اعتقادات باطلة تؤدي إلى الكفر

منذ 2022-03-06

صور من الاعتقادات الباطلة

1-القول بأن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم ويستندون إلى حديث قدسي مكذوب وهو: (ولولاك ما خُلقت الدنيا). [قال ابن الجوزي حديث موضوع].

 

وقد كذب البوصيري حين قال:

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة مَن   لولاه لم تُخلَق الدنيا من العدم

 

 

لأن هذا الاعتقاد يخالف قول الله تعالى: {وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].

 

حتى إن محمدًا صلى الله عليه وسلم خلقه الله لعبادته، حيث قال ربه: {واعبُدْ رَبك حتى يأتيك اليقين}. [الحجر: 99].

 

والرسل جميعًا خلقهم الله للدعوة إلى عبادته: {ولقد بعثنا في كل أُمَّة رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}. (الطاغوت: كل ما عبد من دون الله برضاه).

 

فكيف يسوغ لمسلم أن يعتقد شيئًا يخالف القرآن الكريم، وهدي سيد المرسلين؟!!

2- القول بأن الله خلق نور النبي صلى الله عليه وسلم أولًا، ومن نوره خُلِقت الأشياء. وهذا اعتقاد باطل لا دليل عليه، والعجيب أن يقول مثل هذا الكلام رجل عالم مصري مشهور هو الشيخ محمد متولي الشعراوي في كتابه: (أنت تسأل والإسلام يجيب) حيث ذكر فيه تحت عنوان: (النور المحمدي وبداية الخليقة):

س: ورد في الحديث: أن جابر بن عبد الله سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أوَّلُ ما خلق الله؟ فقال: «نور نبيك يا جابر» فكيف يتفق هذا الحديث مع أن أول المخلوقين آدم وهو من طين؟.

جـ: من الكمال المطلق ومن الطبيعي أن يكون البدء بخلق الأعلى، ثم نأخذ منه الأدنى، وليس من المعقول أن تُخلق المادة الطينية أولا، ثم يُخلق منها محمد، لأن أعلى شيء في الإنسان الرسل، وأعلى شيء في الرسل محمد بن عبد الله، إذن لا يصح أن تخلق المادة، ثم يُخلق منها محمد. لابُد أن يكون النور المحمدي هو الذي وُجِد أولًا.. ومن النور المحمدي نشأت الأشياء.. ويكون حديث جابر صادقًا.

 

وها هو العلم يؤكد تلك المعاني. فالنور هو البداية، ثم عملت منه الماديات.. (ص 38) انتهى.

 

أولًا: إن كلام الشعراوي يخالف النقل وهو قول الله تعالى عن خلق آدم - عليه السلام- أول البشر: {إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} [ص: 71].

 

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ...} [غافر: 67].

 

قال ابن جرير الطبري: (خلق أباكم آدم من تراب، ثم خلقكم من نطفة) [ج 24/ 82].

 

وكلام الشعراوي لِخالف الحديث وهو قول صلى الله عليه وسلم: «كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب»؛ (رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الجامع 4444).

 

ثانيًا: إن الشعراوي يقول: (ومن الطبيعي أن يكون البدء بخلق الأعلى، ثم نأخذ منه الأدنى) وقد رَدَّ القرآن هذه الفلسفة حين امتنع إبليس عن السجود لآدم {قال أنا خير منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ}. [ص 76].

 

قال ابن كثير: (ادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار، وآدم خُلق من طين، والنار خير من الطين في زعمه) [4/ 43].

 

وقال ابن جرير الطبري: (قال إبليس لربه: لم أسجد لآدم لأني أشرف منه!! لأنك خلقتني من نار، وخلقتَ آدم من طين، والنار تأكل الطين وتحرقه فالنار خير منه، وأنا خير منه) انتهى.

 

والمعقول أن تُخلق المادة الطينية أولًا، ثم يخلق منها محمد صلى الله عليه وسلم بعدها، وأن المادة خُلِقت أولًا وهي الطين الذي خُلق منه آدم، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو من نسل آدم وولده كما أخبر صلى الله عليه وسلم بذلك حين قال: «أنا سيد ولد آدم...» ))؛ (رواه مسلم).

 

ثالثًا: يقول الشعراوى: (لابد أن يكون النور المحمدى هو الذي وُجد أولًا)!

 

هذا الكلام لا دليل عليه، بل ثبت في القرآن أن أول البشر آدم كما تقدم، ومن المخلوقات بعد العرش القلم حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما خلق الله القلم»؛ (رواه الترمذى وصححه الألباني).

 

والنور المحمدي ليس له وجود في النقل والعقل: فالقرآن يأمر رسوله أن يقول للناس: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ...} [الكهف: 110].

 

وقال صلى الله عليه وسلم:  «إنما أنا بشر مثلكم...» (رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2337).

 

والمعروف أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خُلق من أبوين هما: عبد الله وآمنة بنت وهب. ووُلد كما يولد البشر، ورباه جده، ثم عمه أبو طالب.

 

فقد ثبت أن أول الخلوقات من البشر آدم عليه السلام ومن الأشياء القلم، وبهذا يكون ردًا صريحًا على من يقول إن محمدًا هو أول خلق الله، لأنه يعارض القرآن والحديث الصحيح السابق، لكن ورد حديث يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم مكتوب عند الله خاتم النبيين قبل آدم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لَمُنجَدِلٌ في طينته» (لَمنجَدل: لَمُلقى على الأرض) (صححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني).

 

فالحديث يقول: (مكتوب) ولم يقل: (مخلوق).

ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد» (رواه أحمد في السنة وصححه الألباني).

وأما حديث: «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث..»؛ (فضعفه ابن كثير والمناوي والألباني).

وهو يخالف القرآن والأحاديث الصحيحة السابقة، ويخالف المعقول والمحسوس لأنه لم يولد قبل آدم أحد من البشر.

 

رابعًا: يقوك الشعراوي: (ومن النور المحمدي خلقت الأشياء) والأشياء تشمل: آدم والشيطان والإنس والجن والحيوانات والحشرات والجراثيم وغيرها، وهذا مخالف لما جاء في القرآن الكريم، فآدم خلق من طين، والشيطان خلق من نار، والإنسان من نطفة.. وكلام الشعراوي مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وُصف لكم»؛ (رواه مسلم).

 

ويخالف المعقول والمحسوس والواقع، لأن الإنسان والحيوان خُلقا عن طريق التناسل والتوالد، وإذا كانت الجراثيم الضارة والحشرات المؤذية هي أشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم فلماذا نقتلها، بل أُمرنا بقتلها كالحية والثعبان والذباب والبعوض والوَزغ لضررها.

 

خامسًا: يقول الشعراوي: ويكون حديث جابر صادقًا وهو: أول ما خلق الله نور نببيك يا جابر.

 

هذا الحديث مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم وليس صادقًا كما يقول الشعراوي، لأنه يخالف القرآن الكريم الذى ينص على أن أول البشر آدم، ومن الأشياء القلم، ومحمد صلى الله عليه وسلم من ولد آدم لم يخلق من النور، بل هو بشر مثلنا بنص القرآن خصه الله بالوحي والنبوة، والناس لم يروه نورًا، بل رأوه إنسانًا.

 

والحديث الذي صدقه الشعراوي هو عند أهل الحديث مكذوب وموضوع وباطل.

 

3- إن من الاعتقادات الباطلة القول بأن الله خلق الأشياء من نوره، قاله بعض الصوفية، وصرح به الشعراوي في كتابه: (أنت تسأل والإسلام يجيب) فقال: (فإذا عرفنا بأن الله خلق الأشياء من نوره فهذا صحيح.. ثم قال: فعندما يكون الحق -سبحانه وتعالى- خلق الأشياء من نوره. فمعنى هذا أن شعاع نوره خلقت منه الماديات ص 40).

 

أقول هذا الكلام لا دليل عليه من الكتاب والسنة والعقل، وقد تقدم أن الله خلق آدم من طين، وخلق الشيطان من نار، وخلق البشر من نطفة.

وهذا يرد كلام الشعراوي ويبطله ثم إن كلام الشعراوي متناقض، فقد سبق أن قال: إن النور المحمدي خُلقت منه الأشياء، وقال هنا: إن الله خلق الأشياء من نوره! والفرق كبير بين النور المحمدي ونور الله. والأشياء التي خلقت من نور الله تشمل القردة والخنازير والحية والعقرب والجراثيم وغيرها من المؤذيات حسب زعمه فلماذا نقتلها؟!

محمد جميل زينو

عالم كبير..مدرس في مكة المكرمة.