المنهجية في بيان الحق

منذ 2022-12-23

قال ابن القيم: "فعلى المسلم أن يتَّبِعَ هديَ النبي صلى الله عليه وسلم في قبول الحق ممن جاء به من ولي وعدو وحبيب وبغيض وبر وفاجر، ويرد الباطل على مَنْ قاله كائنًا من كان"

يجب على أهل الحق بيانه للناس، إبراءً للذمة، وإقامة الحجة على أهل الباطل، قال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ويجب على من رأى منكرًا أن ينكره، ويحرم عليه السكوت إذا كان قادرًا؛ فعن أبي سعيد قال: سمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ رأى منكم منكرًا فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطِعْ فبلسانه، فإن لم يستطِعْ فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان» [1].

 

وقد نصَّ العلماء على وجوب بيان الحق، ووضَّحوا المنهجية في ذلك، قال ابن الجوزي: "وما زال العلماء يبين كل واحد منهم غلط صاحبه قصدًا لبيان الحق؛ لا لإظهار عيب الغالط، ولا اعتبار بقول جاهل يَقُول: كيف يرد عَلَى فلان الزاهد المتبرك به؛ لأن الانقياد إنما يكون إِلَى مَا جاءت به الشريعة؛ لا إِلَى الأشخاص، وَقَدْ يكون الرَّجُل من الأولياء وأهل الْجَنَّة وله غلطات، فلا تمنع منزلته بيان زللـه"[2].

 

وقال ابن تيمية: "ولهذا يسوغ؛ بل يجب أن نُبيِّن الحق الذي يجب اتِّباعه، وإن كان فيه بيان خطأ مَن أخطأ من العلماء والأمراء"[3].

 

وقال عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ: "فما زال الصحابة ومن بعدهم ينكرون على مَن خالف وأخطأ كائنًا من كان، ولو كان أعلم الناس وأتقاهم، وإذا كان الله بعث محمدًا بالهدى ودين الحق، وأمرنا باتِّباعه وترك ما خالفه، فمن تمام ذلك أنَّ مَن خالفه من العلماء مُخطئ يُنبَّه على خطئه، وينكر عليه"[4].

 

وإذا بان الحق وجب قبوله، قال ابن القيم: "فعلى المسلم أن يتَّبِعَ هديَ النبي صلى الله عليه وسلم في قبول الحق ممن جاء به من ولي وعدو وحبيب وبغيض وبر وفاجر، ويرد الباطل على مَنْ قاله كائنًا من كان"[5].

 

وينبغي أن يُعلَم أنه لا مصلحة -إطلاقًا- في مداهنة أهل الباطل: قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]، وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾[الأنعام: 116].

 


[1] رواه مسلم.

[2] يُنظَر: تلبيس إبليس، لابن الجوزي: 1/ 152.

[3] يُنظَر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية: 19 /123.

[4] الدرر السنية في الأجوبة النجدية، لعلماء نجد الأعلام، تحقيق: عبدالرحمن بن قاسم: 4/8 - 9.

[5] إعلام الموقعين، لابن القيم: 1 /82.

_________________________________________________________

الكاتب: عبده قايد الذريبي