إلماحة من حياة الدكتور ذاكر نايك

منذ 2022-11-22

أسأل الله أن يحفظه ويطيل عمره في طاعته، وأن ييسِّر ربي لمن يخلفه في علمه وخلقه، وتمكنه من الاستحضار في المناظرات، وجمعه في فنون كثيرة علمية وطبية ودينية، إن ربي على كل شيء قدير، وعليه التكلان، والله المستعان.

الدكتور المفوَّه، المناظر الكبير، ذاكر نايك، كانت آماله وطموحاته أن يكون طبيبًا؛ لأن في لسانه حبسةً لا يجيد التخاطب مع الناس، بل لم يكن يحسن نطق اسمه سليمًا!

 

فقد كان يُتأتئ ويفأفئ كثيرًا، حتى هيَّأه الله - وإذا أراد الله شيئًا هيَّأ أسبابه - وأراد الله أن يكون الدكتور نايك مناظرًا عالَميًّا، وذهبت منه حبسة لسانه، وانطلق لسانه، وسال بيانه، بما يمليه جَنانه.

 

يقول عن نفسه: في الطفولة كانت عندي مشكلة في الكلام، والتأتأة في النطق، ولم أكن أحلم أن أتكلم أمام ٢٥ شخصًا، وهذا من فضل ربي وحدَه، ليس بذكائي، فهناك غيري من يملك الفصاحة أحسن مني، ولكن كل ما حققته فضلٌ مِن الله وحده.

 

قلت: وأنا أتذكر هنا دعاءَ موسى عليه السلام حين قال: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 27، 28]، فإن العجمة مصرفةٌ للناس عن دعوتك؛ لأن طريق التبليغ يكون ضعيفًا، فيجتمع للمدعو ثقلان:

    • ثقل الرسالة، وهي حمل المدعوِّ على ترك ما اعتاده من القبائح.

      • وثقل الأسلوب الذي تدعو به المدعو، فربما ضجر وتأفف، وغادر المكان حيث لا عودة!

       

        وعندي أن ثقل الأسلوب، يتناول معنيين:

        الأول: الثقل بالنسبة لخشونة الأسلوب، وسوء الأخلاق، والنظرة الهلاكية للآخرين، وهذا ما عناه العلامة الألباني رحمه الله عندما قال: (لا تجمَعْ على المخالف ثقل الحق، وثقل الأسلوب).

         

        والمعنى الثاني: هو سوء التعبير، كما قيل: (والحق قد يعتريه سوء تعبير).

        وهو ما دعا به نبيُّ الله موسى عليه السلام: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه: 27]، وهذا معلوم فإنه على مدار التاريخ، لا يتسنّم المناظرات إلا الفصيح البليغ المنطيق المِصقَع.

         

        وقد كان بعض العلماء على جانبٍ كبير من العلم والمعرفة، ولكنه لا يجيد المناظرة؛ لثقل في لسانه، أو تعتعةٍ في بيانه، وهكذا.

         

        وذكروا مِن هؤلاء الإمام أحمد بن يحيى ثعلب، فقد كان رحمه الله يتجنَّب المواجهة مع قرينه وقريعه محمد بن يزيد المبرِّد؛ لغلبة المبرد عليه في البيان، وفصاحة اللسان! قال ذلك ختن ثعلب حينما سئل عن ذلك، فأجاب بنحو ما هنالك.

         

        وذكروا هذا أيضًا عن العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ.

        أعود فأقول: ثم أراد الله الدكتور لمَهمةِ الدعوة وشرفها، فانطلق لسانه، ودعا وناظر وحاضر، حتى ذكر عن نفسه أنه حضر له في محاضرة مليون شخص!

         

        فسبحان الله!

        وذكروا عنه: أن فصاحته وبلاغته، وقمعه للخصم، وقرعه للباطل، هو خاص مخصوص على الدين، والمناظرة فيه، والدعوة إليه، أما إذا كلّمته وناظرته في الدنيا، فهو فدم أخرس!

        يقول: وقد ناظرتُ النصارى والبوذيين والهندوس وغيرهم، وأنا تخصُّصي الإسلام ومقارنة الأديان.

         

        ويقول: تناظرت مع الدكتور الأمريكي الكبير وليام كامبل حول القرآن، وأن فيه أخطاءً علمية في القرآن، ولمدة ٨ سنوات لم يردَّ عليه أحد، ودحضت حججه، وقدمت ٣٨ حجة حول الكتاب المقدَّس ولم يردَّ على واحدة؛ {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32].

         

        وله جهود عظيمة؛ منها:

        أنشأ تلفزيون السلام، وقد أطلقه قبل عشر سنوات بأربع لغات، يتابعه بالإنجليزية فقط مائة مليون، ويبث من خلال ١٤ قمرًا صناعيًّا.

        وقبل سبع سنوات أطلق تلفزيون السلام بالأردو، وعدد المشاهدين ثمانون مليون مشاهد.

        وبلغة البنغال وعدد المشاهدين خمسون مليون مشاهد.

        وأطلق قبل أشهر قناة بالصينية لمخاطبة أكثر من مليار ومائتي مليون شخص!

        ويحاول البث من خلال أهم عشر لغات في العالم.

         

        ونشاطه غير محصور في دعوة الناس إلى دين الإسلام، وهو بهم خبير، حتى إنه قال: ثلثا الداخلين في الإسلام من أوربا من النساء.

         

        ويقول: في عام ٢٠١٣ تلقيت دعوة من رئيس جامبيا، وصدقوني لم أكن أعلم أن هناك دولة اسمها جامبيا، حتى ذهبت للخريطة وحددتُ مكانها.

         

        قال لي الرئيس جامع: كان نسبة المسلمين في جامبيا ٩٠٪ أما اليوم بعد مشاهدة تلفزيون السلام فوصل ٩٥٪.

        وذكر أن ما رآه في جامبيا من محافظة على الصلاة من الرئيس ووزرائه أكثر منه في الشرق الإسلامي!

        وما زال في الدعوة إلى الله على علم وبصيرة، وحجة وبرهان.

        يقول: أكثر من ٢٥ عامًا قضيتها في الدعوة.

        هذا هو الدكتور ذاكر، الذي يُتَّهم اليوم بالإرهاب، وقد قال مرة في مقابلة:

        قبل أحداث ٢٠٠١ ولمدة ٢٠٠ عام سابقة لم يكن هناك مصطلح إرهابي!

         

        ولا غرو، فليس هذا غريبًا على الغرب الكافر، الذي يغيظه ما يفعله هذا الرجل من دعوة إلى دين الإسلام، وحينما رأَوا أن الله حقَّق على يديه نجاحًا باهرًا، وفوزًا ظاهرًا، وَصَمُوه بهذه السِّمة المنهارة التي أصبحت في أيديهم يضربون بها من شاؤوا.

         

        فهو رجل عظيم، وسيبرئه الله، وللحق الغلبة، والباطل منكوس، وأهله في ارتكاس، {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].

         

        أسأل الله أن يحفظه ويطيل عمره في طاعته، وأن ييسِّر ربي لمن يخلفه في علمه وخلقه، وتمكنه من الاستحضار في المناظرات، وجمعه في فنون كثيرة علمية وطبية ودينية، إن ربي على كل شيء قدير، وعليه التكلان، والله المستعان.