الهمة العالية و السلف
فهذا عمر بن عبد العزيز وكان صاحب همة عا لية ، ونفس طموحة – يقول : إنَّ لي نفسًا توَّاقة تمنت الإمارة فنالتها ، وتمنَّت الخلافة فنالتها ، وأنا الآن أتوق إلى الجنة ، وأرجو أن أنالها
كتب :عبدالسلام العمري البلوشي
الهمة العالية الرفيعة هي صفة جميلة مهمة يتصف بها العظماء، الهمة تقوي الرجال و تعليهم و ترفعهم، العظماء جهودهم رهينة هذه الصفة العالية، الأنبياء و الصحابة رضي الله عنهم كلهم اتصفوا بهذه الصفة و تحلوا بها، قال الله تعالی: {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} ، الهمة العالية و القوة الإيمانية جعلت العظماء أن يصبروا علی الشدائد و المصائب و النكبات، و لم يضعفوا أمام الباطل،
قال الشاعر:
إذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
إذا ما طمحت إلی غاية
لبست المنی و نسيت الحذر
و من لا يحب صعود الجبال
يعيش أبد الدهر بين الحفر
السلف الصالح انجزوا أكبر إنجازات علمية تعليمية ثقافية بعدما اتصفوا بهذه الصفة الرفيعة، بقدر الكد تكتسب المعالي من طلب العلی سهر الليالي، و لا يحصل العلی بالمنی، الذي يقضي أيامه في التسويف و التكسل و البطالة فهو إنسان فاشل ضعيف يبقی في حفر الدنيا، التاريخ الإسلامي مليئ بالهمة، الصحابة رضي الله عنهم افتتحوا الدنيا و اسقطوا الإمبراطوريات الغاشمة المغطرسة في بكرة أبيها بالهمة و النشاط و الحيوية، فتح الفرس و الروم و الخلافة الأموية و العباسية و العثمانية و الأندلس نتيجة الهمة العالية التي تحلی بها عظماء الإسلام، هؤلاء اسسوا الحضارت و العلوم و علم الصناعة و التكنولوجيا و التقنية بعدما تحلوا بحلية الهمة، الإسلام صاغ إرادة الأمة العربية المنزوية المتخلفة عن ركب البشرية و وهبها قوة و إرادة و همة قوية جرأة عظيمة لفتح البلدان، العراقيل و المشاكل المحيطة بهم لم تمنعهم من تنفيذ القوانين الإلهية، بل ذابت الجبال أمام همتهم و قوة إرادتهم الوطيدة.
يقول عمارة اليمني:
إن كبرت سني فلي همة لم يتأثر فضلها بالكبر ما ضرني غدر الليالي
وقد وفي لي السمع ونور البصر ولا خبا مصباح ذكري ولي فكر سليم ولسان ذكر
اليوم هذه الأمة العظيمة التي كانت تستضيء منها الأمم و تتعلم منها الإنسانية و القيم الأخلاقية و الأسرية، صارت أمة بائسة فاقدة الإرادة، عديمة التأثير، انزوت عن قيادة ركب البشرية، فقدت قيادتها و شوكتها و عظمتها، اليأس و القنوط و البطالة و ضعف الهمة اضعفها و خلّفها عن مسيرتها و أهدافها و مبادئها، اليوم المسلمون يتسكعون في دياجير الفشل و الهزيمة، يغربلون الأفكار اللادينية، يركنون إلی الغرب في الصناعة و التكنولوجيا و التقنية، الهمة العالية عبارة عن تركيز كافة جهدك علی اكتشاف إيجابياتك و نقاط قوتك، و التخلص من السلبيات و نقاط الضعف و الخمول، يا أخي الفاضل تقدم و كن واعيا طماحا، خطط و برمج لحياتك، فكر في كيفية انقاذ مستقبل المسلمين من الهزيمة الشرسة و الأوضاع الساخنة التي حلت بهم، استعد لتطوير مشاريع أمتك، أنت قلب نابض لهذه الأمة، لاتصغر نفسك و لاتهينها، بل كن واثقاً بالله تعالی و قدراتك و مهاراتك الذاتية، كن كالطائر الطماح يطير في جوف السماء و يخرقه بجناحيه،وكما أن الطائر يطير بجناحيه ، كذلك يطير إنسان طماح ذو الهمة العالية بهمته فيحلق به لأعلى الآفاق ، طليقة من القيود التي تكبل الأجساد.
من أبرز و أقوی صفات صاحب الهمة العالية في هذه الدنيا أنه لا يكترث بكثرة العوائق وبنيات الطريق ، فشعاره دائمًا فإذا عزمت فتوكل علی الحي الذي لايموت و لا يفنی، فهذا عمر بن عبد العزيز وكان صاحب همة عا لية ، ونفس طموحة – يقول : إنَّ لي نفسًا توَّاقة تمنت الإمارة فنالتها ، وتمنَّت الخلافة فنالتها ، وأنا الآن أتوق إلى الجنة ، وأرجو أن أنالها، فيا أخي الفاضل كن صاحب نفس تواقة طماحة جرية، دع الكسل و البطالة، طالع حياة الصحابة رضي الله عنهم، هم كانوا صناع الحياة ، وهم قيادات المستقبل ، وبهم تسموا الأمم ، وبهم يُرفع قدرها ، ويعلو شأنها ، فلولا أهل الهِمم، لما قامت لأمة الإسلام قائمة،الذين تربوا على القرآن والسنة ، فهانت عليهم المصاعب ، وباعوا الغالي والنفيس ، من أجل أمتهم ، فمنهم من ضحى بحياته وماله، في سبيل رفع راية الإسلام ، و منهم من ارخص حياته و روحه للإسلام، وهو يفتخر بذلك ، ومنهم من وهب حياته ، للدفاع عن الإسلام بالسيف ، ومنهم من دافع عنه باللسان، أنت أمين سرِّ هذه الأمة العظيمة، الأمة ترتقي و تزدهر و تعلو بك.
- التصنيف: