محو الذاكرة التاريخية

منذ 2021-10-02

‏** يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها، وكلما طال تهميش إنسانها يصبح كالبهيمة، لا يهمه سوى اللقمة والغريزة.

بسم الله الرحمن الرحيم

المخططات لمحو كيان الأمة الإسلامية متشعبة سواء في مصدرها من غربي حاقد وداخلي مخدوع أو عميل، وسواء في تنوعها فمنها ما يركز على هوية الأمة سواء تاريخها أو لغتها أو دينها، ومنها ما هو عائق لمنع تقدمها المادي وحصرها في إطار ثقافة الاستهلاك والعيش عالة على ما تنتجه الآلة الغربية الحديثة والمتطورة.

ومما يشجع على نجاح هذه المخططات تلك المعادلة التاريخية المشهورة في أن «المغلوب دائما مولع بتقليد الغالب»، وهذا يضمن تبعية غربية في كل شيء سطحي وهامشي لا جوهري من أزياء وأطعمة وأعياد وتقاليد ... والمحصلة شعوب مغيبة لا ينتظر منها نهوض، وعدو واع بما يدبر لهذه الأمة بليل ونهار.

ومن شُعب هذه المخططات محاولة تأطير التراث الإسلامي بإطارين: سياسي وزماني. يدَّعون أن الفقهاء خضعوا للسلطان وتحدثوا بما يريد، مع أن الأئمة الأربعة كانوا أبعد ما يكون عن مولاة السلطان، فأبو حنيفة توفي في السجن، ومالك جلد وضرب لأنه لم يطاوع السلطان، والشافعي لم يقف بباب أحد، ومعارضة أحمد بن حنبل تنير الأفق

وأشهر ما يتناقل عن الفقهاء هو البعد باب السلطان. وأشهر ما نفاخر به في نموذجنا الحضاري هو أن المجتمع كان مستقلًا بوظائفه لا دخل للسلطان، فكما يقول برنارد لويس [في حوارٍ تلفزيوني منشور]: أصغر ديكتاتور في الشرق الآن يتمتع بأضعاف أضعاف ما تمتع به أكبر خليفة في تاريخ المسلمين من سلطة. [معركة الرموز .. محمد جلال القصاص]
ومن شعب المخططات إن قضايانا بعد الاحتلال الغربي حادثة ومن جنس قضاياهم، فلم تناقش الأمة من قبل ما يعرف بـ (قضايا المرأة)، ولم يجادل أحد في (تحكيم الشريعة)

‏** يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها، وكلما طال تهميش إنسانها يصبح كالبهيمة، لا يهمه سوى اللقمة والغريزة.

عِندما تَنهار الأَوطان يَكثر المُنَجِمون والمُتَسَوّلون والمُنَافِقُون والمُدَّعون والقَوَّالون والمُتَصَعلِكون، وضَارِبوا المَندَل وقَارئوا الكَف والطَالع، والمُتَسَيسون والمَداحُون والإِنتِهَازيون، فَيَختَلطُ ما لا يُختَلط، ويَختَلطَ الصِدق بِالكَذب والجِهاد بِالقَتل، ويَسود الرُعب ويَلوذَ النَاسُ بِالطَوائف، ويَعلو صَوت البَاطل ويَخفُت صَوت الحَق، وتَشح الأَحلام ويَموت الأَمل، وتَزداد غُربة العَاقل، ويُصبِحَ الانتماء إِلى القَبيلَةِ أَشَد إِلصَاقاً وإِلى الأَوطان ضَرباً مِن ضَروبِ الهَذَيَان.

** ليلة ضرب إسرائيل للجيش المصري عام١٩٦٧، كانت كل الإذاعات تذيع حفل أم كلثوم الشهري...نجحت الحفلة وخسرنا القدس والجولان والضفة وبضعة آلاف من الرجال وعار عسكري أبدي..

واليوم نوجه عناية أطفالنا إلى عالم الغناء والرقص، وإلى عالم الرياضة
نتنافس في ماذا وعلى ماذا وضدّ  من!!! رحمكم الله...

آلاف المطربين والمطربات والرياضيين والرياضيات لن يشبعوا جائعا ولن يخففوا آهات مريض ولن يبنوا سقفا لمشرد..

الأغاني والرياضة أفيون جديد للشعوب، فكيف نجعل أطفالنا ومجتمعنا يتعاطاه.

إننا نتآكل..

لكني أقولها لكم بصدق:

حين تفرش السجادة الحمراء للمطربين والرياضيين، ونجعلهم قمما شامخة في المجتمع.

وحين يعتبر فوز مغني أو فريق رياضي انتصار وطني ترفع له الرايات وتكتب له التهاني و الأماني.

وحين يكسب مطرب أو لاعب في ليلة بمقدار ما يجنيه معلم طوال عمره

فإننا أمام أمة مطلوب منها أن تبقى راكعة في محراب الجهل والتفاهة والشهوات والسحت..

 

 

                                                                              جمع وترتيب

د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com

 

 

 

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز