من السنن الموقوتة قبل الفجر: الاستنشاق والوضوء

منذ 2022-08-24

الاستنشاق، والاستنثار بالماء ثلاثاً: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشـيطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشـيمِهِ»

الاستنشاق، والاستنثار بالماء ثلاثاً:

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشـيطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشـيمِهِ» [1]، وفي رواية البخاري: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا...» [2].

 

اختلف أهل العلم في حكم الاستنثار ثلاثاً بعد الاستيقاظ من نوم الليل، على قولين:

القول الأول: قالوا بالاستحباب، للعِلَّة الواردة في الحديث: «فَإِنَّ الشـيطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشـيمِهِ».

 

ووجه الدلالة: قالوا: إنَّ بيات الشـيطان هنا لا يُحدِث نجاسة حتى يؤمر الإنسان بإزالتها على وجه الإلزام.

 

والقول الثاني: أنَّ الاستنثار واجب؛ لأنَّ الأصل في الأمر الوجوب، ولا صارف يصـرفه عن الوجوب، وما ذكره أصحاب القول الأول ليس صارفاً تقوم به الحجة يصـرف الأمر عن الوجوب؛ لأنَّ الحكمة من الأمر بالاستنثار قد تكون مخفيَّة، وليست النجاسة.

 

ويحتمل أن يُحمل المطلَق على المقيَّد، ففي حديث الباب الأمر بالاستنثار ثلاثاً عند الاستيقاظ من النوم، وجاء في رواية البخاري ما يُقَيِّدُ هذا الأمر بحال الوضوء، فإمَّا أن يُحمل المطلَق على المقيَّد فيكون المقصود بالأمر هو: حال الوضوء، أو يُعمل بالحديثين، فيكون الاستنثاران واجبين -والله أعلم-.

 

فائدة:

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ الشـيطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشـيمِهِ». اختُلف في معناه:

قيل: إنَّ بيات الشـيطان ليس حقيقة، وإنما المراد به ما يكون في الأنف من أذى يوافق الشـيطان.

 

وقيل: هو على ظاهره، وأنَّ الشـيطان يبيت حقيقة؛ وذلك لأنَّ الأنف أحد منافذ الجسم التي يُتوصَّل إلى القلب منها، والمنافذ كلها لها غَلْقٌ، إلا الأنف، والأذنين فيدخل منها الشـيطان، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه المتفق عليه: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشـيطَانُ فِي أُذُنَيْهِ» ، أَوْ قَالَ: «فِي أُذُنِهِ» [3].

 

• وأمَّا الفم فله غَلْقٌ أيضاً، ولذلك حثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على كظم الفم عند التثاؤب؛ لئلا يدخل الشـيطان، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: «إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشـيطَانَ يَدْخُلُ» [4].

 

وفي رواية: «فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» [5]، وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ: هَا، ضَحِكَ الشـيطَانُ» [6].

 

وعلى كل حال الواجب على المسلم الإيمان، والتصديق، والامتثال، والطاعة سواء علم حقيقة وحكمة ما أُمر به، أو خفي عليه ذلك، فيكون ذلك من جملة ما خفي عليه من علم الله - جل وعلا - الذي أحاط بعلمه كل شـيء سبحانه.

 

الوضوء:

لحديث ابن عباس رضي الله عنه المتقدِّم حينما أراد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاة، قام إلى قِرْبة معلَّقة فتوضأ منها.

 

وعند الوُضوء، نقف وقفة نبيِّن فيها سُنناً في الوُضوء على وجه الاختصار والعَدِّ، لا على وجه التفصـيل، وإنما أذكِّر بها؛ إتماماً للسُّنَن. (يتبع..).

 

مستلة من كتاب: المنح العلية في بيان السنن اليومية

 


[1] رواه البخاري برقم (3295)، ومسلم برقم (238).

[2] رواه البخاري برقم (3295).

[3] رواه البخاري برقم (3270)، ومسلم برقم (774).

[4] رواه مسلم برقم (2995).

[5] رواه مسلم برقم (2994).

[6] رواه البخاري برقم (6226)، ومسلم برقم (2994).

عبد الله بن حمود الفريح

حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.