من سجايا الغروب

منذ 2022-02-23

شمس النهار التي شرعت في الاتشاحِ بلون الأصيل قد أشاحت بوجه الحرور عن نسائم صيف ناعمة قادمة، لتعيد تمشيطًا لشجرة صفصافتنا القديمة الكائنة بين ساقية جدِّي المعطلة من زمن بعيد..

شمس النهار التي شرعت في الاتشاحِ بلون الأصيل قد أشاحت بوجه الحرور عن نسائم صيف ناعمة قادمة، لتعيد تمشيطًا لشجرة صفصافتنا القديمة الكائنة بين ساقية جدِّي المعطلة من زمن بعيد، وعليها نقش لثور ذي قرنين توشك معالم رسمه أن تختفي من تعاقب الشموس على الكواكب، فضلًا عن حقول تنتظر الحراث والدراس، وأنا ذلك المسلطن حينها على أريكة خشبية من صنع جدي القديم قد دكت أوتادها دكًّا في جزوع الصفصافة الصابرة التي لم تتوقف عن منحة الظل يومًا إلا نزولًا على رغبة الخريف العارمة!

 

ويكاد سلطان النوم أن يقهر مقلتي الناظرتين لهذا البديع الكوني والسكون الباعث على تداعي الأفكار وإرهاصات القصص الجميل، وما زلت أسعد بما أحياه حتى أرسل لي صديقي الآخر عَبر منصات التواصل "صورةً لحقل وشاحنة نقل، وشمس ساطعة، وعمال بقبعات كرعاة البقر، وينتظر منى أن أعلِّق أو أُبدي إعجابًا، أو وإشعارًا بالدهشة، فلم أتوان عن أن أرسل له تلك الإشعارات، فبعث لي بعلامة إعجاب كبرى؛ امتنانًا بما أرسلت، نظرت حولي، فرأيت أن ما أنا فيه أشد بهاءً وأصفى! وخليق بي أن أشاركه ذلك البديع والوصف، فكتبت بحماسة:

• سوف أرسل لك صورة من شرقنا العربي ودلتنا المصرية، وما أدراك ما ريفنا المصري ودلتا، فأتحفني بإشعار ذي ابتسامة كبيرة:

• يسعدني ذلك وأكون ممتنًّا.

• أمهِلني بعض الوقت.

• لك ذلك.

 

نهضت من مقعدي بأريكة جدي المفضلة لي وقت انكسار الظل عليها، والساقية في محيط العدسة الخاصة بهاتفي النقال، وما زلت أبتعد وأقترب قدر المستطاع، حتى حوت صورتي الساقية والصفصافة والأريكة التي انغمست في جزع الصفصافة وكأنَّهما جسد واحدٌ، ومن خلفهم الحقول، غير أن الأصيل قد طَمس نقش الثور وقرناه للأسف الشديد، ولما أصبحت كلها في محيط عيني وقد دفقت فوهة الغروب لي دفقةً من غَسقها المغيب تفاصيل الأشياء، التقطت الصورة وما أروعها، وبدون أدنى جهد أرسلتها له، وعلمت أنها قد استقرت أمام عينيه وأنا أنتظر ردَّ فعله، غاب صديقي بعض الوقت ولم يحر جوابًا حتى باغته بعلامة استفهام كبرى:

• وصلتك الصورة؟!

• بالتأكيد.

• وما رأيك؟!

• لوحة فنية رائعة!!

• هي ذلك وأكثر ولقد أفاض زمن الغروب عليها مسحة من الجمال!

• بالتأكيد فأجمل ما في الأصيل أنه يجعل الأشياء هياكلَ مبهمة، فيخفي تفاصيلَ ثانوية محرجة.

 

ابتسمت دون أن أرسل له الحالة: - تقصد الحقول التي تنتظر الحراث؟!

• ربما أو الثور الذي انْمجت معالمه وقرناه.

 

    انتزعت الدهشة عيني من رائق المنظر إلى غريب الاستفهام!!

      • كأنك الآن معي!!

       

      فيرسل بضحكة ساخرة: لا عليك لا تهتم فتلك من سجايا الغروب!