الغيبة (أسبابها - آثارها - علاجها)

منذ 2022-11-02

كلنا يعرف خطرَ الغيبة وشدة عذابها، ولكن لا ننتبهُ لخطرِها أو نتجنبها، ونقع فيها كثيرًا، وفى هذا المقالِ أردت أن أبينَ شيئًا من آثارِها.

جالسًا في المدرسةِ منشغلاً ببعض الدروس، لكنني وجدتُ مجموعةً من زملائي يتحدثون عن صديقي في غيبتِه، ويذكرونه بأوصافٍ سيئة، وينتقصون من حقِّه؛ حسدًا من عند أنفسهم، وتشويهًا لسمعتِه وهم يتغافلون عن خطرِ الغيبة.

فهل تعلمون - أحبتي في الله - أنَّ الغيبةَ من الكبائر، والتي لا تكفرها كفارةُ المجلسِ، وإنما تكفرها التوبةُ النصوح، فكلنا يعرف خطرَ الغيبة وشدة عذابها، ولكن لا ننتبهُ لخطرِها أو نتجنبها، ونقع فيها كثيرًا، وفى هذا المقالِ أردت أن أبينَ شيئًا من آثارِها.

 

ومن خطر الغيبة أنها تحبطُ الأعمالَ، وتأكل الحسنات؛ حتى قال أحدُ النَّاسِ: لو كنتُ سأغتاب أحدًا لاغتبت أمي وأبي، فهم أحقُّ النَّاسِ بحسناتي.

الغيبة هي أن تذكرَ أخاك المسلم بما يكره، سواء كان ذلك فيه أو لم يكن فيه، على أنَّ ذكرَك ما فيه تتناوله حرمةُ الغيبة، وذكرك ما ليس فيه تتناوله حرمةُ البهتان والعياذ بالله.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «أتدرون ما الغيبة» ؟، قالوا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: «ذكرُك أخاك بما يكره»، قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقولُ، فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه»؛ (رواه مسلم).

فقد رأى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أناسًا يأكلون الجيف فأخبره جبريل: «هؤلاء الذين يأكلون لحومَ النَّاس»؛ الفتح الرباني للساعاتي (20/ 255) وإسناده صحيح.

 

أولاً أسبابها:

• ضعفُ الإيمان.

• التربية السَّيئة التي ينشأ عليها الطِّفل.

• التسلية وإضاعة وقت الفراغ.

• إرضاء الآخرين من الأصحاب.

• عدم اتباع سنة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

• الحقد والحسد اللذان يدفعانِ الإنسانَ إلي أن يغتابَ غيرَه.

 

ثانيًا آثارها:

1- تفسد المجالسَ، وتقضي على العَلاقات.

2- تحبطُ الأعمالَ، وتأكل الحسنات.

3- تهوى بصاحبِها إلى النَّار.

4- رذيلة الغيبة لا تقلُّ عن النميمةِ خطرًا، بل أشدُّ منها ضررًا.

5- صفة من الصفات الذميمة، وخلة من الخلال الوضيعة.

 

ثالثًا علاجها:

• مصاحبة الأصدقاءِ الصَّالحين الذين يعاونونك على فعلِ الخير، ويحذِّرونك من فعلِ الشر.

• الانشغال بذكرِ الله، وقراءة القرآن دائمًا.

• القناعة والرِّضا بما قسم الله لك.

• الانشغال بعيوبِك عن عيوبِ الآخرين، ومحاولة إصلاح هذه العيوب.

• التمسك بهدي النبي - صلَّى الله علية وسلَّم.

• تقوية الإيمان، وذلك بالعلمِ النَّافعِ، وكثرة الأعمالِ الصَّالحة.

 

قال طريح بن إسماعيل:

لاَ تُطْلِقَنَّ الْقَوْلَ فِي غَيْرِ بَصَرْ   ***   إِنَّ اللِّسَانَ غَيْرُ مَأْمُونِ الضَّرَرْ 

فَالْقَولُ مَا أَرْسَلْتَهُ عَلَى عَجَلْ   ***   مُوَكَّلٌ بِهِ العِثَارُ وَالزَّلَــــــــــلْ 

يَا رُبَّ مَحْقُورٍ مِنَ الْمَقَــــــالِ   ***   يَهِيجُ شَرًّا غَيْرَ مُسْتَقَــــــــالِ 

ولَفْظَةٌ زَائِغَةٌ سَبِيلُهَــــــــــــا   ***   قَدْ سَلَبَتْ نِعْمَةَ مَنْ يَقُولُهَـــــا 

________________________________________________________

الكاتب: حميدة جابر طاهر مندى