هل تستطيع الهند أن تكون قوة عالمية؟

منذ 2021-06-27

اجتهدت الحكومات الهندية المتعاقبة في توفير قاعدة بشرية وعلمية وتكنولوجية، ومراكز أبحاث علمية ومعاهد ومعامل متخصصة ومفاعلات نووية، وهي العناصر التي تمثل البنية الأساسية في أي برنامج نووي


«الهند قوة عالمية وليست قوة إقليمية فقط»

هذا تصريح لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أثناء زيارتها الهند عام 2009م، تدشن به تحالفاً أمريكياً هندياً. حينها اختارت الولايات المتحدة الهند باعتبارها قوة صاعدة تواجه بها النفوذ الصيني الذي أوشك أن يُفقِد أمريكا تربعها على عرش القوى العالمية. ولكن تاريخياً وقبل ذلك في عام 1974م وضعت الهند قدمها في نادي القوى الكبرى عندما أجرت أول تفجير نووي.

والآن بعد مرور هذه السنوات: هل أصبحت الهند بالفعل قوة دولية عظمى؟ هل لدى الهنود حلم وطموح يرتقي لتلك الغاية؟ وهل تخطط الدولة الهندية لكي تكون قوة عظمى؟ وهل لدى هذه الدولة إمكانيات تؤهلها لتتبوأ تلك المكانة؟

للإجابة عن هذه الأسئلة ينبغي علينا تحديد عوامل صعود الدول وتصاعد تأثيرها على النظام الدولي لتكون من الدول الكبرى.

فقد حدد خبراء العلاقات الدولية عدة عوامل، كلما اجتمعت في دولة زادت فرصها لتنضم إلى نادي الدول الكبرى، منها:

• توافر إمكانيات الصعود من جغرافيا سياسية وقدرات مختلفة.

• وجود إرادة لدى النظام السياسي للصعود.

• صياغة إستراتيجية مناسبة.

• بيئة محلية وإقليمية ودولية مواتية.

• فما هي درجة توفر تلك العوامل في الهند؟

الجغرافيا السياسية للهند

تقع الهند في جنوب آسيا، وهي سابع أكبر دولة من حيث المساحةُ التي تتجاوز مساحتها 3.2 مليون كم مربع، والثانية من حيث عددُ السكانِ الذي يبلغ أكثر من 1.2 مليار نسمة، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان الهند عدد سكان الصين في عام 2028م لتصبح أكثر بلدان العالم سكاناً.

يحد الهند المحيط الهندي من الجنوب، وبحر العرب وباكستان من الغرب، وخليج البنغال وبنغلاديش وميانمار من الشرق، والصين ونيبال وبوتان من الشمال، وتعتبر الهند أن حدود جامو وكشمير مع أفغانستان هي ضمن حدود دولة الهند وذلك بحكم الأمر الواقع نتيجة الاحتلال العسكري بعد حرب عام 1947م، وللهند خط ساحلي يصل طوله إلى 7.517 كيلو متراً (4.700 ميل).

وهناك تنوع بشري ولغوي وثقافي واسع وكبير في الهند حيث يتحدث سكانها ما يقرب من 22 لغة.

حدود الهند الطبيعية هي حدود ما يُعرَف جغرافياً بشبه القارة، لأن المياه تحيط بالهند من جهة الشرق والغرب والجنوب، مياه المحيط الهندي وبحر العرب وبحر البنغال، وما يمنع كونها قارة هو شمالها حيث تمتد حدود برية تتمثل في جبال الهمالايا وهندوكوش وكاراكورام، ولكن الدولة الهندية الحالية لا تتبع حتى حدود شبه القارة وهذا هو جوهر معضلتها؛ فباكستان وبنغلاديش ونيبال تقع أيضاً داخل شبه القارة ولكن هي دول انفصلت لأسباب تاريخية وعقائدية، وباتت تشكل تهديدات أمنية كبيرة للهند، وهو ما يسلب الهند قوة سياسية حيوية كان في وسعها تسخيرها لإثبات هيمنتها في دائرتها الإقليمية وخارجها.

أما عنصر الضعف الجغرافي الآخر فيكمن في حدود الهند الشمالية الغربية وسهولة التدفق منها إلى قلب الهند، وتاريخياً كانت قبائل الباشتون الأفغانية وغيرها تغزو شبه القارة الهندية؛ ولذلك فإن احتلال الهند لكشمير هو في الأساس لأسباب إستراتيجية تتمثل في حماية حدود الهند الشمالية الغربية وجعلها حاجزاً وسداً منيعاً أمام هذا التدفق، والجدير بالذكر أن سهولة تدفق القبائل الباشتونية إلى الهند هي التي مكنت الجيش الباكستاني من الاحتفاظ بثلث كشمير في الحرب التي اندلعت بينهما وقتها.

 

وجود إرادة:

هذه النوايا لدى صانع القرار السياسي الهندي أو النخبة السياسية للصعود في مصاف الدول الكبرى يمكن قياسها في محاولات الدولة الهندية المبكرة والدؤوبة لامتلاك سلاح نووي: فبعد الاستقلال بعام واحد أُصدر قانون الطاقـة الذرية، وفي العام التالي 1949م أنشئت لجنة الطاقة الذرية، وفي عام 1950م تم إنشاء وحدة البحث عن الخامات النادرة التي تستخدم في البرامج النووية مثل اليورانيوم، وبعد أربع سنوات تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية، وفي عام 1955م أنشأت الهند أول مفاعل بحثي بقدرة واحد ميغاوات، وبمساعدة من إنجلترا وفرنسا بدأ العمل في العام التالي، وفي العام نفسه بدأ التعاون مع كندا، إذ أنشئ مفاعل قوَّته أربعون ميجاوات يعمل باليورانيوم الطبيعي، وفي عام 1957م بني مصنع لإنتاج اليورانيوم المنضب من خامات محلية، واستكملت الهند سنة 1964م دورة الوقود النووي على المستوى البحثي والتجريبي، ومنذ ذلك التاريخ وطوال عشر سنوات قامت بعمليات إجراء فصل البلوتونيوم، وفي عام 1974م كان التفجير النووي الهندي الأول الذي وصفته بأنه من أجل أغراض سلمية، وبعد التفجير استمرت الهند في تطوير قدرتها النووية، إذ بدأت في تشغيل مفاعل قدرته مائة ميغاوات عام 1985م، وهو ما جعل الهند أكثر قدرة على إجراء التفجيرات وامتلاك السلاح النووي، وهو ما حدث بالفعل في مايو 1998م عندما أجرت خمسة تفجيرات نووية على مدى يومين.

لقد اجتهدت الحكومات الهندية المتعاقبة في توفير قاعدة بشرية وعلمية وتكنولوجية، ومراكز أبحاث علمية ومعاهد ومعامل متخصصة ومفاعلات نووية، وهي العناصر التي تمثل البنية الأساسية في أي برنامج نووي، كما أنها قد عملت جاهدة على تدبير الخامات النووية اللازمة، ووفرت التمويل اللازم للبرنامج النووي، وهو ما مكنها في النهاية من امتلاك الأسلحة النووية التي كانت عاملاً قوياً في تصنيف الهند قوة عالمية.

 

القدرات الاقتصادية الهندية:

يعد مؤشر الاقتصاد دلالة مهمة في هذا العصر على صعود الدول في مصاف القوى الكبرى.

وفي سرعة غير عادية قفزت الهند في السنوات الأخيرة ليكون اقتصادها أقوى خامس اقتصاد عالمياً وللدلالة على ذلك، سنستعرض آخر ثلاثة تقارير نشرتها مراكز أبحاث اقتصادية عالمية صادرة العام الماضي 2020م.

التقرير الأول: وهو لمركز وورلد بوبيوليشن ريفيو البحثي (world population review) الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن مركزاً له، والذي نشره موقع فايننشال إكسبريس (Financial Express) في فبراير 2020م. يذكر التقرير أن حجم الاقتصاد الهندي بلغ 2.94 تريليون دولار، وهو ما يضعها في المركز الخامس على مستوى العالم من حيث قوةُ الاقتصاد متجاوزة بريطانيا وفرنسا، ويعد قطاع الخدمات الهندي هو الأسرع نمواً في العالم، إذ يمثل 60% من اقتصاد البلاد ويستوعب 28% من العمالة بحسب التقرير، وأشار التقرير أيضاً إلى أن قطاعي الصناعة والزراعة يحتلان مركزين بارزين في الاقتصاد الهندي.

وبعد نشر التقرير بشهر في مارس 2020م نشرت مؤسسة «برايس ووتر هاوس كوبرز (Price water house Coopers) للخدمات المهنية الدولية تقريراً آخر بعنوان: «العالم في عام 2050م»، توقعت فيه أنه بحلول عام 2050م ستصبح ستة من اقتصادات الأسواق الصاعدة اليوم من بينها الهند ضمن أقوى اقتصادات في العالم متجاوزة الولايات المتحدة.

وتوقع التقرير أن تشهد الهند نمواً بمعدل 5% سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي، لتصبح واحدة من أسرع الدول نموّاً اقتصادياً في العالم. وبحلول عام 2050م ستصبح الهند ثاني أكبر اقتصاد في العالم متجاوزة الولايات المتحدة، وسترتفع حصة الهند في الناتج الإجمالي العالمي إلى 15%.

وبعد صدور هذا التقرير ومنذ شهرين فقط أصدر مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني في ديسمبر 2020م تقريراً ذكر فيه أن الهند حادت عن مسارها الاقتصادي خلال جائحة كورونا، ونتيجة لذلك تفوقت المملكة المتحدة على الهند مرة أخرى في توقعات هذا العام، ويتوقع أن يستمر هذا الترتيب حتى عام 2024م قبل أن تعود الهند إلى مكانتها مرة أخرى.

وأشار المركز إلى أن تفوق المملكة المتحدة على الهند مجدداً خلال عام 2020م جاء نتيجة لتراجع قيمة الروبية، وتوقع المركز توسع الاقتصاد الهندي بنسبة 9% عام 2021م و 7% عام 2022م. وقال المركز: «إن مسار النمو العالمي سيشهد صعود الهند إلى ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030م، متجاوزة المملكة المتحدة في عام 2025م وألمانيا في عام 2027م واليابان في عام 2030م».

ونلاحظ أن هذا التقرير توقع للهند تراجعاً للمركز الثالث بدلاً من الثاني في العشر سنوات المقبلة.

 

القدرات العسكرية:

وَفْقاً لموقع غلوبال فير بور (global fire power) الأمريكي الذي يهتم بتصنيف الجيوش في دول العالم سنوياً، فإن الجيش الهندي يحتل المرتبة الرابعة في ترتيب أقوى الجيوش العالمية بعد أمريكا والصين وروسيا.

ويصل عدد أفراد الجيش الهندي إلى 4.2 مليون جندي، بينهم 2.8 مليون في قوات الاحتياط، ومن حيث القوة الجوية يمتلك الجيش الهندي 2185 طائرة حربية، بينها 590 مقاتلة و 804 طائرات هجومية وأكثر من 700 طائرة شحن عسكري، إضافة إلى 250 طائرة تدريب بالإضـافة الى 720 مروحية عسكرية منها 15 مروحية هجومية.

ولدى الجيش الهندي أكثر من 4400 دبابة و 3150 مدرعة و 190 مدفعاً ذاتي الحركة، وأكثر من 4150 مدفعاً ميدانياً، إضافة إلى 266 راجمة صواريخ. أما من حيث القوة البحرية فيضم الأسطول البحري الهندي 295 قطعة بحرية منها حاملة طائرات واحدة و 14 فرقاطة، و 11 مدمرة، و 15 غواصة إضافة إلى 4 كاسحات ألغام.

وعلى صعيد القوة النووية فإن الجيش الهندي يمتلك ترسانة نووية تتألف من 90 إلى 110 رؤوس حربية نووية، في حين ارتفعت ميزانية الدفاع ومعدل الإنفاق السنوي للجيش الهندي في عام 2020م لتصل إلى 61 مليار دولار أمريكي، وهذا يمثل 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

خاض الجيش الهندي أربعة حروب كبيرة وعدة عمليات صغيرة: فالحروب الكبيرة كانت حرب كشمير عام 1947م ونجح جزئياً في احتلال ثلثي الولاية، بينما استطاع الجيش الباكستاني ومعه القبائل الباشتونية تخليص ثلث الولاية. ثم خاض الجيش الهندي حرباً أخرى مع الصين عام 1962م انتهت بانتصار الصين وكانت الحدود في جبال الهيمالايا المتنازع عليها ذريعة رئيسية للحرب، ونجحت الصين في السيطرة على إقليم أكساي تشين. وبعدها بثلاث سنوات في عام 1965م نجح الجيش الهنـدي في وقف تقـدم الجيش الباكستاني الذي اجتاح حدود كشـمير في محاولة لاستعادتها ودارت حرب دبابات كبيرة تفوَّق فيها الجيش الهندي في النهاية. وفي عام 1971م دعم الجيش الهندي انفصال بنغلاديـش عن باكسـتان ونجح في ذلك بعد أن تمكـن من إلحاق هزيمة ضخمة بالجيش الباكستاني.

وبالمجمل فإن أداء الجيش الهندي أمام باكستان كان جيـداً ولكـن أمام الصين لم يكن قوياً وهـذا ما ظهر في ترتيب الجيوش العالمية إذ يحتل المركز الرابع بعد الصين.

 

القدرات التكنولوجية:

استطاعت الهند تطوير صناعة هندسة البرمجيَّات عن طريق توفير فرص التدريب لمهندسين في هذا المجال، وإقامة صناعات خدمية وشركات ومشاريع أحدثت فرص عمـل لحوالي ثمانين ألـف شخص في صناعة التكنولوجيا العالمية، وشاركت في هذا المجال أكثر من مائة جامعة هندية مع الشركات العالمية الرائدة في هذه الصناعة مثل: آي بي أم، وأنتل، وميكروسوفت، واستطاعت هذه الصناعة - أي تكنولوجيا المعلومات - أن تكون أسرع القطاعات نموّاً، وتدر على الهند ما يقرب من 13 مليار دولار سنوياً.

 

القدرات السياسية:

تعرف الهند في أدبيات العلوم السياسية بأنها جمهورية ديمقراطية مستقلة، حصلت على استقلالها عام 1947م عن المملكة المتحدة، ومنذ ذلك الوقت عرف عنها أنها من أكبر النظم الديمقراطية في العالم.

تتكون الهند من خمسٍ وعشرين ولاية وسبع مقاطعات، ولها رئيس دولة، ولكن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يدير شؤون الدولة من الناحية الفعلية.

تسيَّد حزب المؤتمر الحياة السياسية الهندية لعقود، وهو يعدُّ امتداداً لغاندي الزعيم التاريخي للهندوس ثم نهرو وبعده أنديرا غاندي. يغلب على الحزب الاتجاه البراغماتي فهو من جهة يرحب بالتعددية السياسية والانفتاح على المسلمين من خلال هدف أعلنه وهو تكوين نموذج ليبرالي علماني يصهر الثقافات المتعددة، ولكن الحزب لم يقف بصرامة ضد المتعصبين الهندوس الأمر الذي فتح لهم الطريق لاقتراف مذابح ضد المسلمين والاعتداء على مساجدهم.

وقد ضعفت شـوكة هذا الحزب في العقود الأخيرة، وهو ما جعل حزب بهارتيا القومي المتعصب يتقدم الصفوف، وقد بنى هذا الحزب تقدمه على قاعدتين: الأولى: رسمه وتنفيذه لسياسات اقتصادية ناجحة ثم استثارة عواطف الهندوس الدينية والقومية ضد المسلمين.

وبالرغم من عدد السكان الكبير والأداء الاقتصادي المتقلب الذي استمر ضعيفاً لعدة عقود، والتنوع العرقي والديني الضخم؛ إلا أن الحكومات الهندية المتعاقبة ظلت حريصة على نوع من التنافس السياسي الحر الذي امتد منذ استقلال الهند حتى الآن ولم يتدخل جيشها في السياسة مثل كثير من دول الجوار، ولعل أكثر الدلالات على التأثير الإيجابي لتلك الحرية، أنه في عام 2013م وصل عدد الناخبين الهنود إلى ما يقرب من 750 مليوناً، وبلغ متوسط الإقبال على الاقتراع 50% ويزيد؛ وهذا إنما يدل على أن الهنود يأخذون الحرية على محمل الجد، وهذا من أكبر عوامل الطفرة في الاقتصاد والتكنولوجيا التي تشهدها البلاد.

 

إستراتيجية للصعود:

في زمن الحرب الباردة تبنت الهند إستراتيجية قائمة على فكرة مثالية من عدم الانحياز إلى أيٍّ من القطبين العالميين أمريكا أو الاتحاد السوفييتي، وحاولت جر كثير من الدول إلى هذه الفكرة ولكن بمرور الوقت انهارت هذه الإستراتيجية أمام الواقع، ولذلك مع نهاية الحرب الباردة تضاءل الدور الهندي ومكانة الهند على الصعيد العالمي.

ولكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي وبروز الولايات المتحدة قوة عالمية أُوْلى، أعادت الهند تموضعها في الصراع الدولي بحيث قدمت نفسها كقطب يستطيع الوقوف أمام الأطماع الصينية ولتحدَّ من سرعة صعوده، وفي الوقت نفسه قدمت الهند نفسها أيضاً شريكاً أساسياً في الحرب على الإرهاب في جنوب وشرق آسيا، فتعاونت مع الغرب في حرب أفغانستان وكثير من العمليات التي شنتها الولايات المتحدة في بلدان شرق آسيا ضد الإرهاب المزعوم، ثم كان البعد الثالث في إستراتيجيتها الصاعدة، ففعلت مثل الصين عندما اتخذت طريق الاقتصاد للصعود العالمي.

 

عقبات في طريق الصعود:

بمعطيات الجغرافيا السياسية والموارد الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والعسكرية، كان يمكن للهند البروز كقوة عالمية وتصطف بكل سهولة مع الولايات المتحدة والصين وأوروبا وروسيا، ولكن هناك عوامل ما زالت كامنة في جسد هذه الدولة تحدُّ من صعودها وبروزها قوة عالمية:

أولاً: تبقى العقبة الأساسية أمام الهند في صعودها لتكون دولة كبرى، هي وجود باكستان الذي يخصم من قوتها الإقليمية؛ فاذا لم تستطع الهند فرض هيمنتها في الإقليم وفي مجال أمنها القومي المباشر، وإذا لم تقدر على إنهاء تقسيم شبه القارة؛ فكيف تستطيع فرض قوَّتها العالمية.

ثانياً: التحدي الصيني: يقارن مراسل صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية في نيودلهي هنري تشو بين الصين والهند، فيقول: تبقى الصين بلا شك الأقوى، حيث يمثل حجم اقتصادها ضعف الاقتصاد الهندي. كما أنها تستقبل استثمارات أجنبية أكبر بـ 12 مرة مما تتلقاه الهند، فضلاً عن قيمة الصادرات الصينية التي تفوق نظيرتها الهندية بستِّ مرات. يضاف إلى ذلك أن الصين تفاخر بتوفرها على شبكة أكبر من البنية التحتية، ونسبة أقل من الأمية والفقر مقارنة مع الهند.

ثالثاً: بينما تصعد الهند في المؤشرات الاقتصادية العالمية، فإنها تتراجع إلى المرتبة الـ 120 عالمياً من حيث الدخل السنوي الفردي (3262 دولاراً) حسب أرقام البنك الدولي، ويعيش أكثر من ربع الهنود تحت خط الفقر، ومقارنة وضع الهند هذا بالولايات المتحدة وأوروبا والصين يعكس الحالة المعيشية المتدنية التي تحياها نسبة غير صغيرة من الهنود.

رابعاً: عجز الهند حتى الآن عن إيجاد صيغة مجتمعية يتم بها احتواء المسلمين الذين يعيشون على أراضيها ويمنع عنهم التعصب الهندوسي... كل ذلك يحول دون ظهور الهند دولة قوية مستقرة تتطلع أن يكون لها دور عالمي.

____________________________________
الكاتب: 
 حسن الرشيدي