فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي - الجزء الثلاثون

منذ 2021-08-18

* قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين فليتدبر سورة ( إذا الشمس كورت )

فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي: الجزء الثلاثون

سورة النازعات:

* ( والنازعات غرقاً ) وهم: الملائكة, التي تنزع الأرواح بقوة, وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح, فتجازى بعملها, ( والناشطات نشطاً ) وهي الملائكة أيضاً تجتذب الأرواح بقوة ونشاط, أو النشط يكون لأرواح المؤمنين, والنزع لأرواح الكفار.

* ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) فإن من يخشى الله, هو الذي ينتفع بالآيات, والعبر, فإذا رأى عقوبة فرعون, عرف أن من تكبر, وعصى, وبارز الملك الأعلى, يعاقبه في الدنيا, والآخرة, وأما من ترحلت خشية الله من قلبه, فلو جاءته كل آية لا يؤمن بها.

سورة عبس:

* دلَّ هذا...أنه ينبغي الإقبال على طالب العلم المفتقر إليه, الحريص عليه, أزيد من غيره.

سورة التكوير:

* قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين فليتدبر سورة ( إذا الشمس كورت )

سورة المطففين:

* دلت الآية الكريمة على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له, يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات, بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات, فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ماله من الحجج, فيجب عليه أيضاً أن يبين ما لخصمه من الحجة التي لا يعلمها, وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو. وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه وتعسفه, وتواضعه من كبره, وعقله من سفهه.   

* في هذه الآيات التحذير من الذنوب, فإنها ترين على القلب وتغطيه, شيئاً فشيئاً, حتى ينطمس نوره, وتموت بصيرته, فتنقلب عليه الحقائق, فيرى الباطل حقاً, والحق باطلاً, وهذا من أعظم عقوبات الذنوب.

سورة الانشقاق:

* ( فأما من أوتى كتابه بيمنه ) وهم أهل السعادة, ( فسوف يحاسب حساباً يسيراً ) وهو العرض اليسير على الله, فيقرره الله بذنوبه حتى إذا ظن العبد أنه قد هلك, قال الله تعالى: إني فد سترتها عليك في الدنيا, وأنا أسترها لك اليوم. ( وينقلب إلى أهله ) في الجنة. ( مسروراً ) لأنه قد نجا من العذاب, وفاز بالثواب.

سورة البروج:

* ( إن بطش ربك لشديد ) أي: إن عقوبته لأهل الجرائم والذنوب العظام, لقوية شديدة, وهو للظالمين بالمرصاد.

* ( الودود ) الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء, فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال والمعاني والأفعال, فمحبته في قلوب خواص خلقه التابعة لذلك. لا يشبهها شيء من أنواع المحاب, ولهذا كانت محبته أصل العبودية, وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها, وإن لم يكن غيرها تبعاً لها كانت عذاباً على أهلها.

وهو تعالى الودود, الوادُّ لأحبابه, كما قال تعالى: ( يجبهم ويحبونه ) والمودة هي المحبة الصافية.

سورة الطارق:

* ( يوم تبلى السرائر ) أي: تختبر سرائر الصدور, ويظهر ما كان في القلوب, من خير وشر, على صفحات الوجوه, كما قال تعالى: ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) ففي الدنيا ينكتم  كثير من الأشياء, ولا يظهر عياناً للناس, وأما يوم القيامة, فيظهر برُّ الأبرار, وفجور الفجار, وتصير الأمور علانية.

سورة الأعلى:

* ( فذكر ) بشرع الله وآياته, ( إن نفعت الذكرى ) أي: مادامت الذكرى مقبولة, والموعظة مسموعة, سواء حصل من الذكرى جميع المقصود, أو بعضه, ومفهوم الآية أنه إذا لم تنفع الذكرى, بأن كان التذكير يزيد في الشر, أو ينقص من الخير, لم تكن مأموراً بها, بل هي منهي عنها.

* ( قد أفلح من تزكى ) أي: قد فاز وربح من طهر نفسه, ونقاها من الشرك, والظلم, ومساوئ الأخلاق.    

* ( والآخرة خير وأبقى ) خير من الدنيا, في كل وصف مطلوب, وأبقى لكونها دار خلد وبقاء, والدنيا دار فناء, فالمؤمن العاقل لا يختار الأردأ على الأجود, ولا يبيع لذة ساعة بترحة الأبد, فحب الدنيا وإيثارها على الآخرة رأس كل خطيئة.

سورة الفجر:

* ( إن ربك لبالمرصاد ) لمن يعصيه, يمهله قليلاً ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.

* الغنى والفقر, والسعة والضيق, ابتلاء من الله, وامتحان يمتحن به العباد, ليرى من يقوم بالشكر والصبر, فيثيبه على ذلك, الثواب الجزيل, ومن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل.

* ( يقول أهلكت مالاً لبداً ) أي: كثيراً,...سمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي, إهلاكاً لأنه لا ينفع المنفق بما أنفق, ولا يعود إليه من إنفاقه إلا الندم والخسارة.

سورة الشمس:

* ( قد أفلح من زكاها ) أي: طهر نفسه من الذنوب, ونفاها من العيوب, ورقاها بطاعة الله, وعلاها بالعلم النافع, والعمل الصالح.

سورة الليل

* ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى ) أي: ليس لأحد من الخلق على هذا الأتقى نعمة تجزى, إلا وقد كافأه عليها, وربما بقي له الفضل والمنة على الناس, فتمخض عبداً لله, لأنه رقيق إحسانه وحده. وأما من بقيت عليه نعمة الناس, فلم يجزها ويكافئها, فإنه لا بد أن يترك الناس, ويفعل لهم ما ينقص إخلاصه.   

سورة الضحى:

* ( وأما السائل فلا تنهر ) أي: لا يصدر منك كلام للسائل يقتضى رده عن مطلوبه, بنهر وشراسة خلق, بل أعطه ما تيسر عندك, أو ردّه بمعروف وإحسان, ويدخل قي هذا السائل للمال, والسائل للعلم.

* المعلم مأمور بحسن الخلق مع المتعلم, ومباشرته بالإكرام, والتحنن عليه, فإن في ذلك معونة له على مقصده, وإكراماً لمن يسعى في نفع العباد والبلاد.

* ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية, أي: أثن على الله بها, وخصها بالذكر إن كان هناك مصلحة. وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق, فإن التحدث بنعمة الله داع لشكرها, وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها, فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.

سورة الشرح:

* ( فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً ) بشارة عظيمة, أنه كلما وجد عسر وصعوبة, فإن اليسر يقارنه ويصاحبه, حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه, كما قال تعالى: ( سيجعل الله بعد عسر يسراً ) وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ وإن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسراً.]

* ( فإذا فرغت فانصب ) أي: إذا تفرغت من أشغالك, ولم يبق في قلبك ما يعقوه, فاجتهد في العبادة والدعاء....ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا, وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره, فتكون من الخاسرين.

سورة التين:

* أكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم, مشتغلون باللهو واللعب, قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمر, وسفساف الأخلاق, فردهم الله في أسفل سافلين, أي: أسفل النار, موضع العصاة, المتمردين على ربهم, إلا من منَّ الله عليه بالإيمان, والعمل الصالح, والأخلاق الفاضلة العالية.

سورة العلق:

* الإنسان لجهله وظلمه إذا رأى نفسه غنياً طغى وبغى, وتجبر عن الهدى, ونسي أن لربه الرجعى, ولم يخف الجزاء. بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه, ويدعو غيره إلى تركه.

سورة الزلزلة:

* ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) وهذا فيه الترغيب في فعل الخير ولو قليلاً, والترهيب من فعل الشر ولو كان حقيراً.

سورة العاديات

*  ( وإنه لحب الخير  لشديد ), ( وإنه ), أي: الإنسان, ( لحب الخير ) أي: المال,  ( لشديد) أي: كثير الحب للمال, وحبه لذلك هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه, قدم شهوة نفسه على رضا ربه. وكلُّ هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار, وغفل عن الآخرة.

سورة التكاثر:

* ( ألهاكم ) عن ذلك المذكور ( التكاثر ) ولم يذكر المتكاثر به, ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون, ويفتخر به المفتخرون, من الأموال, والأولاد, والأنصار, والجنود, والخدم, والجاه, وغبر ذلك, مما يقصد به مكاثرة كل واحد للآخر, وليس المقصود منه وجه الله. فاستمرت غفلتكم ولهوتكم وتشغالكم ( حتى زرتم المقابر ) فانكشف حينئذ لكم الغطاء, ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه.

* ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) أي: لو تعلمون علماً يصل إلى القلوب, لما ألهاكم التكاثر, ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة, ولكن عدم العلم الحقيقي صيّركم إلى ما ترون

* ( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ) الذي تنعمتم به في دار الدنيا, هل قمت بشكره, وأديتم حق الله فيه, ولم تستعينوا به على معاصيه, فينعمكم نعيماً, أعلى منه وأفضل, أم اغتررتم به, ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به العاصي, فيعاقبكم على ذلك.

سورة الهُمزة:

* ( ويل ) أي: وعيد ووبال وشدة عذاب, ( لكل همزة لمزة ) أي: الذي يهمز الناس بفعله, ويلمزهم بقوله, فالهماز: الذي يعيب الناس ويطعن عليهم بالإشارة والفعل, واللماز: الذي يعيبهم بقوله.

* البخل يقصف الأعمال, ويخرب الديار, والبر يزيد في العمر

سورة قريش:

* رغد الرزق, والأمن من الخوف, من أكبر النعم الدنيوية, الموجبة لشكر الله تعالى.

سورة الماعون:

* ( عن صلاتهم ساهون ) أي: مضيعون لها, تاركون لوقتها, مخلون بأركانها.

سورة الفلق:

* الحاسد. هو: الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها, بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره, وإبطال كيده.

* يدخل في الحاسد, العاين, لأنه لا تصدر العين, إلا من حاسد شرير الطبع, خبيث النفس.

* هذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور, عموماً وخصوصاً, ودلت على أن السحر له حقيقة, يخشى من ضرره, ويستعاذ بالله منه, ومن أهله.

سورة الناس:

* هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس, ومالكهم, وإلههم, من الشيطان, الذي هو أصل الشرور كلها, ومادتها, الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس, فيحسن لهم الشر, ويثبطهم عن الخير, ويريهم إياه في صورة غير صورته, وهو دائماً بهذه الحال, يوسوس, ثم يخنس, أي: يتأخر عن الوسوسة, إذا ذكر العبد ربه, واستعان على دفعه.

والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس, ولهذا قال: ( من الجِنّة والناس )

خاتمة

قال العلامة السعدي رحمه الله: الحمد لله رب العالمين, أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً, ونسأله تعالى أن يتم نعمته, وأن يعفر لنا ذنوبنا, التي حالت بيننا وبين كثير من بركاته وخطايا وشهوات بقلوبنا عن تدبر آياته, ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا, فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون, ولا يقنط من رحمته إلا الضالون, وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                     كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

المقال السابق
الجزء التاسع والعشرون