لا أحد أحفظُ للمعروف من الله

منذ 2022-01-20

أما رأيتَ كيف أرسلَ نبياً وولياً صالحاً ليُقيما جدار غلامين يتيمين لأن أباهما كان صالحا؟!

بسم الله الرحمن الرحيم 

كان مجلسه دوماً مدرسةً للدين والدنيا معاً، يكفي أن تقرأ سيرته بعقلك لتفهم، وأن تقرأ بقلبك لتتهذَّبَ وتلين! وإلى مجلسه جاء الأقرع بن حابس، وفي المجلس الحسن بن علي، طفلٌ صغيرٌ يلعب، فأخذه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقبَّله…
فقال له الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلتُ أحداً منهم قط!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
«من لا يَرحم لا يُرحم» !

وجاءه أعرابي، والحسن بين يديه طفلا صغيرا يلعب، فأخذه وقبَّله، فقال الأعرابي: تُقبِّلون الصبيان؟ أما نحن فما نُقبِّلهم!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
«أَوَأملكُ لكَ أنْ نزعَ اللهُ من قلبك الرَّحمة» !
«من لا يَرحَمُ لا يُرحم» !

إنَّ من عدل الله سبحانه أنه جعل الجزاء من جنس العمل! جزاء الخير خيرٌ مثله، وجزاء الشر شر مثله!

ما غرقَ فرعونُ إلا لأنه كان يقول «أليسَ لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي»! فأجرى الله تعالى ماء البحر من فوقه!
وإخوة يوسف عليه السلام الذين ألقوه بأيديهم في الجب، مدُّوا أيديهم بعد ذلك يستعطونه لمّا صار عزيز مصر!
وإن الشهيد لا يُفتن في قبره لأنه تكفيه بارقة السيوف فتنة!


وإنَّ أول المخلوقات يُكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ذلك لما أكلتْ النار التي ألقاه فيها قومه من ثيابه!
هذه الدنيا تدور، وكل ساقٍ سيُسقى من الكأس التي سقى منها غيره، إن خيراً فخير، وإن شراً فشرّ!


كل صدقة تضعها في يد فقير هي حفظ لك أن تقف ذات يوم تمدُّ يدك وتطلب الصدقة من أحد!


كل مريضٍ أنفقتَ في علاجه هو حصانة أن يُصيبك ذلك المرض!


كل دمعةٍ مسحتها بيدك هي يد تخبئها للزمن إن جرتْ يوماً دمعتك!


كل يد مساعدة أقمتَ فيها متعثراً هي يد تخبئها للغد، إن تعثرتَ وجدتَ من يُقيمك!

.
كل مظلوم أعنته هو جندي تُخبئه للغد يُعينك إن ظُلمتَ يوماً!


كل كلمة طيبة قلتها في غياب أحد هي كلمة طيبة سيقولها أحد عنك في غيابك!


كل عرضٍ دافعتَ عنه كأنه عرضك هو عرضك الذي تحميه في المستقبل إن أراد أحد أن ينال منه!


حتى الدعاء للميت هو دعاء لكَ تخبئه حين تموت، فكلما رفعتَ يدك تدعو لميت سيجعل الله من يرفع يديه ليدعو لك وأنتَ ميت!


لا أحد أحفظُ للمعروف من الله، أما رأيتَ كيف أرسلَ نبياً وولياً صالحاً ليُقيما جدار غلامين يتيمين لأن أباهما كان صالحا؟!
___________________________________________________
بقلم: أدهم شرقاوي