يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله....
إن لم يرحمك مولاك هلكت ، وإن لم يهدك ضللت ، وإن لم يطعمك جعت ، وإن لم يحفظك اختطفت ، وإن لم يأخذ بيدك ضعت ،
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى الله }
من أنفع الوصايا في سلوك الطريق إلى الله : أن لا ترى لنفسك مع ربك حالا ، ولا مقاما ، ولا سببا ، ولا شيئا ، وإنما تدخل على بابه سبحانه وأنت فقير ، مسكين ، ضعيف ، مفلس ، جاهل ، ضائع ، عاجز ، ذليل ، محتاج ، متضرع ، ليس لك شيء ، ولا بك شيء ، ولا منك شيء .
إن لم يرحمك مولاك هلكت ، وإن لم يهدك ضللت ، وإن لم يطعمك جعت ، وإن لم يحفظك اختطفت ، وإن لم يأخذ بيدك ضعت ، وإن لم يوفقك خذلت ، وإن لم ينصرك هزمت ، وإن لم يثبتك فتنت .
إذا كان المعنى وصل إليك فالحمد لله على التوفيق ، وإن لم يكن وصل بعد فخذه من أحد فرسان هذا الباب ، وأساتذة تلك المعاني التي تذاق وتعاش ، أكثر مما توصف ويعبر عنها ، قال ابن القيم رحمه الله :
" أقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس : فلا يرى لنفسه حالاً ولا مقاماً ولا سبباً يتعلق به ولا وسيلة منه يمن بها. بل يدخل على الله تعالى من ضرورته إلى ربه عز وجل، وكمال فاقته وفقره إليه، وأن في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة، وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى، وأنه إن تخلى عنه طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تجبر، إلا أن يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته ، ولا طريق إلى الله أقرب من العبودية، ولا حجاب أغلظ من الدعوى " الوابل الصيب ص 7 .
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: