يأجوج ومأجوح (1)

منذ 2021-06-28

والمراد أنه لم يكن في ذلك الردم ثقبة إلى اليوم وقد انفتحت فيه إذ انفتاحها من علامات قرب الساعة فإذا اتسعت خرجوا وذلك بعد خروج الدجال

{بسم الله الرحمن الرحيم

 

** يأجوج ومأجوج .. أسماء أعجمية لقبائل ليس لها اشتقاق في اللغة كطالوت.

** وهم من البشر بلا شك، ومن أهل النار، لما رواه البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا آدَمُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قَالَ: أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا [أي من هذه الأمة] وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ» .

 وفي رواية للبخاري: أَوِ الرَّقْمَةِ [نقش مستدير] فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ

وفي رواية لأحمد: «يُنَادَى آدَمُ فَيُنَادِيهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا آدَمُ ابْعَثْ بَعْثًا إِلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ قَالَ فَأَبْلَسَ أَصْحَابُهُ حَتَّى مَا أَوْضَحُوا بِضَاحِكَةٍ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَمَعَ خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا كَثَرَتَاهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمَنْ هَلَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ وَبَنِي إِبْلِيسَ قَالَ فَأُسْرِيَ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ أَوْ الرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ» .

فيأجوج ومأجوج سيكثرون أهل النار مع سائر الكفار. وهم أهل فساد وشر وقوة لا يصدهم شيء عن ظلم من حولهم لجبروتهم

** ومن دلائل كثرتهم ما قاله ابن حجر في الفتح حول حديث ضعيف عن تناسلهم: له شاهد صحيح أخرجه بن حبان من حديث بن مسعود رفعه (أن يأجوج ومأجوج أقل ما يترك أحدهم لصلبه ألفا من الذرية) وللنسائي من رواية عمرو بن أوس عن أبيه رفعه (أن يأجوج ومأجوج يجامعون ما شاءوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا) وأخرج الحاكم وابن مردويه من طريق عبد الله بن عمرو (أن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم ووراءهم ثلاث أمم ولن يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا) وأخرج عبد بن حميد بسند صحيح عن عبد الله بن سلام مثله [فتح الباري]. 

** وعن صفتهمَ يروى عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ خَالَتِهِ، قَالَتْ: «خَطَبَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم- النَّاسَ وَهُوَ عَاصِبٌ أُصْبُعَهُ مِنْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: لاَ عَدُوٌّ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا تُقَاتِلُوا عَدُوًّا حَتَّى تُقَاتِلُوا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، عِرَاضَ الْوُجُوهِ، صِغَارَ الْعُيُونِ، صُهْبُ الشِّعَافِ [أي حُمْرُ الشُّعُوِرِ]، وَمِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ» . [رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ].

(الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ) الترس المغطى بطبقات الجلد، والمقصود تشبيه وجوه الترك بها في تدويرها وغلظتها وكثرة لحمها (وهم من كل حدب) مرتفع من الأرض (ينسلون) يسرعون

** وقت خروجهم من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولذلك بطل زعم من يدعون الإعجاز العددي في القرآن، ويحددون وقت خروجهم بحدسهم

** ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن:

قال تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً} [الكهف:94]

قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ السَّدَّ مِثْلَ البُرْدِ المُحَبَّرِ، قَالَ: «رَأَيْتَهُ» [البخاري]

قال ابن حجر: وصله بن أبي عمر من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة «عن رجل من أهل المدينة أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- يا رسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج قال كيف رأيته؟ قال مثل البرد المحبر طريقة حمراء وطريقة سوداء قال قد رأيته» .

وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}  [الأنبياء:96] وخروجهم من أشراط الساعة الكبرى. بعدما يقتل عيسى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدجال.

** روى البخاري عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ « أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» .

 في رواية الترمذي (استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من نوم محمرا وجهه) وفي رواية البخاري دخل عليها يوما فزعا، فيجمع على أنه دخل عليها بعد أن استيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- فزعا وكانت حمرة وجهه من ذلك الفزع، وجمع بينهما في رواية سليمان بن كثير عن الزهري عند أبي عوانة فقال (فزعا محمرا وجهه)

 وخص بذلك العرب لأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم والمراد بالشر ما وقع بعده من قتل عثمان ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة كما وقع في الحديث الآخر (يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعي الأكلة على قصعتها) وإن المخاطب بذلك العرب

 قوله (فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج) المراد بالردم السد الذي بناه ذو القرنين بزبر الحديد وهي القطعة منه (مثل هذه) إشارة إلى الحلقة المبينة بقوله في رواية (وعقد عشرا) وعقد العشرة أن يجعل طرف السبابة اليمنى في باطن طي عقدة الإبهام العليا، والمراد أنه لم يكن في ذلك الردم ثقبة إلى اليوم وقد انفتحت فيه إذ انفتاحها من علامات قرب الساعة فإذا اتسعت خرجوا وذلك بعد خروج الدجال

 

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز