المنتقى من كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي - عجائب القلب

منذ 2022-01-14

إذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يحبب إليه التصنع والتزين لمن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس

 

اعلم أن مثال القلب مثال حصن, والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن, فيملكه ويستولي عليه, ولا يقدر على حفظ الحصن إلا بحراسة أبواب الحصن ومداخله, ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يدري أبوابه. ومن أبواب الشيطان:

الغضب, والحسد:

الغضب هو غول العقل, وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان, ومهما غضب لعب الشيطان به, كما يلعب الصبي بالكرة.

والحسد من أعظم مداخله.

الشبع على الطعام:

 وإن كان حلالاً صافياً, فإن الشبع يقوي الشهوات, والشهوات أسلحة الشيطان. ويقال في كثرة الأكل ست خصال مذمومة:

أولها: أن يذهب خوف الله من قلبه.

الثاني: أن يذهب رحمة الخلق من قلبه, لأنه يظن أنهم كلهم شباع.

الثالث: أنه يثقل عن الطاعة.

الرابع: أنه إذا سمع كلام الحكمة لا يجد له رقة.

الخامس: إذا تكلم بالموعظة والحكمة لا يقع في قلوب الناس.

السادس: أنه يهيج الأمراض.  

البخل وخوف الفقر:

فإن ذلك هو الذي يمنع الإنفاق والتصدق, ويدعو إلى الادخار والكنز.

الطمع في الناس:

إذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يحبب إليه التصنع والتزين لمن طمع فيه بأنواع الرياء والتلبيس,...وأقل أحواله الثناء عليه بما ليس فيه, والمداهنة له بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

العجلة وترك التثبت في الأمور:

قال عز وجل: { وكان الإنسان عجولاً} [الإسراء:11] وهذا لأن الأعمال ينبغي أن تكون بعد التبصرة والمعرفة, والتبصرة تحتاج إلى تأمل وتمهل, والعجلة تمنع ذلك, وعند الاستعجال يروج الشيطان شره على الإنسان من حيث لا يدري.

سوء الظن بالمسلمين:

قال الله تعالى:  {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم} [الحجرات:12] فمن يحكم بشرٍ على غيره بالظن, يحثه الشيطان أن يطول فيه اللسان بالغيبة, وينظر إليه بعين الاحتقار ويرى نفسه خيراً منه.

العلاج في سدِّ مداخل الشيطان:

فإن قلت: فما العلاج في دفع الشيطان ؟

فاعلم أن علاج القلب في ذلك: سد هذه المداخل بتطهير القلب من هذه الصفات المذمومة, لأن حقيقة الذكر لا تتمكن من القلب إلا بعد عمارة القلب بالتقوى, وتطهيره من الصفات المذمومة فإن أردت الخلاص من الشيطان فقدّم الاحتماء بالتقوى ثم أردفه بدواء الذكر يفرُّ الشيطان منك ولذلك قال وهب بن منبه اتق الله, ولا تسب الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السرّ أي: أنت مطيع له وقيل: يا عجباً لمن يعصى المحسن بعد معرفته بإحسانه, ويطيع اللعين بعد معرقته بطغيانه.

          كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

المقال السابق
أخلاق النبوة
المقال التالي
رياضة النفس (1)