يوم عرفة .. برنامج عملي

منذ 2021-07-22

«ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة»

يوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة، يكفيك أن الله قد ذكره في القرآن، بل وأقسم به فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة …»[1]، ولكنه ليس أيام معدودات، بل ساعات معدودات، وهنا محاولة لوضع برنامج عملي يساعد المسلم والمسلمة من تحقيق أقصى استفادة منه، والبرنامج فيه ما هو خاص بيوم عرفة وفيه وما هو عام، والمسلم يملئ يومه بالعبادات في سائر العام ولا سيما الأيام الفاضلة.

قبل يوم عرفة: ينبغي للمسلم أن يعرف قدر هذا اليوم، ويستشعر فداحة الخسارة في تضييعه، وهذا يأتي بالعلم بفضائله عن طريق القراءة أو الاستماع، حيث أن لِيوم عرفة فضائل جمة فصيامه(يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)[2]، و(ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة)[3]،و(خير الدعاء دعاء يوم عرفة)[4]، كما أن (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام) [5]، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعمة، فعِلْمُك بأهمية الشيء يدفعك لاستغلاله، وحبذا الاطلاع على كتيب (55 فائدة في يوم عرفة) للمنجد حفظه الله تعالى، أو الاستماع لمحاضرة أو مقاطع دعوية متعلقة بهذه المنحة.

ليلة عرفة: في هذه الليلة يمكن قضاء جميع الأعمال الخاصة بالبيت، والمشتريات المتعلقة بالعيد، حتى لا يذهب وقت يوم عرفة في التنقل بين المحلات، وإحضار متطلبات العيد، وينبغي النوم مبكراً لكي يكون نشيطاً صبيحة يوم عرفة، ولْيَنَمْ على وضوء وقراءة الأذكار.

السحر والسحور: بعدها يستيقظ المسلم قبل الفجر ليصلي ما كتب الله له لأن (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)[6]، وهذا ينبغي أن يكون ديدن المؤمن طوال العام ففي الحديث:(واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل)[7]، و( «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ» )[8] والاستغفار وقت السحر لقوله تعالى:( {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} ) ، وقوله :( {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} )، وليتسحر لقوله صلى الله عليه وسلم:( «تسحروا فإن في السحور بركة» )[9].

 الفجر: يتابع المؤذن ويصلي ركعتي الفجر في بيته فـ(لم يكن النبي r على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر)[10]، وبعدها يذهب إلى المسجد ويصلي تحية المسجد، ويدعوا بين الأذان والإقامة لقوله صلى الله عليه وسلم:( «لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ» )[11]،  وبعد قضاءه لصلاة الفريضة وأذكارها والإتيان بأذكار الصباح يجلس إلى وقت صلاة الضحى ولها فضائل منها ما جاء الحديث القدسي:( «ابن آدم! اركع لي من أول النهار أربع ركعات؛ أكفك آخره» )[12].

لُبُّ الأعمال في يوم عرفة:

يوم عرفة هو أحد الأيام العشر حيث «(العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ)» [13] ، و( «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة» )[14] ، و( «خير الدعاء دعاء يوم عرفة» «» )[15]، وللدعاء عموماً فضل عظيم، فـ(أفضل العبادة الدعاء)[16] ، و( «ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء» )[17].وفي الحديث:( «إن الله حيى كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين» )[18].

إذاً وضحت الطريق: العمل الصالح عموماً، الدعاء خصوصاً، لاسيما  الدعاء بالعتق من النار، فعلى المسلم أن يشغل يومه كله بالدعاء وذلك لأن «(خير الدعاء دعاء يوم عرفة)» «» ، وحتى يكون دعاء أقرب إلى الإجابة لِيَتِحلَّى بآداب الدعاء.

آداب الدعاء:

ذُكِر آنفاً أن أهم وظيفة للمسلم في يوم عرفة الدعاء، فَلْيملأْ يومه كله بالدعاء ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وللدعاء آداب ينبغي التحلي بها منها:

افتتاح  الدعاء بذكر الله والثناء عليه، وختمه بالصلاة على رسول الله، فـ (كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )[19]، وعدم العجلة لأنه(يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يُستجب لي)[20] ، والتضرع والخشوع والرغبة والرهبة: قال تعالى: ( {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية} {} )،وقوله: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً)، وأن يُلحَّ في الدعاء ويعظم المسألة ويكرر الدعاء ثلاثاً فقد (كان عليه السلام إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا سأل سأل ثلاثاً)، وقال  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه)[21]، واستقبال القبلة ورفع اليدين، وإطابة المأكل والملبس وغيرها تجدها في مضانها في كتب آداب الدعاء.

وعليه أيضاً أن يترصد لدعائه الأوقات والأحوال التي فيها يستجاب الدعاء كالسجود لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِن (أي جدير) أن يستجاب لكم)[22] ، وعند الأذان فـ (إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء)[23]، وبين الأذان والإقامة لأن (الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب فادعوا)[24]، وغيرها.

بماذا ندعو:

الله سبحانه أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة فقال تعالى {(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)} ، وأعْرفُ الخلْقِ بالله هم أنبياؤه، وفي القرآن الكثير من دعوات الأنبياء في القرآن، وهم لنا قدوة ( {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} )، وأفضل الأنبياء والخلق على الأطلاق هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسنته تزخر بالعديد من الأدعية، وقد جُمِعت الدعوات التي في القرآن والسنة في كتيبات مثل: الدعاء ويليه العلاج بالرقى من الكتاب والسنة لـ سعيد بن علي القحطاني صاحب حصن المسلم، الدعاء المستجاب لـ عبدالله العلاف، مائة دعاء من الكتاب والسنة للمنجد، وجوامع الدعاء لـ خالد الجريسي وغيرها، وليحرص على جوامع الدعاء فقد كان رسول الله(يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك)[25]، وبما أننا في يوم عرفة فاكثر من سؤال الله تعالى أن يعتقك ووالديْك من النار، فـ( «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة» ).

وختاماً فإن بلوغ يوم عرفة هبة عظيمة من الله تعالى لمن وفقه الله لاستغلاله، فاغتم المواسم فلعلك لا تلقاه بعد عامك هذا.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

[1] الترمذي وحسنه الألباني

[2] مسلم

[3] أحمد وصححه الألباني

[4] الترمذي وحسنه الألباني

[5] أبو داود وصححه الألباني

[6] مسلم

[7] رواه الطبراني وحسنه الألباني

[9] متفق عليه

[10] البخاري ومسلم

[11] صحيح أبي داود

[12] أخرجه الترمذي

[13] رواه البخاري

[14] رواه الترمذي وحسنه الألباني

[15] رواه الترمذي وحسنه الألباني

[16] الحاكم، وصححه.

[17] رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني

[18] رواه أحمد، وغيره، وصححه الألباني

[19] حسنه الألباني

[20] البخاري ومسلم

[21] الطبراني وصححه الألباني

[22] مسلم

[23] صحيح الجامع

[24] صححه الألباني

[25] رواه أحمد وصححه الألباني