الدرجة الأولى يأخذك السلم إلى الأسفل دون أن تشعر أو تبذل أي جهد نسأل الله العافية.

 

صاحب الفهم الراقي يركز في دعوته على تعليم العقيدة الصحيحة للناس، فالعقيدة كالروح للجسد فإذا ضعفت العقيدة أو فسدت ضعف الجسد ووهن وفسد، وإذا قويت العقيدة وترسخت ووجدت القلوب المقبلة المتفتحة قوي الجسد وتعلق صاحبه بالله، ومن ثم قويت الأمة وارتفعت وعلت.

 

فالأمة الإسلامية ما ضعفت إلا بعدما ضعف تمسك أبنائها بالعقيدة وما رجعت إلى الوراء إلا بعدما تركت دفة قيادتها لأعداء الله.

 

يقول الدكتور محمد أمين المصري - رحمه الله - في كتابه القيم المسؤولية «.. وأهم شيء في الموضوع تكوين رجل العقيدة، ذلك الإنسان الذي تصبح الفكرة همه: تقيمه وتقعده ويحلم بها في منامه وينطلق في سبيلها في يقظته..

 

ذلك أن رجل العقيدة سهم يندفع في تحقيق أهدافه، وهو إنسان ملأت نفسه عقيدته، فهو يعيش من أجلها ويرضى بكل أذى في سبيلها ويبذل جهده وكل غالٍ ورخيصٍ، ورجل العقيدة أعظم ذخر نقدمه للعقيدة وأكبر رصيد نعده في سبيل نصرتها.

 

رجل العقيدة إن لم تكن لديه الوسائل الكاملة سعى في إيجادها ولو كان أمرها مستحيلاً، فالوسيلة الفعالة القوية هي تكوين أمثال هؤلاء الرجال.

 

والإصلاح الذي نرقبه لا يتم إلا في إيجاد أمثال هؤلاء»[1].

 

هكذا يصحح صاحب الفهم الراقي لكثير من الشباب والشيوخ والعامة والخاصة المفاهيم المغلوطة والتي ظل أكثر الناس عليهاً سنيناً يحسبون أنها من الدين ويحسبون أنهم مهتدون، ثم اكتشفوا بعد ذلك أنها من البدع والخرافات ومن العادات والتقاليد المخالفة للدين.

 

صاحب الفهم الراقي يركز على تربية وتكوين وإعداد رجل العقيدة لكي يواجه الصعاب التي تقابله وهو يسير في طريقه إلى الله فيتحمل ما يجده من عقبات، فيشعر عندما يلتزم ويستقيم بهذا الدين أنه ولد من جديد وأنه يقطع صلته بحياته الماضية التي عج فيها بجاهليته بكل أركانها إلى حياته الجديدة مثل ما كان يفعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم أجمعين الذين تربوا على مفهوم لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله.

 

ما نطق الناطقون إذ نطقـوا أحسن مـن لا إلـه إلا هـو

تبــارك ذو الجــلال ومـــــن أشهــد أنـه لا إلـه إلا هـو

مـن لذنوبي ومن يمحصها غيرك يا من لا إله إلا هو

جنــان خـــلـد لمن يوحـــده أشهــــد أنـه لا إلـه إلا هو

نيرانــه لا تحـــــرق مـــــن حــــقـق أن لا إلـه إلا هـو

أقـولهـا مخلصًا بلا خجـــل أشهـــــد أن لا إلـه إلا هو

 

كان الصحابة عندما يؤمن الفرد منهم ويدخل في دين الله يخلع على عتبة الإسلام ثوب الجاهلية، فإذا شعر الأخ بهذا الشعور يعطيه دفعة قوية إلى أن يتمسك بالعقيدة ويستمر في طريقه إلى الله، كل هذه المعاني لا تتحقق إلا في ظل أخوة وارتباط وتعاون وحب وألفة قائمة على فهم سليم موافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأخوة تذكره إذا نسي أو غفل وتوقظه وتدفعه إلى الإمام.

 


[1] المسؤولية ص 39:38. لمحمد أمين المصري.

______________________________________

الكاتب: إبراهيم بن أحمد الشريف