الشرط الوحيد لنجاح العلمانية!!

منذ 2011-09-07

لم يكن العلمانيون في مصر يخفون استياءهم الشديد من المجلس العسكري الذي يحكم البلاد في الفترة الانتقالية لأنه رفض الاستجابة لهواهم إقصاء الإسلاميين عن دائرة العمل السياسي...


لم يكن العلمانيون في مصر يخفون استياءهم الشديد من المجلس العسكري الذي يحكم البلاد في الفترة الانتقالية لأنه رفض الاستجابة لهواهم إقصاء الإسلاميين عن دائرة العمل السياسي على الطريقة التي سادت منذ انقلاب23 يوليو 1952م حتى خلع حسني مبارك قبل شهور.

ووصل الهوس التغريبي بهذه القضية الحيوية بالنسبة إلى العلمانيين حد إغراء العسكر بالاستمرار في السلطة بحسب شهيتهم إذا ارتضوا القبول بمشروع الإلغاء لكل ما هو إسلامي..

أخفقت تلك المساعي الخبيثة بالرغم من وجود بؤر من غلاة التغريبيين في الحكومة الموقتة التي تعمل كسلطة تنفيذية تحت إشراف المجلس العسكري.

لكن الضغوط الخارجية آتت أُكُلَها في ما يبدو مؤخراً بعكس ضغوط الداخل القائمة على تخويف الضباط من "البعبع الإسلامي"، ولا سيما أن هنالك أخطاء وقع فيها بعضهم عن حسن نية أو غفلة، فجرى تضخيمها على يد الآلة الإعلامية التي لم تتغير بوصلتها إلا شكلياً، بالرغم من تبديل أكثر الوجوه القيادية الموروثة من العهد البائد، فالمجلس العسكري فاجأ الجميع بالدوران حول مواقفه 180 درجة، وأذعن لفكرة إعلان مبادئ فوق الدستور تلبية لرغبات التغريبيين الذين استنجدوا بسادتهم في الغرب بعدما عجزوا عن حشد أي تأييد ذي بال في الشارع، ما عدا بقايا التحالف المدنس منذ عهد مبارك بينهم وبين لصوص المال العام ورأس الكنيسة القبطية المتطرف شنودة وأبواق الصحافة الصفراء.

ومشكلة الإعلان الذي تقرر فرضه على الشعب المصري أنه طعنة للأبجديات الديموقراطية، وبخاصة أنه سوف يصبح نافذ المفعول من دون استشارة الرأي العام المصري عبر استفتاء يبين موقف أكثرية الناخبين!! بل إن الأشد سوءاً أن هذا الإعلان الذي ليس له مثيل في أي بلد ديموقراطي في العالم يعتبر ازدراء لأكثرية المصريين، فقد أيد 77% منهم الإعلان الدستوري الذي عُرِضَ عليهم في استفتاء شفاف ونزيه بشهادة المراقبين من الداخل والخارج، ومما يُسَجّل لذلك الاستفتاء أنه شهد أوسع مشاركة من شرائح المجتمع المصري منذ ستة عقود.

وبذلك سقطت أكذوبة الديموقراطية التي يدعيها التغريبيون إذ لا يجوز بحال الالتفاف على قرار الشعب الذي تبين في الاستفتاء على الإعلان الدستوري عقب سقوط نظام مبارك.. فلماذا يجازف أدعياء الديموقراطية بخيانتها على رؤوس الأشهاد بحسب الصورة الواضحة الآن؟
الجواب لا يقتصر على الحالة المصرية الراهنة، وإنما تؤكده تجربة الأمة مع عملاء الغرب حضارياً وسياسياً، على امتداد أكثر من 100 عام مليئة بالآلام ومثقلة بالهزائم على كل صعيد.

وعليه، فإننا نتحدى رموز هذا التيار الفاشل علانية بأن يقدم لنا شاهداً واحداً في أي بلد مسلم على نجاحهم شعبياً من غير احتماء بحراب الغازي الأجنبي، أو بأحذية العساكر التي لا تتقن سوى الاستئساد على شعوبها، والاستسلام أمام الأعداء، ونهب ثروات الأوطان!!

فما من بلد عربي أو مسلم أتيحت لأبنائه فسحة - مهما كانت ضيقة - للبوح بموقفه إلا اختار خصوم التغريبيين لعضوية البرلمانات أو ترؤس السلطة التنفيذية.

والتغريبيون في مصر ليسوا أغبياء لكي يرتضوا ترك الحرية للشعب أن يقرر مصيره بنفسه؛ لأنهم على يقين راسخ بأنه لن يدع لهم أي فرصة للسيطرة على حاضر البلد العزيز ومستقبله، فالشعب بحسه المرهف يستبطن مرارة تجاربهم الاستبدادية، ولذلك فهو أذكى من أن يعهد بزمام الأمة إلى الخونة أو الحمقى الذين لا يحسنون قراءة التاريخ، ويهرفون بما لا يعرفون؛ لأن القضايا تتشابه عليهم!!


موقع المسلم - 22/9/1432 هـ
 

المصدر: موقع المسلم