شكرا أيها المصلح

منذ 2022-02-24

الإصلاح عمل جليل وعبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، وسبيل إلى الخير والأمن والفلاح وكسب الحسنات ورفع الدرجات.

من الأشياء الجميلة المفيدة الخيّرة في الحياة الإصلاح: {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} [البقرة: 220]، {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 182]، {فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأنعام: 48].

 

فالإصلاح عمل جليل وعبادة يتقرب بها العبد إلى ربه، وسبيل إلى الخير والأمن والفلاح وكسب الحسنات ورفع الدرجات.

 

والمصلح هو الذي يقوم بالإصلاح وفي اللغة اسم فاعل من أصلح.

 

ومُصْلِحٌذَاتِ بَيْنِ النَّاسِ: مَنْ يَسْعَى إِلَى الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ.

 

ومُصْلِحٌ: مَنْ دعا وناضَل لفائدةالإصلاح.

 

ومُصْلِحٌ اِجْتِمَاعِيٌّ وَسِيَاسِيٌّ: مَنْ يَدْعُو لِلْإِصْلاَحِ فِي الاِجْتِمَاعِ أَوِ السِّيَاسَةِ.

 

ومُصْلِحُ الأَخْطَاءِ وَالْهَفَوَاتِ: مَنْ يُقَوِّمُ مَا اعْوَجَّ وَفَسَدَ.

 

وكم يحتاج الناس إلى كثرة المصلحين الذين يصلحون ما أفسد غيرهم، وبكثرة المصلحين يكثر الخير ويقل الفساد، ويصلح الاعوجاج، وتصلح الحياة، ويسعد الناس، ويعم الرخاء.

 

والمصلحون بفضل الله موجودون في كل زمان ومكان، منذ عهد الأنبياء والمرسلون إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ثم الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء والدعاة وغيرهم.

 

والإصلاح يكون بالمال والكلام وبذل الجهد والجاه، ويكون بالوسائل البسيطة السهلة اليسيرة كالابتسامة التي تريح وتبعث رسالة أمن وأمان، ويحتاجها كل إنسان، ولذلك أوصى بها خير الأنام ورغب فيها "الابتسامة صدقة"، إضافة إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان دائم الابتسامة.

 

فشكرًا لك أيها المصلح على إصلاحك من خلال عملك أينما كنت، فتترك بصمة طيبة تدل عليك، وبها يذكرك من رآك وتعامل معك واستفاد منك، ويستفيد كل من وجد آثار إصلاحك التي تركها حيّا أو ميتا، فالمصلحون موجودون وإن رحلوا، أحياء وإن ماتوا، يُذكرون بالخير والثناء والدعوات الجميلة، والحسنات الوفيرة التي تزداد لهم وتصلهم أينما كانوا.

 

وما زلت أذكر ذلك المصلح الذي تعرفتُ عليه قبل ربع قرن من الزمان وهو ما زال مصلحًا كما كان، مصلح في ابتسامته التي تصدر من قلبه قبل شفتيه، فتخترق العوازل وتصل إلى المخاطَب قبل الكلام، فتبعث الحب والأمان، لأنها ابتسامة صدق لا رياء فيها ولا سمعة، ولذلك تترك الأثر الطيب.

 

فأذكر إصلاحه من خلال رفقه بإخوانه وزملائه، فلا يعرف اسلوب العنف والنهر والقسوة، فهو هين لين، يألف ويؤلف.

 

وأذكر إصلاحه من خلال كلامه الجميل وأسلوبه الهادئ، فينصت له السامع، ويقبل طرحه المناسب للأفكار والأعمال، ويتفاعل معه تعاونا للإنجاز.

 

وأذكر إصلاحه في اهتمامه بالعمل وتنظيمه للوقت وترتيبه لما حوله ومشاركته للجميع بتواضع جم واحترام رائع.

 

وغير ذلك من جوانب الإصلاح التي أكرمه الله بها هو وعائلته الكريمة حيث المهندس المصلح والطبيب المصلح والكاتب المصلح و.....، وكم هو جميل أن يتنافس أفراد الأسرة في الإصلاح والخير والتفوق والنجاح والتميز والإبداع.

 

اللهم أصلح أحوالنا وأصلح أعمالنا وأصلح نياتنا، وأصلح أبنائنا وإخواننا وأهلنا وجيراننا، وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، اللهم أصلح حال المسلمين، ووفقنا وإياهم للقيام بالدين واتباع سيد المرسلين وأعظم المصلحين.

_________________________________________________________

الكاتب: د. سليمان الحوسني