فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي - الجزء الثاني

منذ 2021-07-31

سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل أن من قام بدينه وشرعه لا بد أن يبتليه, فإن صبر على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقعة في سبيله, فهو الصادق

{بسم الله الرحمن الرحيم }

سورة البقرة:

* لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند, وأما الرشيد المؤمن العاقل, فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم, كما قال تعالى: ( {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} ) [الأحزاب:36]  

* الأمر بالاستبياق إلى الخيرات, قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات, فإن الاستباق إليها يتضمن فعلها, وتكميلها, وإيقاعها على أكمل الأحوال, والمبادرة إليها.

* من سبق في الدنيا إلى الخيرات, فهو السابق في الآخرة إلى الجنات, فالسابقون أعلى درجة, والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل, من صلاة, وصيام, وزكاة, وحج, وعمرة, وجهاد, ونفع متعد وقاصر.

* لو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب, لم يتخلف عنه أحد, ولكن عدم العلم اليقيني التام, هو الذي فتر العزائم, وزاد نوم النائم, وأفات الأجور العظيمة والغنائم.

* الجازع حصلت له المصيبتان فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة, وفوات ما هو أعظم منها وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ففاز بالخسارة والحرمان, ونقص ما معه من الإيمان وفاته الصبر والرضا والشكران.

* الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى, الذي يقبل من عباده اليسير من العمل, ويجازيهم عليه العظيم من الأجر, الذي إذا قام عبده بأوامره, وامتثل طاعته, أعانه على ذلك, وأثنى عليه ومدحه, وجازاه في قلبه نوراً وإيماناً وسعة, وفي بدنه قوة ونشاطاً, وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء, وفي أعماله زيادة توفيق.

* أليس من القبيح بالعباد أن يتمتعوا برزقه, ويعيشوا ببره, وهو يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه, أليس ذلك دليلاً على حلمه وصبره, وعفوه وصفحه, وعظيم لطفه ؟ فله الحمد أولاً وآخراً, وباطناً وظاهراً.

* في قوله: ( فمن عفي له من أخيه ) ترقيق وحثّ على العفو إلى الدية, وأحسن من ذلك العفو مجاناً.

* الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه, فمما اشتمل عليه من التقوى...أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه.

* من دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة, وخصوصاً إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به.

* أخبر تعالى أنه ( مع المتقين ) أي: بالعون والنصر والتأييد والتوفيق, ومن كان الله معه حصل له السعادة الأبدية.

* من لم يلزم التقوى تحلى عنه وليه, فوكله إلى نفسه, فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.   

* الإلقاء باليد إلى التهلكة...يدخل تحت ذلك أمور كثيرة, فمن ذلك:...الإقامة على معاصي الله, واليأس من التوبة, ومنها: ترك ما أمر الله به من الفرائض, التي في تركها هلاك للروح والبدن.       

*  الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه في دنياه وأخراه, فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار, وهو الموصل لأكمل لذة, وأجل نعيم دائماً أبداً, ومن ترك هذا الزاد فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر, وممنوع من الوصول إلى دار المتقين.

* ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومنّ بها على ربه, وجعلت له محلاً ومنزلةً رفيعة, فهذا حقيق بالمقت  ورد الفعل ,كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أُخر.

* قال تعالى: ( والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة ) فيكون المتقون في أعلى الدرجات, متمتعين بأنواع النعيم والسرور, والبهجة والحبور, والكفار تحتهم في أسفل الدركات, معذبين بأنواع العذاب, والإهانة, والشقاء السرمدي الذي لا منتهى له. ففي الآية تسلية للمؤمنين, ونعي على الكافرين.

* سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل أن من قام بدينه وشرعه لا بد أن يبتليه, فإن صبر على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقعة في سبيله, فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها, ومن السيادة آلتها.

* على من علّمه الله ما لم يكن يعلم, الإكثار من ذكر الله, وفيه الإشعار أيضاً بأن الإكثار من ذكره سبب لتعليم علوم أخرى, لأن الشكر مقرون بالمزيد.

* معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب, وهو: أخذ الواجب, وإعطاء الواجب وإما فضل وإحسان وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة ولو في بعض الأوقات  وخصوصاً لمن بينك وبينه معاملة أو مخالطة فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم.

* المراد بالقرض الحسن: هو ما جمع أوصاف الحسن, من النية الصالحة, وسماحة النفس بالنفقة, ووقوعها في محلها, وأن لا يتبعها المنفق منّاً ولا أذى, ولا مبطلاً ومنقصاً.

     كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ    

المقال السابق
المقدمة..
المقال التالي
الجزء الثالث