إن هو إلا عبد أنعمنا عليه
{ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ }
{ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ }
أول جملة نطق بها نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام وهو في المهد : الإعلان الواضح الصريح بالعبودية لله سبحانه {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ }
ثم طوال دعوته ظل يقرر هذا المعنى ويرسخه كما هو حال إخوانه من الأنبياء والمرسلين {( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ )}
وفي موقف المشهد العظيم حينما يسأله ربه هل قال للناس أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله ، تبرأ عليه السلام من ذلك ، ونزه الرب سبحانه عن تلك المقالة الشنيعة ، وذكر خلاصة دعوته { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ }
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " «من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله، وابن أمته، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء "»
فتأمل أولا : هذا الاقتران العجيب بين الشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه عبد الله ورسوله ، وبين الشهادة لعيسى عليه السلام بأنه عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، لتعلم أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا إذا آمن بنبوة هذين الرسولين الكريمين والنبيين العظيمين .
ثم تأمل ثانيا : هذا التفصيل في حق عيسى ، وأنه لا بد من الشهادة له بأنه عبد لله ، وابن أمة من إماء الله وهي مريم عليها السلام ، وليس إلها ، ولا ابن إله ، ولا ثالث ثلاثة ، فالحمد لله على نعمة التوحيد .
{( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )}
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: