نبي الله لوط عليه السلام ومواجهته للفساد الأخلاقي
إن هناك شريحة أثمرتها حضارة العصر تسمى "شريحة الشواذ" والشاذُّ هو الغريب المستغرب غير المألوف عند أصحاب العقول، لكن يبدو أن ثوب الحضارة واسعٌ للجميع.
العنصر الأول التعريف بنبي الله لوط:
من هو لوط؟
هو: سيدنا لوط بن هاران تاح، ابن أخي الخليل إبراهيم، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم، وقد أرسل الله لوطًا إلى قومه في عهد نبي الله إبراهيم عليه السلام.
أين ولد نبي الله لوط؟
في أرض بابل.
لماذا سمي لوط بهذا الاسم؟
لم يكن لفظ لوط اسمًا مكروهًا، فلقد كرم الله الأنبياء والرسل ورفع قدرهم، وإنَّما سمي بذلك لشدة حبه لعمه.
وقد ورد ذكر لوط عليه السلام في القرآن سبعًا وعشرين مرة.
إخوة الإيمان: لقد تحدث القران الكريم عن قصة نبي الله لوط عليه السلام؛ عن دعوته، وعن مواجهته للفساد الأخلاقي، وعن انتكاس فطرة قومه، وقد جاء ذكر قصته مع قومه في سور ثمان: الأعراف، هود، الحجر، الشعراء، النمل، العنكبوت، الصافات، القمر، أما السور الأخرى الباقية فقد أشارت إشارات سريعة إليه عليه السلام.
العنصر الثاني: لوط عليه السلام ودعوة قومه إلى عبادة الله وطاعته وتقواه:
معاشر الأحباب: دعا لوط عليه السلام أهل سدوم إلى الدين الحق وإلى طريق مستقيم، وصدَّر دعوته بالأمر بتقوى الله؛ إذ هي ملاك الأمر كله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 163]، ثم أخبرهم - شأن الرسل عليهم صلوات الله أجمعين - أنه رسول أمين، وأنه لا يسألهم أجرًا على دعوته لهم إلى الحق المبين؛ {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 164].
العنصر الثالث: لوط عليه السلام ومواجهته للفساد الأخلاقي:
واجه لوط عليه السلام أغرب ظاهرة في تاريخ البشري، ألا وهي ظاهرة الشذوذ الجنسي... وهي ظاهرة غريبة في تاريخ الجماعات البشرية، فقد يشذ أفراد لأسباب مرَضية نفسية أو لملابسات وقتية فيميل الذكور لإتيان الذكور، وأكثر ما يكون هذا في معسكرات الجنود حيث لا يوجد النساء، أو في السجون التي يقيم فيها المسجونون فترات طويلة معرضين لضغط الميل الجنسي، محرومين من الاتصال بالنساء. أما أن يشيع هذا الشذوذ فيصبح هو القاعدة في بلد بأسره، مع وجود النساء وتيسر الزواج، فهذا هو الحادث الغريب حقًّا في تاريخ الجماعات البشرية! لقد جعل الله من الفطرة ميل الجنس إلى الجنس الآخر، لأنه جعل الحياة كلها تقوم على قاعدة التزاوج.
فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36]، فجعل الأحياء كلها أزواجًا، سواء نبات الأرض والأنفس وما لا يعلمه الناس في شتى المخلوقات. والتزاوج يبدو أصيلًا في بناء الكون كله - فضلا على الأحياء - فالذرة ذاتها مؤلفة من كهارب والكترونات؛ أي من كهربائية إيجابية وأخرى سلبية، وهي وحدة الكائنات المكرورة فيها جميعًا كما يبدو حتى الآن.
يبدأ لوط عليه السلام دعوته لقومه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل: 54 - 58].
إخوة الإسلام: عجب في عبارته الأولى من إتيانهم هذه الفاحشة، وهم يبصرون الحياة في جميع أنواعها وأجناسها تجري على نسق الفطرة، وهم وحدهم الشواذ في وسط الحياة والأحياء... وصرح في عبارته الثانية بطبيعة تلك الفاحشة.
ومجرد الكشف عنها يكفي لإبراز شذوذها وغرابتها لمألوف البشرية، ولمألوف الفطرة جميعًا. ثم دمغهم بالجهل بمعنييه: الجهل بمعنى فقدان العلم، والجهل بمعنى السفه والحمق. وكلا المعنيين متحقق في هذا الانحراف البغيض، فالذي لا يعرف منطق الفطرة يجهل كل شيء، ولا يعلم شيئًا أصلًا، والذي يميل هذا الميل عن الفطرة سفيه أحمق معتد على جميع الحقوق!
فماذا كان جواب قوم لوط على هذا الاستنكار للانحراف، وهذا التوجيه إلى وحي الفطرة السليمة؟
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن عبده لوط، عليه السلام: أنه أنذر قومه نقمة الله بهم، في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكور دون الإناث، وذلك فاحشة عظيمة؛ استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، قال: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} أي: يرى بعضكم بعضًا، وتأتون في ناديكم المنكر؟ {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} أي: لا تعرفون شيئًا لا طبعًا ولا شرعًا... [1].
قال ابن سعدي: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} أي: الفعلة الشنعاء، التي تستفحشها العقول والفطر، وتستقبحها الشرائع، {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} ذلك، وتعملون قبحه، فعاندتم، وارتكبتم ذلك، ظلما منكم، وجرأة على الله.
ثم فسر تلك الفاحشة فقال: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} أي: كيف توصلتم إلى هذه الحال، فصارت شهوتكم للرجال، وأدبارهم، محل الغائط والنجس، والخبث، وتركتم ما خلق الله لكم من النساء من المحال الطيبة، التي جبلت النفوس على الميل إليها. وأنتم انقلب عليكم الأمر، فاستحسنتم القبيح، واستقبحتم الحسن. {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}؛ متجاوزون لحدود الله، متجرئون على محارمه...[2].
العنصر الرابع: اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون:
فما كان رد قوم لوط عليه السلام على لوط؟
يخبرنا الله تعالى عن سفه وعن جهل وعن كبرياء هؤلاء الأقزام فيقول سبحانه وتعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}؛ أيٌّ انقلابٍ، في المعاييرِ؟ وأي ردةٍ، في المقاييس يمكن أن يرتكسَ فيها الإنسان إذا جرَت به الأهواءُ فصار من الأشقياء؟!
قول الله - تعالى -: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11]؛ الذين يُفسِدون أشنعَ الفساد، ويقولون: إنهم مُصلِحون كثيرون جدًّا في كل زمانٍ... يقولونها لأنَّ الموازينَ مُختَلَّةٌ في أيدِيهم!
ومتى اختلَّ ميزانُ الإخلاصِ والتجرٌّدِ في النفسِ اختلَّت سائرُ الموازينِ والقيم... والذين لا يُخلِصُون سَريرتَهم لله يَتعذَّرُ أن يَشعُروا بفسادِ أعمالِهم؛ لأنَّ ميزانَ الخيرِ والشرِّ والصلاحِ والفسادِ في نفوسِهم يتأرجحُ مع الأهواء الذاتية ولا يثُوب إلى قاعدةٍ، ربّانية.
العنصر الخامس: الملائكة في بيت لوط عليه السلام:
إخوة الإسلام قبل أن يرسل الله تعالى عليهم العذاب أرسل الله عز وجل إلى لوط عليه السلام ملائكةً بصفة حسنة؛ جبريل وميكائيل وإسرافيل في صور شباب مرد حسان، محنة من الله واختبارًا لقوم لوط، فأضافهم لوط عليه السلام وهو خائف عليهم من قومه، ولكن زوجته السوء العجوز الشريرة بعثت إلى قومها فأعلمتهم بأضياف لوط، فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان، يريدون أولئك الشباب المرد الحسان، وأغلق لوط دونهم الباب، فجعلوا يحاولون كسر الباب وذلك عشية، ولوط عليه السلام يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه، ويقول لهم: {هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الحجر:71] أي: نساؤهم. {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود: 79] يريدون فاحشة اللواط، فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول، خرج عليهم جبريل عليه السلام، فضرب أعينهم بطرف جناحه فانطمست أعينهم، يقال: أنها غارت من وجوههم، ويقال: إنه لم تبق لهم عيون بالكلية، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان، ويتوعدون لوطًا عليه السلام إلى الصباح، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 37].
ولقد جاءت الملائكة لوطًا عليه السلام، تأمره بالخروج من بين أظهر أولئك؛ لأن العذاب قد حان نزوله بهم، قال الله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65]، صدر الأمر العظيم من إله الأولين والآخرين: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحجر: 66].
العنصر السادس: عقاب الله لقوم لوط عليه السلام:
أمر الله تعالى نبيه لوطًا عليه السلام أن يأخذ من معه من المؤمنين وأن يخرجوا آخر الليل؛ {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65].
والسرى سير الليل، والقطع من الليل جزؤه. وقد كان الأمر للوط أن يسير بقومه في الليل قبل الصبح، وأن يكون هو في مؤخرتهم يتفقدهم ولا يدع أحدا منهم يتخلف أو يتلكأ أو يتلفت إلى الديار على عادة المهاجرين الذين يتنازعهم الشوق إلى ما خلفوا من ديارهم فيتلفتون إليها ويتلكؤون. وكان الموعد هو الصبح والصبح قريب: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحجر: 66].
وأطلعناه على ذلك الأمر الخطير: أن آخر هؤلاء القوم - وهو دابرهم - مقطوع في الصباح. وإذا انقطع آخرهم فقد انقطع أولهم والتعبير على هذا النحو يصور النهاية الشاملة التي لا تبقي أحدًا، فلا بد من الحرص واليقظة كي لا يتخلف أحد ولا يتلفت، فيصيبه ما يصيب أهل المدينة المتخلفين.
بشاعة العقوبة بقدر بشاعة الذنب:
أخي المسلم: بعد أن تعرفنا على شناعة المعصية وعظم الجرم تأمل وتصور ذلك العذاب! تصور تلك القرى وجبريل عليه السلام يرفعها بجناحه ثم يقلبها عليهم: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر:74 - 77].
نعم يخبر الله جل وعلا أنهم أخذتهم الصيحة، وهي ما جاءهم به من الصوت القاصف عند شروق الشمس، وهو طلوعها وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء ثم قلبها وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم، أمر الله جبريل -وهو ملك من ملائكة الرحمن له ستمائة جناح - أمر الله جبريل عليه السلام فاقتلع ديارهم بجناح واحد من أصولها، ورفعها إلى السماء الدنيا، حتى سمع الملائكة نباح الكلاب وصياح الديكة، فقلبها عليهم ثم اتبعهم الله بحجارة من سجيل منضود، فتلكم قرية سدوم الذي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي، والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة، في طريق مهيع مسلكه مستمر إلى اليوم، وهو المعروف بـ البحر الميت، الذي لا يعيش فيه شيء.
العنصر السادس: قومُ لوطٍ الجُدُد الشواذ:
أيها الأحباب:إن هناك شريحة أثمرتها حضارة العصر تسمى شريحة الشواذ والشاذُّ هو الغريب المستغرب غير المألوف عند أصحاب العقول، لكن يبدو أن ثوب الحضارة واسعٌ للجميع.
خرجوا على الدنيا من قلب حضارتهم بمظاهراتٍ واحتفالاتٍ ومطالب تَسْتَجْلِبُ حمرة الخجل وتوجب المعَرَّةَ والندم.
إن أسفل الناس وأقلهم أخلاقًا - في قديم الأزمان - حيث التخلف والبداوة، لم يكن يدور بخلده أبدًا أن الدنيا ستجود على أهلها بهذه النماذج المنحطة، شيء لا يتصوره خيال (الآدميين) أن تنطلق ثلةٌ منكسةُ الفطرةِ ومجردةٌ من طهرة إنسانيتها إلى هذا الدرك الأسفل من التعاطي لسلوك شاذ، ثم تزداد الصفاقة والسمادة إلى حد التظاهر ورفع الصوت.
إذا لم تخش عاقبة الليالي ** ولم تستح فاصنع ما تشاء
إن ما يجنيه الشواذُّ اليوم من ثمرات الاعتراف بكيانهم في بلاد التحضر قد بدا غرسه منذ زمان، فقد [نشرت جريدةُ الأهرام القاهريَّة بتاريخ 30/ 11/1967 م ما يلي: وافق تسعون من رجال الدين الأمريكيين في ندوةٍ عقدوها في نيويورك على عدم استنكار ممارسة الشذوذ الجنسي إذا كانت قائمة على عاطفة الحب].
أي حبٍّ هذا الذي يطمس الفطرة ويعطل النسل ويورث الداء العضال؟
وهل تتغير معاني الحب وتتسفل إلى درك الغرائز المحرمة؟ إن الحب في عمق معناه أنقى وأطهر من أن يتداوله الشواذ والمخنثون.
واليوم.. قد تم اعتماد الشواذ للالتحاق بالجيوش نظرًا لكثرتهم في المجتمعات (المتحضرة) وقد صار هذا من البروق والعروض التي يتاجر بها الساسة ضمن برنامجهم الانتخابيّ.
ولتشابه الصورة في أوروبا فقد صرح مرجعٌ دينيٌّ هام بما يفيد مزيد التدليل والتكريم، وتضاعف العطف لهذه الشريحة الاجتماعية غير الملومة في فكره، فقد [قال رئيس أساقفة السويد: أنه ينبغي إباحة تزويج المثليين في الكنيسة.. وهو اقتراحٌ مثيرٌ للجدل حتى في دولةٍ كانت سباقةً في الاعتراف ببعض الحقوق للمثليين، وقال رئيس الأساقفة كيد جى هامر للصحفيين: رأينا هذا الزواج يعطي أولوية لجانب الحب بدلًا من التناسل، وهذا يفتح الباب لفهم الحب الذي ليس بين رجل وامرأة.
وسمحت السويد منذ 1995 م للمثليين بتسجيل أنفسهم كرفقاء، وهذا يعطيهم نسبيًا نفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها الزواج المدني وهي أيضًا من بين الدول القليلة التي تسمح للمثليين بتبني أطفالٍ بموجب قانون صدر العام الماضي... ومن المتوقع أن يثير تأييد رئيس الأساقفة لزواج المثليين احتجاج بعض الأساقفة].
العنصر السابع: عقوبة من عمل عمل قوم لوط في الإسلام:
إخوة الإسلام: وفي زماننا انتكست الفطر، وانقلبت الموازين، وزين لبعض بني البشر ما زين لقوم لوطٍ وانساق بعض شباب الأمة وراء تلك النزغات والنزعات الشيطانية وجهل كثير من المسلمين بعقوبة تلك الجريمة الشنعاء وما يؤول إليه حالهم.
ولما كانت تلك الجريمة تتنافى مع الأخلاق والآداب، وتغضب الجبار جل وعلا، جاء فيها وعيدٌ شديدٌ؛ عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط» [3].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط» [4].
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا الفاعل والمفعول به» [5].
وجه الاستدلال بالأحاديث السابقة:
أنها دلت دلالة صريحة على أن اللواط مما يوجب استحقاق لعن صاحبه، وإقامة حد القتل على الفاعل والمفعول، وأنه من أعظم الأمور التي خاف منها الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته، فدل ذلك على أن اللواط كبيرة من كبائر الذنوب.
واعلَم أنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - لَم يختلفوا في أنَّ حكم مَن فعَل تلك الفاحشة القتل، ولكن اختَلفوا في كيفيَّته، وإليك ما قاله الإمام الشوكاني - رحمه الله - حول عقوبة مَن فعَل ذلك: وما أحقُّ مُرتكب هذه الجريمة، ومُقارف هذه الرذيلة الذميمة، بأن يُعاقب عقوبة يَصير بها عبرةً للمعتبرين، ويُعذَّب تعذيبًا يَكسِر شهرة الفَسَقة المتمردين، فحقيقٌ بمَن أتى بفاحشة قوم ما سبَقهم بها من أحدٍ من العالمين، أن يَصلَى بما يكون في الشدَّة والشناعة مشابهًا لعقوبتهم، وقد خسَف الله تعالى بهم، واستأصَل بذلك العذاب بِكرهم وثَيِّبَهم؛ ا. هـ.
[1] تفسير ابن كثير ج 6 ص 209.
[2] تيسير الكريم الرحمن ج 5 ص 587.
[3] سنن الترمذي مع تعليقات الألباني، أبواب الحدود، باب ما جاء في اللوطي (345) قال الألباني رحمه الله: (صحيح).
[4] أخرجه الإمام أحمد في المسند، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنه (5 /26)، قال الذهبي في التعليق على الحاكم (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) (3 /395).
[5] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، السابع والثلاثون من شعب الإيمان وهو باب في تحريم الفروج وما يجب من التعفف عنها (4 /351) قال الزيلعي: (وهو حديث في إسناده مقال، ولا نعلم أحدا رواه عن سهيل بن أبي صالح غير عاصم بن عمر العمري، وهو يضعف في الحديث من قبل حفظه) نصب الراية (3 /339).
______________________________________________________
الكاتب: السيد مراد سلامة