فكأنهم صغروا أمرها
واللبيب لا يحتقر شيئا من المعروف ، ولا يزهد في باب من أبواب الخير ، إذ لا يدري أي عمل صالح يدخله الجنة
هذا المعنى المهم يحتاج للتذكير به مرارا :
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد - أي تكنسه وتنظفه - ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها، فقالوا: ماتت، قال: « «أفلا كنتم آذنتموني» » قال: فكأنهم صغروا أمرها ، فقال: « «دلوني على قبرها» » فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: « «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم» »
فتأمل رعاك الله هذه العبارة " كأنهم صغروا أمرها "
إذ أي قيمة تذكر لكنس المسجد وتنظيفه من القمامة ؟
لكن ذلك عند الله عظيم ، وليس يضيع عنده سبحانه مثاقيل الذر ، فكيف بتنظيف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وها هي تلك المرأة قد اجتمع لها شرف الصحبة ، وشرف تنظيف مسجد رسول الله ، ثم كان خاتمة أمرها أن حظيت باهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنها ، وصلاته ودعائه على قبرها .
فلا تستصغرن في أزمنة التيه وضعف الأمة شيئا من الخير - صغر أو كبر - ولا بابا نافعا لخدمة دين الله - يتناسب مع مواهبك وقدراتك ووظيفتك أو تخصصك - تلزمه وتحسنه ، وتخلص لله فيه ، وتجعله هدفا من أهداف حياتك حتى تأتيك منيتك وأنت مقيم على ذلك .
واللبيب لا يحتقر شيئا من المعروف ، ولا يزهد في باب من أبواب الخير ، إذ لا يدري أي عمل صالح يدخله الجنة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» وربما نجا الإنسان من النار بشق تمرة يتصدق بها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد، فبكلمة طيبة»
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: