ما يقول لرد كيد مردة الشياطين

منذ 2022-08-01

«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِن السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ».

روى أحمد- وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ -عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ[1]، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ التَّمِيمِيِّ رضي الله عنه[2]، وَكَانَ كَبِيرًا: أَدْرَكْتَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟

فَقَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ بِيَدِهِ شُعْلَةُ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِن السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ» ، قَالَ: «فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُم اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» [3].

 

معاني الكلمات:

تَحَدَّرَتْ: أي تساقطت ونزلت.

الْأَوْدِيَةِ: جمع وادٍ، وهو مجرى الماء.

الشِّعَابِ: جمع شِعب، وهو انفراج بين الجبلين.

أَعُوذُ: أي أعتصم وأستجير.

كَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ: أي أسماء الله الحسنى، وكتبه المنزلة.

ذَرَأَ: أي خلق وكثر.

بَرَأَ: أي خلق.

يَعْرُجُ: أي يصعد.

فَطَفِئَتْ: أي خمدت.

شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ: أي من شر ما يأتي من الحوادث ليلًا.

فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: أي من شر ما يقع فيهما.

 

 

المعنى العام:

في هذا الحديث العجيب يسأل رجل من التابعين - هو أبو التيَّاح - رجلًا صاحَب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - هو عبدالرحمن بن خَنْبَش رضي الله عنه، وكان كبيرًا في السن: ماذا صنع النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليلة كادته الشياطين؟

 

فقال عبدالرحمن بن خَنْبَش رضي الله عنه: إن شياطين نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة من الأودية والشعاب، وكان فيهم شيطان يحمل شعلةَ نارٍ يريد أن يحرق بها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل جبريل من السماء ليخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم من عند الله سبحانه وتعالى بما يتحصن به من هؤلاء الشياطين، فقال له: قل: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِن السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ».

 

فلما قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم هذا انطفئت الشعلة، وهزم الله الشياطين.

 

 

الفوائد المستنبطة من الحديث:

1- الإيمان بوجود الشياطين، وهم يستقرُّون في الأودية والشعاب.

2- استحباب الدُّعَاء بهذا الذِّكْر لرد كيد مردة الشياطين.

3- تقرير توحيد الربوبية.

4- كلام الله لا نقص فيه بوجه من الوجوه.

5- تقرير مبدأ وجود الملائكة.

6- إثبات صفة الكلام الحقيقي لله سبحانه وتعالى على ما يليق به جل جلاله.

7- مشروعية الاستعاذة بصفات الله سبحانه وتعالى.

8- عظيم عناية الله بنبيه صلى الله عليه وسلم.

9- عظيم كيد الشياطين برسول الله صلى الله عليه وسلم.

10- فضل مصاحبة العلماء.

 


[1] أبو التياح يزيد بن حميد الضبعي البصري، الإمام الحجة، توفي بسَرْخَس سنة ثمان وعشرين ومائة.

[2] عبدالرحمن بن خنبش رضي الله عنه رجل من بني تميم، كان شيخا كبيرا، سكن البصرة.

[3] صحيح: رواه أحمد (15189)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (74).

__________________________________________

الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني