السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها الصائم

منذ 2022-04-24

ظهرت بعض السلوكيات الخاطئة التي يمارسها البعض أثناء الصوم، وهي من العادات السيئة التي ينبغي للمسلم التخلص منها، ومن تلك السلوكيات الخاطئة:

ظهرت بعض السلوكيات الخاطئة التي يمارسها البعض أثناء الصوم، وهي من العادات السيئة التي ينبغي للمسلم التخلص منها، ومن تلك السلوكيات الخاطئة:

 

كثرة النوم:

يجب على المسلم عدم إضاعة الوقت في النوم، سواء أثناء وقت الصوم أو غيره، لان الوقت هو رأس مال المسلم، ومضمار سباقه، وكنزه الثمين الذي ينبغي ألا يضيعَ منه، كما لا ينبغي أن يفوته فيما لا ينفعه، ولا يعود عليه بفائدة، ككثرة النوم في نهار الصائم، ففي النوم في النهار تضيع للفرائض المكتوبة، أو تأخريها عن وقتها، وفوات كثير من الطاعات والأوقات الفاضلة، فتضيع معها لذة الصيام، واستشعار حكمة مشروعيته، فيقضي المرء يومه دون أن يعيش حقيقة الصيام، ولا يدخل أثره إلى قلبه، فيجب على المسلم أن يقضي نهار صومه في قراءة القرآن، والتسبيح، وكثرة الذكر، والاستغفار، ومطالعة ما يفيده من الكتب النافعة، والعلوم المفيدة.

 

إضاعة الجماعة:

يجب على المسلم عدم إضاعة الجماعة، فهي من السلوكيات الخاطئة التي يقع فيها بعض الصائمين في أثناء الصوم، فإضاعة الجماعة لعذر الكسل أو النوم، أو الاشتغال بما لا يجدي نفعاً، وليعلم مضيع الجماعات أنه بذلك يضيع عليه الصلاة في أفضل بقاع الأرض وهي المساجد، وأن عظم الأجر مع كثرة الخُطا إلى المساجد، وأن الملائكة تدعو له وهو ما زال في انتظار الصلاة، ويصلون على الصف الأول في الجماعة، وأن الشياطين لا تستحوذ عليه، وأن من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات دخل الجنة.

 

كثرة الأكل:

يجب على المسلم عدم الإكثار من أكل الطعام لقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26- 27]. أصبح الصوم في أذهان كثير من الناس مقترناً بكثرة الأكل، وإنما افترضه الله على المسلمين ليضيقوا على الشهوة مساربها، ويضيعوا على النفس الأمارة مآربها.

 

السهر:

إن وقت المسلم وقت ثمين جدًّا، سواء أثناء وقت الصوم أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللهو والسهر الفارغ الطويل، وفي السهر بالليل تضيع الفرائض بالنهار، أو تتأخر عن وقتها، أو يقل فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير، وتضيع لذة الصيام، والشعور بالحكمة من مشروعيته من مجاهدة النفس، والشعور بالجوع، وتذكّر الفقراء والمحتاجين، وتذكر نعمة الله عليه بالطعام والشراب التي يتمتع بها طيلة العام، ثم تحجب عنه في هذه الأيام القليلة. وقال ابن مفلح: واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فكم يضيع الآدمي من ساعات، يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، وكأنه قد قيل للإنسان: كلما بذرت حبةً أخرجنا لك ألفاً، هل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟ (الآداب الشرعية لابن مفلح (4/ 128).

 

الانشغال في إعداد الأطعمة:

يجب على المسلم عدم الانشغال في إعداد الأطعمة لإن الانشغال في إعداد أنواع الأطعمة المختلفة يضيع الوقت لدى الصائم، فالصوم ليس أكل وشرب، وانغماس في إعداد الأطعمة، وإنما هو عبادة وطاعة، وقرب من الله تعالى، فعلينا تفريغ أكبر قدر من الوقت للعبادة، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، والدعاء وغير ذلك، وهذا يخالف سر الصيام، وهو التخفف من المطعومات، لكن بعض الناس يحسب الفطور والغداء والعشاء، ثم يقضيه مرة واحدة، فيهيئ حتى تصبح بعض البيوت كأن فيها حرائق، يبدؤون بعد صلاة الظهر، هذا للإفطار، وبعضهم يبدأ من وقت الضحى؛ ليكون كمن أهدى بدنة في الساعة الأولى، فتجد البيت في حالة استنفار وطوارئ، ثم تُعرض الموائد، وهذا فيه ما فيه من: إشغال النفس عن مطلوبها وهو الله عز وجل، والتبذير والإسراف، وإرهاق أهل البيت، حيث يقضون معظم وقتهم في الطبخ بعيداً عن قراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار.

 

إضاعة الأوقات بسماع البرامج والألعاب:

يجب على المسلم عدم إضاعة الأوقات بسماع البرامج والألعاب أثناء الصوم، فوقت الصوم يجب ان يكون مخصص للعبادة والذكر والصلاة والدعاء، نجد بعض الصائمين من يلعب ألعاباً أقل أحكامها الكراهة، مثل لعب الكرة، وكذلك ألعاب يزعمون أنها مسلّية تضيّع الوقت، وتفني الساعات في غير منفعة.

 

تأخير الإفطار بلا عذر:

يجب على المسلم عدم تأخير الإفطار بلا عذر، فنجد بعض الصائمين يؤخرون الإفطار ومخالفين بذلك كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] (يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكماً شرعياً، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة (رواه الطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (2/ 108). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير مرفوعا وموقوفا على أبي الدرداء والموقوف صحيح والمرفوع في رجاله من لم أجد من ترجمه)، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير) (3443)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع) (3038).

 

الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب:

يجب على المسلم عدم الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب، فنجد بعض الصائمين يتعجل الإفطار دون التيقن من غروب الشمس، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا لي: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت، حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عويّ أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقومٍ معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» (رواه النسائي في (السنن الكبرى) (2 /246) (3286)، وابن خزيمة (3 /237) (1986)، وابن حبان (16 /536) (7491) قال ابن حزم رحمه الله: من أكل شاكًّا في غروب الشمس أو شرب فهو عاصٍ لله تعالى، مفسدٌ لصومه (المحلى لابن حزم (6 /230)، وقال ابن القيم رحمه الله: إذا شك الصائم في غروب الشمس لم يجزله الفطر، ولو أكل أفطر( بدائع الفوائد لابن القيم (4 /384).

 

تعجيل السحور:

يجب على المسلم عدم تعجيل السحور، فنجد بعض الصائمين يتعجل في السحور، دون النظر إلى سنية تأخيره، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: «ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور...» (رواه الطبراني كما في (مجمع الزوائد) للهيثمي (2/ 108)، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الآذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية (رواه البخاري (1921)، ومسلم (1097). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري 1920)، فتأخير السحور هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تعجيله مخالفة صريحة له.

___________________________________________________

الكاتب: د. محمود فتوح محمد سعدات