أحلام الناس وما يرونه في المنام!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئًا فلينفث عن يساره، وليتعوَّذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحدًا، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر، ولا يُخبر إلا مَن يحب».
من النواهي في شرعنا الحنيف أن يقصَّ الشخص رؤياه التي يكرهها على أحد المعبرين ليفسرها له.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئًا فلينفث عن يساره، وليتعوَّذ بالله من الشيطان لا تضره، ولا يخبر بها أحدًا، فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر، ولا يُخبر إلا مَن يحب».
ثم إن الأحلام لا يُعوَّل عليها أصلًا، ولا يُؤخذ منها أي حكم شرعي، وليست عَرضًا من أعراض الإصابة بالأمراض الروحية.
ثم إن تفسير الأحلام ليس علمًا من العلوم المعتبرة في الإسلام، وليس بالضرورة أن يكون تعبير المعبر حقيقيًّا وصحيحًا.
ثم إن الناس تتداول أن أكثر ما يحدث في المنام هو موجود في كتاب "تفسير الأحلام لابن سيرين"، وهذا من المفاهيم المغلوطة والشائعة التي لا صحة لها.
فابن سيرين رضي الله عنه لم يُؤلف كتابًا لتفسير الأحلام من الأصل؛ بل كل ما ذُكر عنه أنه أُعطي هذه المنحة الربانية في تأويل الرؤى والأحلام، ولم يذكر عنه أيُّ واحدٍ من أهل العلم الذين ترجموا له أنه ألَّفَ كتابًا في تفسير الأحلام، وممَّن ترجم له: الإمام البخاري، والإمام الذهبي، وابن هشام رحمهم الله ورضي عنهم.
فلم يذكر هؤلاء في ترجمتهم له أنه أَلَّف كتابًا في تفسير الأحلام. وذكر الذهبي نماذجَ من ذلك، وعقَّب عليها بقوله: "جاء عن ابن سيرين في التعبير عجائب يَطول الكتاب بذكرها، وكان له في ذلك تأييد إلهي"؛ انتهى.
الشاهد: لا تبحث عن المعبِّرين والمفسِّرين، واسأل الله خير الرؤيا، واستعذ بالله من شرِّها، فإن كان لك فيها خيرٌ أعطاكه الله، وإن كان لك فيها ضر لم يُصِبْك.
وعن أبي رزين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا على رِجْل طائرٍ ما لم تُعَبَّر، فإذا عُبِّرت وقعت»؛ (رواه أبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجه وأحمد).
أي: إن المنام يحلق في السماء، فإذا فسَّره لك المعبِّر وقع عليك، فكأنك حينما تسأل المفسِّر عن الحلم تؤذي نفسك بنفسك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا ثلاث: فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويف من الشيطان، فإذا رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقص إن شاء، وإن رأى شيئًا يكرهه فلا يقصه على أحد، وليقم يصلي»؛ (رواه الترمذي وابن ماجه).
تنقسم الرؤى والأحلام إلى ثلاثة أقسام:
1- الأول: بشرى من الله للعبد:
كأن يرى في منامه ما يسره من المبشِّرات، وهذا القسم المسلم مخيَّر فيه بين أن يقصه على من يحب أو لا، والأفضل والأولى أن لا تقصه إلا على من يتمنى لك الخير، وترتاح إليه.
2- الثاني: حديث النفس:
وهو ما يفكر فيه العقل، ويخشاه في الحياة الواقعية، فعندما ينام الشخص فإنه يحلم في الغالب فيما يفكر فيه ويبغاه.
وهذا القسم نحن مَنهيُّون عن قصِّه على الناس، سواء كنت تحبه أو تكرهه؛ بل حتى على من يعبره ويفسره لك.
3- الثالث: تخويفات الشيطان للعبد في المنام:
وهذا القسم هو أخطرها، وهو أكثر قسم اعتنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأعرابي جاءه، فقال: إني حلمت أن رأسي قُطع، فأنا أتبعه، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «لا تُخبر بتلعُّب الشيطان بك في المنام»؛ لأن العبد إذا أخبر الناس بتغلُّب الشيطان عليه في المنام فإن هذا مدعاة لأن يتغلَّب عليه مرة ثانية وثالثة، وهذا من شأنه أن يزيل رهبة المؤمن عند الشيطان.
ومن هذا القسم تتفرع كل الأهاويل التي يراها النائم في المنام؛ فمنها: رؤية الأفاعي والحيات، ورؤية الجن والشياطين، وأذاهم للنائم في المنام، ورؤية الوحوش، وغيرها من الكوابيس.
وهذا القسم نحن مَنهيُّون كذلك عن قصه على المعبرين والمفسِّرين، وكذلك الناس للأسباب التي ذكرناها أعلاه.
واعلم أن المبشِّرات التي تراها في الرؤيا من الله؛ ليسعد قلبك، ويسر نفسك.
أما الأحلام والأهاويل والكوابيس والأذى فهي من الشيطان {لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [المجادلة: 10].
وقد جاء علاج تلك الأهاويل والكوابيس في سُنة رسول الله على لسان صاحبها صلى الله عليه وسلم لما كان خالد بن الوليد رضي الله عنه يفزع في منامه كثيرًا، فلما ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا اضطجعت فقل: باسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة، من غضبه وعقابه، ومن شرِّ عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون»، فقالها فذهب ذلك عنه.
وليس بعد كلام رسول الله كلام!
والحمد لله رب العالمين.
_____________________________________________
الكاتب: أحمد فتح الله الشيخ
- التصنيف: