مفسدات الصيام ومفطرات الصائم

منذ 2022-04-19

الأمور التي يفسد بها الصوم، ويبطل بها الصيام

تتعدد الأمور التي يفسد بها الصوم، ويبطل بها الصيام، والمفطرات عامة - ما عدا الحيض والنفاس - لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة:

أ- أن يكون عالمًا غير جاهل.

ب- أن يكون ذاكرًا غير ناسٍ.

ج- أن يكون مختارًا غير مضطر ولا مكره. [1]

 

والمفطرات سبعة أنواع:

الأول: الجماع:

وهو إيلاج الذَّكَر في الفرج، وهو أعظمها وأكبرها إثمًا، فمتى جامَع الصائم بطل صومُه، فرضًا كان أو نفلاً، ثم إن كان في نهار رمضان، والصوم واجب عليه لزمه مع القضاء الكفارةُ المغلظة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي كأيام العيدين والتشريق، أو لعذر حسي كالمرض والسفر لغير قصد الفطر، فإن أفطر لغير عذر ولو يومًا واحدًا لزمه استئنافُ الصيام من جديد ليحصل التتابع، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين فإطعام ستين مسكينًا لكل مسكين نصف كيلو وعشرة جرامات من البُرِّ الجيد.

 

وفي الصحيحين أن رجلاً واقع امرأته في نهار رمضان فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ» ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا» ؟ قَالَ: لَا، قَالَ «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» ؟.. [2]

 

الثاني: إنزال المني اختيارًا:

سواء بتقبيلٍ أو لمسٍ أو استمناء أو غير ذلك في نهار رمضان؛ لأن هذا من الشهوة التي لا يكون الصوم إلا باجتنابها، كما جاء في الحديث القدسي: «يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي». [3]

 

فأما التقبيل واللمس بدون إنزال فلا يفطر لما في الصحيحين من حديث عائشة ڤ قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ.[4]

 

أما إذا باشر فأمذى، أو استمنى فأمذى[5] فلا يفسد صومه، وصومه صحيح، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين، وقال: إن هذا اختيار شيخ الإسلام، والحجة فيه عدمُ وجود الحجة؛ لأن الصوم عبادة لا تفسد إلا بدليل، وهو قول
أبي حنيفة والشافعي. [6]

 

وكذا الإنزال بالاحتلام أو بالتفكر المجرد عن العمل لا يفطر؛ لأنه بغير اختيار الصائم، والتفكير معفوٌّ عنه لما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﭬ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ». [7]

 

الثالث: الأكل أو الشرب عمدًا:

فإذا أكل الصائم أو شرب عامدًا مختارًا فسد صومه؛ لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187].

 

الرابع: ما كان بمعنى الأكل أو الشرب:

مثل الإبر المغذية التي يُكتفى بها عن الأكل والشرب؛ لأنها إن لم تكن أكلاً وشربًا حقيقة؛ فإنها بمعناهما، فتثبت لها حكمهما.

 

الخامس: إخراج الدم بالحجامة:

لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفطرَ الحاجِمُ والمحجوم». [8]

 

وقال البخاري: ليس في الباب أصح منه، وهذا مذهب الإمام أحمد وأكثر فقهاء الحديث. [9]

 

السادس: التقيؤ عمدًا:

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ». [10]

 

السابع: خروج دم الحيض والنفاس:

لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ».[11]

 

 


[1] انظر: مجالس شهر رمضان (127-134).

[2] أخرجه البخاري (1834)، ومسلم (1111).

[3] أخرجه البخاري (1846)، ومسلم (1151).

[4] أخرجه مسلم (1106).

[5] المذي هو: ماء رقيق يخرج من مجرى البول عند ثوران الشهوة، وعند ملاعبة النساء والتقبيل.

[6] انظر: الشرح الممتع، آسام، (6/ 390).

[7] أخرجه البخاري (4968)، ومسلم (127).

[8] أخرجه أبو داود (2367)، والترمذي (774) وابن ماجه (1680) وصححه الألباني.

[9] صحيح البخاري (2/ 684).

[10] أخرجه أبو داود (2380)، والترمذي (720) وابن ماجه (1676) وصححه الألباني.

[11] أخرجه البخاري (298)، ومسلم (80).

_____________________________________________________
الكاتب: رأفت صلاح الدين