فوائد في العقيدة من مصنفات العلامة الفوزان
وهذه ثمرة الإيمان بالملائكة أن الإنسان يحصن نفسه من الأقوال والأعمال السيئة التي تُكتب عليه ويحاسب عنها يوم القيامة[محاضرات في العقيدة والدعوة:1/302]
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن العلماء المتأخرين: العلامة صالح بن فوزان الفوزان, والشيخ له مصنفات كثيرة, يسّر الله الكريم لي فقرأت بعضها, وانتقيت منها فوائد في العقيدة, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
مسألة القول بخلق القرآن, مسألة خطرة جداً:
قال الشيخ: مع الأسف أن بعض الكتاب اليوم يقولون: مسألة القول بخلق القرآن أو عدم خلقه مسألة لا طائل تحتها, ولا تحتاج إلى انقسام, والإمام أحمد مخطئ عندما امتنع من هذه المقالة, أو هذه أمور سياسية, هم عذّبوا الإمام أحمد ليس من أجل موقفه من القول بخلق القرآن, بل عذبوه لأنهم يخافون أن يقلب الناس عليهم, فهي مسألة سياسية. هكذا يقول هؤلاء الكتاب الجهال أو المغرضون, ويقولون: مسألة القول بخلق القرآن لا تستحق كل هذا. هكذا يقولون, لأنهم إما جهال لم يدركوا الخطر, وإما أنهم مغرضون معتزلة, ويريدون أن تمرّ هذه المسألة على الناس, ويُقال: لا تستحق كل هذه الجلبة. هذا موجود الآن في كتاباتهم...وفي المؤلفات.
فالحاصل أني نبهت على هذا, لئلا يغتر أحد بكتابات هؤلاء, ويقول: المسألة سهلة, والمسألة لا تحتاج إلى كل هذه الردود. ونقول: بل المسألة خطرة جداً, فإذا نفينا أن القرآن كلام الله, إذا ماذا يبقى معنا ؟ وبالتالي تبطل الشريعة, إذا هُدم الدليل لها, والمصدر الأول لها بطلت, وهذا غرض المؤسسين لهذه المقالة الخبيثة, وإن كان كثير من أتباعهم لا يدركون هذا الغرض, ولكن هذا هو المقصود, يكفي أن هذه المقالة جاءت من اليهود, على يد الجعد بن درهم, الذي تلقاها عن اليهود.[ شرح رسالة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب إلى أهل القصيم لما سألوه عن عقيدته:62_63]
الحوار بين الأديان:
قال الشيخ: هذه دعوة باطلة, تعقد لها الآن مؤتمرات وندوات, وتنفق فيها أموال للدعوة للتقارب بين الأديان, يسمونه: الحوار بين الأديان, سبحان الله! حوار بين إيمان وكفر؟ وبين شرك وتوحيد؟ بين أعداء الله وأولياء الله[شرح مسائل الجاهلية29]
وقال: فقد ظهرت في الآونة الأخيرة مقولة: " الحوار بين الأديان ", وهي فكرة لاقت رواجاً, وصار يعقد لها لقاءات ومؤتمرات, وهي فكرة خطيرة يجب التأمل فيها وفي أهدافها على النحو التالي:
1-إن كان المحاورون يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم, ويؤمنون بما أنزل عليه من ربه, وجب عليهم اتباعه, وترك ما هم عليه, لأنه صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى العالمين كافة, قال الله تعالى له: ( { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } ) [الأعراف:158] والرسول يطاع ويتبع: ( { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } ) [النساء:64] ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) [القصص:50]
2- إن كانوا لا يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم, وكان الهدف من الحوار معهم بيان بطلان ما هم عليه, ودعوتهم إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه, فهذا الحوار مشروع, وقد جاء به القرآن الكريم: ( { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} ) [آل عمران:64]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: [ إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب, فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله الله, وأن محمداً رسول الله] الحديث
3- إن كانوا لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم, ولا يقبلون الدعوة إلى الإسلام, بل يريدون منا أن نعترف بصحة دينهم ونوافقهم عليه, فإنه لا يجوز الحوار معهم لعدم الجدوى منه, ولما في ذلك من إقرار الباطل, وهو لا يكفون عن شرهم وعداوتهم للمسلمين, ولا يرضون إلا أن نترك ديننا, وندخل في دينهم: ( {وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا} ) [البقرة:135] ( { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} ) [البقرة:11] ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق )
[البقرة:109] والذين يدعون إلى الحوار معهم, هم: الذين يقتلون المسلمين شر قتلة الآن, ويشردونهم من ديارهم. ( { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} ) [البقرة:120] [البيان لأخطاء بعض الكتاب:2/60]
وقال: الذين ينادون بالحوار بين الأديان الثلاثة يريدون بذلك أن تعترف بدينهم, ودينهم باطل, فكيف نعترف به وهو كفر, ثم إذا اعترفنا بدينهم لا يرضيهم إلا أن نتخلى عن ديننا, فهم يريدون الأمرين:
أولاً: أن نعترف بدينهم, فنقول: أنتم على دين صحيح, وهذا لا يجوز وهو ردة عن الإسلام, فنحن لا نصحح الكفر, ولا نعترف أنه دين صحيح.
ثانياً: ثم لا يرضيهم أنك تعترف بدينهم, بل لا بد أن تترك دينك, ويقولون: ما دمتم اعترفتم أن ديننا صحيح فلماذا تخالفوننا ؟ تعالوا معنا من أجل أن نؤيدكم وننصركم ونحميكم. هذا الذي يريدون, فالواجب على المسلمين أن ينتبهوا لدسائس الكفار.[شرح رسالة الدلائل في حكم موالاة أهل الاشراك. للشيخ سليمان بن عبدالله محمد بن عبدالوهاب:71]
حرية العقيدة:
قال الشيخ: من الذي قال: إن الناس أحرار في عقيدتهم ؟ لو كان الناس أحراراٍ في عقيدتهم ما بعث الله الرسل, ولا أنزل الكتب, ولصار كل يأخذ حريته في الضلال, لكن الناس مأمورون بتوحيد الله وإفراده بالعبادة وهذه هي الحرية...فالحرية في عبادة الله وحده لا شريك له أما الرق فهو في عبادة غير الله[التعليقات التوضيحية على مقدمة الفتوى الحموية:57]
وقال الشيخ: القول بحرية الأديان قول باطل يلزم عليه تعطيل الجهاد في سبيل الله, وقد قال الله: ( {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} ) [البقرة:193] ويلزم عليه أنه لا حاجة إلى إرسال الرسل وإنزال الكتب للأمر بعباده الله وحده. ويلزم عليه أنه لا يجوز قتل المرتد الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله في قوله: ( { من بدل دينه فاقتلوه} ) [البيان لأخطاء بعض الكتاب:2/67]
سحر تخييلي:
السحر على نوعين: سحر حقيقي, وسحر تخييلي...يعمل أشياء يُخيل إلى الناس أنها صحيحة وهي غير صحيحة يُخيل للناس أنه يقلب الحجر حيوان أو أنه يقتل شخصاً ويحييه, يقطع رأسه ثم يرده, أو أنه يجر السيارة بشعره أو بأسنانه, أو أن السيارة تمشى عليه ولا تضره, أو أنه يدخل النار, أو يطعن نفسه بالحديدة. كل هذه من أنواع الشعوذة, وهي لا حقيقة لها, مثل سحر سحرة فرعون ( يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) [طه:66] هذا سحر تخييلي وهذا يسمونه القمرة, التي يعملها الساحر على أعين الناس, ثم إذا انتهت القمرة عادت الأشياء إلى حقيقتها...والسحر تعلُّمه وتعليمه كفر بالله عز وجل.[سلسة شرح الرسائل: نواقض الإسلام:229]
خطورة إحياء الآثار:
قال الشيخ: إننا أذا سكتنا عن تعظيم الآثار, والعناية بها, وإحيائها, فسيئول ذلك إلى عبادتها, ولو على المدى البعيد, لأن هذا العمل تمهيد لذلك _ شئنا أم أبينا _ وسيأتي جيل جاهل يزين لهم الشيطان عبادة تلك الآثار المهيأة كما فعل بقوم نوح.
والذين يدعون إلى إحياء الآثار أو يقومون بإحيائها وإن كانوا لا يقصدون شراً _ نحسبهم كذلك إن شاء الله _ إلا أنهم مهدوا السبيل لمن يريد الشر في المستقبل, ولو غير القريب, فيتحملون الإثم.
إن الأمة ليست بحاجة إلى إحياء الآثار الترابية وإنما هي بحاجة إلى إحياء السنة النبوية واقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة[البيان لأخطاء بعض الكتاب:2/7_37]
وقال: الجاهلية هي التي تُعظم آثار أنبيائها,....وهناك من يطالبون الآن بذلك, يقولون: ابنوا على الآثار التي مرَّ بها الرسول, وجلس فيها, ابنوا عليها من أجل الذكرى, وهذا كلام باطل, نحن لا نفعل شيئاً لم يفعله سلفنا الصالح, ولو كان هذا مشروعاً لسبق إليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم, وما هلكت الأمم إلا بمثل هذه الأفعال, فإحياء آثار المعظمين يجرّ إلى الوثنية, كما حدث في قوح نوح والأمم السابقة, ولا يقال: إن الناس الآن على وعي من دينهم, فلا نخاف عليهم, لأنها تأتي أجيال جاهلة فيزين لها الشيطان الوثنية, ولأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة.
ولا تؤمن الفتنة على أحد كما قال الخليل عليه السلام: ( {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} ) [إبراهيم:35] [شرح مسائل الجاهلية, للإمام محمد بن عبدالوهاب: 228_229]
ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر:
قال الشيخ: إن من أعظم ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر صحة إيمان الشخص بتكامل أركانه, لأن الإيمان بذلك من أركان الإيمان الستة, التي لا يتحقق إلا بها كما دلّ على ذلك الكتاب والسنة, ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر طمأنينة القلب وارتياحه وعدم القلق في هذه الحياة عندما يتعرض الإنسان لمشاق الحياة, لأن العبد إذا علم أن ما يصيبه فهو مقدر لا بد منه ولا راد له. واستشعر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطائك لم يكن ليصيبك ) فإنه عند ذلك تسكن نفسه ويطمئن باله, بخلاف من لا يؤمن بالقضاء والقدر فإنه تأخذه الهموم والأحزان, ويزعجه القلق حتى يتبرم بالحياة, ويحاول الخلاص منها, ولو بالانتحار كما هو مشاهد من كثرة الذين ينتحرون فراراً من واقعهم, وتشاؤماً من مستقبلهم, لأنهم لا يؤمنون بالقضاء والقدر, فكان تصرفهم ذلك نتيجة حتمية لسوء اعتقادهم, وقد قال الله تعالى: ( {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور } ) [الحديد:22_23] فأخبرنه سبحانه أنه قدر ما يجري من المصائب في الأرض وفي الأنفس, فهو مقدر ومكتوب, لا بد من وقوعه مهما حاولنا دفعه, ثم بين الحكمة من إخباره لنا بذلك لأجل أن نطمئن فلا نجزع ونأسف عند المصائب, ولا نفرح عند حصول النعم فرحاً ينسينا العواقب, بل الواجب علينا الصبر عند المصائب وعدم اليأس من روح الله, والشكر عند الرخاء وعدم الأمن من مكر الله, ونكون مرتبطين لالله في الحالتين.
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر تحويل المحن والمصائب إلى أجر, قال تعالى: ( {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} ) [التغابن:11] قال علمقة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة, فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده, ولا يهاب الموت, لأنه يعلم أن الموت لا بد منه, وأنه إذا جاء لا يؤخر, لا يمنع منه حصون ولا جنود, ( {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة } ) [النساء:78] (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) [آل عمران:154] وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأداء وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين.
وكذلك بالإيمان بالقضاء والقدر يتوفر الإنتاج والثراء, لأن المؤمن إذا علم أن الناس لا يضرونه إلا بشيء قد كتبه الله عليه, ولا ينفعونه إلا بشيء قد كتبه الله له فإنه لن يتواكل, ولا يهاب المخلوقين, ولا يعتمد عليهم, وإنما يتوكل على الله, ويمضي في طريق الكسب, وإذا أصيب بنكسة ولم يتوفر له مطلوبه فإن ذلك لا يثنيه عن مواصلة الجهود ولا يقطع منه باب الأمل, ولا يقول: " لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا " ويمضي في طريقه متوكلاً على الله مع تصحيح خطئه, ومحاسبته لنفسه, وبهذا يقوم كيان المجتمع, وتنتظم مصالحه, وصدق الله حيث يقول: ( {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} ) [الطلاق:3]
[ الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والالحاد: 229]
أثر الإيمان بالملائكة على حياة الإنسان:
قال الشيخ: الإيمان بالملائكة له أثر عظيم في حياة الإنسان, فإذا شعر الإنسان بذلك فإنه يتحفظ, وإذا عرف أنه موكل به ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار, فإنه يتحفظ أن يكتبوا عليه شيئاً لا يليق به, فلو درى أن هناك مباحث تتابعه, ألا يتحفظ خشية أن يمسكوا عليه كلاماً أو فعلاً يتضرر بعاقبته ؟!
إذن, كيف لا يتحفظ من الملائكة وهو لا يراهم ؟! البشر تراهم, الذي تراه يراقبك تأخذ حذرك منه....لكن الملائكة تراك ولا تراها...البشر ممكن أن تتحصن منهم, قد تدخل البيت أو تغلق على نفسك, والملائكة أعطاهم الله عز وجل القدرة في أن يصلوا إلى أي مكان أمرهم الله بالوصول إليه, ولهذا نبهنا فقال الله: ( وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون ) [الأنفطار:10-12] قالها الله عز وجل لنتنبه.
وهذه ثمرة الإيمان بالملائكة أن الإنسان يحصن نفسه من الأقوال والأعمال السيئة التي تُكتب عليه ويحاسب عنها يوم القيامة[محاضرات في العقيدة والدعوة:1/302]
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: