صيام شهر شعبان إلا قليلا منه

منذ 2023-02-20

عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله لَمْ أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم»

فصلٌ: في فضل شهر شعبان:

روى الإمام أحمد برقم (21753)، والنسائي (2357)، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله لَمْ أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [1].

 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يِطَّلِع الله عزَّ وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لعباده إلَّا اثنين: مشاحن، وقاتل نفس»، رواه أحمد برقم (6642)، وغيرُه[2].

وله ألفاظ عدَّة

 

وأمَّا ما جاء في شرعيَّة صيامه فكثيرٌ منها ما يلي:

1ـ حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما -السابق- ـ

2ـ ما روى البخاري برقم (1969)، ومسلم (1156)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان.

3ـ ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله، رواه البخاري برقم (1970)، ومسلم (782).

ولمسلم برقم (1056): كان يصوم شعبان إلا قليلا.

 

 ما روته أم سلمة رضي الله عنها قالت: ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلَّا شعبان، ورمضان، رواه الترمذي برقم (736)، والنسائي (2174)[3].

 

قلت: وعلى العمل بما سب صلى الله عليه وسلم سَيْرُ المسلمين، قديمًا وحديثًا إلى يومنا هذا، والله المستعان، فهو خير معين[4].

 

فصل: في الحكمة من صيام ما تيسَّر من شهر شعبان:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في لطائفه (ص138): قيل: في صوم شعبان: أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط. اهـ

 

فصل: في أن شهر شعبان كالتقدمة لشهر رمضان فيُفعل فيه ما يُفعل في شهر رمضان:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله - عقب كلامه السابق- ولمَّا كان شعبان كالمُقدِّمة لرمضان شُرع فيه ما يشُرع في رمضان من الصيام، وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن. اهـ

 

وقال العلامة العثيمين رحمه الله كما في مجموع فتاويه (20 /22): قال أهل العلم: وصوم شهر شعبان مثل السنن والرواتب، بالنسبة للصلوات المكتوبة، ويكون كأنه تَقْدِمَة لشهر رمضان.

 

أي: كأنه راتبة لشهر رمضان، ولذلك سُنَّ الصيام في شهر شعبان. اهـ

 

قلت: وإذا كان شهر شعبان كالتقدمة لشهر رمضان، فلا يُحصر عمل الخير فيه بالصيام وقراءة القرآن فقط، بل يَشمل كل ما يُفعل من الأعمال الصالحة في شهر رمضان، كالصدقة والقيام وغيرهما، والله أعلم.

 


[1] قال العلامة الألباني رحمه الله: في صحيح وضعيف النسائي (6/1): حديث حسن. اهـ.

[2] قال العلامة الألباني رحمه الله: في الصحيحة (3/ 135): حديث صحيح، رُوي عن جماعة من الصحابة من طُرقٍ مختلفة، يشد بعضها بعضًا، وهم: معاذ ابن جبل، وأبو ثعلبة الخشني، وعبد الله بن عمرو، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وأبي بكر الصديق، وعوف ابن مالك، وعائشة رضي الله عنها... اهـ

[3] قال العلامة الألباني رحمه الله: في صحيح وضعيف ابن ماجه (6/1): حديث صحيح. اهـ

[4] راجع للمزيد: لطائف المعارف (ص123 ـ 132).

________________________________________________________
الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني