تذكير عباد الرحمن بفقــــه شهر شعبــان

منذ 2023-02-23

ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرِع فيه ما يشرع لرمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك طاعة للرحمن.

الحمد لله الذي فاوت بين العباد، وفضل بعض خلقه على بعض حتى في الأمكنة والأزمنة والبلاد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفصح من نطق بالضاد، وعلى آله وصحبه السادة الأمجاد.

وبعد..

فشهر شعبان من الأشهر العظيمة ففيه ترفع الأعمال إلى الله، فحريٌّ بالعبد أن يتعرف على فقه هذا الشهر ووظائفه، وفي هذه الكلمات أطوف معكم حول فقه هذا الشهر العظيم، وقد رتبتها على صورة مسائل:

فأبدأ مستعينا بحول الله وقوته، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.

روى الإمام النسائي رحمه الله – وحسنه الألباني – عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت  يا رسولَ اللَّهِ ! لم أرك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟ ! قالَ: «ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجبٍ ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ».  .(رواه النسائي في المجتبى،ح 2357 و حسنه الألباني)

المسألة الأولى: صيام أكثر شعبان

في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استكمَلَ صِيامَ شَهرٍ قَطُّ إلَّا رَمضانَ، وما رأيتُه في شَهرٍ أكثَرَ منه صيامًا في شَعبانَ (رواه البخاري 1969، ومسلم 1156).

وقد رجح طائفة من العلماء، منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان وإنما كان يصوم أكثره، ويشهد له ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما علمته صام شهراً كله إلا رمضان. (مسلم 1156).

المسألة الثانية:  كيف خص النبي صلى الله عليه وسلم شعبان بصيام التطوع فيه مع أنه صلى الله عليه وسلم قال  «أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم».  (مسلم 1163).؟ !

الجوابقال الإمام النووي رحمه الله لَعَلَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ فَضْلَهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَالثَّانِي لَعَلَّهُ كَانَ يَعْرِضُ فِيهِ أَعْذَارٌ مِنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا .(شرح صحيح مسلم للنووي 8/ 55).

المسألة الثالثة: لماذا لم يصم النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان؟

الجواب: قال النووي رحمه الله: قَالَ الْعُلَمَاءُ وَإِنَّمَا لَمْ يستكمل غير رمضان لئلا يظن وجوبه (شرح مسلم 8/ 37).

المسألة الرابعة: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم «أفضل الصيام صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما». ومع ذلك فلم يصم كذلك بل كان صلى الله عليه وسلم يصوم سردا ويفطر سردا ويصوم أكثر شعبان وكل اثنين وخميس؟!

الجواب: صيام داود – عليه السلم - الذي فضله النبي صلى الله عليه وسلم على الصيام قد فسره صلى الله عليه وسلم بحديث آخر بأنه صوم نصف الدهر وكان صيام النبي صلى الله عليه وسلم إذا جمع يبلغ صيام نصف الدهر أو يزيد.

وكان يصوم مع ما سبق ذكره: يوم عاشوراء ويوم التاسع من ذي الحجة وانما كان يفرق صومه ولا يصوم يوما ويفطر يوما لأنه كان يتحرى الأوقات الفاضلة ولا يضر تفريق الصوم والفطر أكثر من يوم ويوم إذا كان القصد به التقوي على ما هو أفضل من الصيام من أداء الرسالة وتبليغها والجهاد في سبيل نشرها والقيام بحقوقها فكان صيام يوم وفطر يوم يضعفه عن ذلك ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة عمن يصوم يوما ويفطر يومين قال   «وددت أني طوقت ذلك».   (مسلم 1162).

المسألة الخامسة: ما الحكمة من صيام النبي صلى الله عليه وسلم أكثر شهر شعبان؟  .

الجواب:

أ‌-  أنه شهر يغفل عنه كثير من الناس بين رجب و رمضان.

وفي هذا إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقا أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها كثير من الناس فيشتغلون بالمشهور منه ويفوتون تحصيل ما ليس بمشهور عندهم.

وفيه كذلك دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأن ذلك محبب لله عز وجل.

ولقد كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة.

كذلك فُضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة فيه لأكثر الناس فيه عن الذكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم  «إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن».  . (رواه الترمذي 3579 وقال هذا حديث حسن صحيح).

ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء الى نصف الليل وإنما علل ترك ذلك خشية المشقة على الناس ولما خرج على أصحابه وهم ينتظرون لصلاة العشاء قال لهم «ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم».  (البخاري 566).

وفي هذا إشارة الى فضيلة الذكر في الأسواق وما ورد من الحديث المرفوع والآثار الموقوفة حتى قال أبو صالح إن الله ليضحك ممن يذكره في السوق  وسبب ذك أنه ذكر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة.

ولهذا جاء في الحديث في فضل من ذكر الله في السوق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دخل السوق، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة  (أخرجه الترمذي 3428, وحسنه الألباني).

فضل إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة:

أولا: أنه يكون أخفى:

وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد وربه، و لهذا قيل: أنه ليس فيه رياء، وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد كان يخرج من بيته الى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل سوقه انه اكل في بيته.

ثانيا: أنه أشق على النفوس:

وأفضل الأعمال أشقها على النفوس؛ وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم فسهلت الطاعات، وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس فيشق على نفوس المتيقظين طاعاتهم لقلة من يقتدي بهم فيها ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (ح 2948) من حديث معقل بن يسار  «العبادة في الهرج كهجرة إلي».   وفي لفظ أحمد  «العبادة في الفتنة كالهجرة إليّ».

وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهوائهم ولا يرجعون الى دين فيكون حالهم شبيها بحال الجاهلية فاذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا به متبعا لأوامره مجتنبا  لنواهيه.

ثالثا: أن المنفرد بطاعته بين أهل المعاصي والغفلة قد يدفع به البلاء عن الناس كلهم .

فكانه يحميهم ويدافع عنهم، وقد قال بعض السلف: ذاكر الله في الغافلين كمثل الذي يحمي الفئة المنهزمة، ولولا من يذكر الله في غفلة الناس لهلك الناس.

ورأى بعض المتقدمين في منامه من ينشد ويقول:

لولا الذين لهم وردٌ يصلونـــــــــــــا         وآخرون لهم سرد يصلونـــا

لدكدكت أرضكم من تحتكم سحرا         لأنكم قوم سوء ما تطيعونا

 

ب‌- أنه شهر ترفع فيه الأعمال الى الله:

والأعمال ترفع إلى الله على ثلاثة أحوال:-

أولا: رفع يومي:

ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ، وَصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهو أَعْلَمُ بهِمْ كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». (البخاري 555،مسلم 632).

وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري قال: قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: «إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجابُهُ النُّورُ». ، وفي رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: «النَّارُ، لو كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ».

وكان الضحاك يبكي آخر النهار ويقول: لا أدري ما رفع من عملي اليوم.

 

ثانيا: رفع أسبوعي:

ففي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم».. (الترمذي 747، وصححه الألباني).

وكان إبراهيم النخعي يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي اليه ويقول: اليوم ترفع أعمالنا إلى الله عز وجل.

 

ثالثا: رفع سنوي:

وهو المقصود في حديث أسامة هذا.

 

 المسألة السادسة: صيام النصف الثاني من شعبان.

ورد حديث عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان».
وقد اختلف في تصحيح هذا الحديث وتضعيفه.

صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والطحاوي وابن عبد البر.

وضعفه من هو أكبر من هؤلاء وأعلم وقالوا هو حديث منكر منهم عبد الرحمن بن مهدي والامام أحمد وأبو زرعة الرازي والأشرم.

واختلفوا في العمل به:

قال الطحاوي هو منسوخ وحكى الاجماع على ترك العمل به، وأكثر العلماء على أنه لا يعمل به.

وأخذ به آخرون منهم الشافعي وأصحابه ونهوا عن ابتداء التطوع بالصيام بعد النصف من شعبان لمن ليس له عادة و وافقهم بعض المتأخرين من الحنابلة.

وعللوا النهي بالآتي:

·خشية أن يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، وهذا بعيد جدا فيما بعد النصف وإنما يُحمل هذا في التقدم بيوم أو يومين.

·للتقوِّي على صيام رمضان خشية أن يضعفه عن صيام شهر رمضان، ويُرد هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر شعبان ويصله برمضان. (لطائف المعارف 136).

 المسألة السابعة: صيام يوم النصف من شعبان:

وهو غير منهي عنه فإنه من جملة الأيام البيض الغُرّ المندوب صيامها من كل شهر.

ففي سنن الترمذي عن موسى بن طلحة قال سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   «يا أبا ذرٍّ إذا صمتَ من الشهرِ ثلاثةً فصُمْ ثلاثَ عشرةَ وأربعَ عشرةَ وخمسَ عشرةَ».(أخرجه الترمذي وحسنه ح 761).

وأما بخصوص صيام يوم النصف من شعبان ؛ فقد جاء فيه حديث (موضوع) في سنن ابن ماجه:- عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها........) الحديث.

المسألة الثامنة: فضل ليلة النصف من شعبان:

وفي فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث أُخر متعددة وقد اختُلف فيها فضعفها الأكثرون وصحح ابن حبان بعضها وخرجه في صحيحه.

وقد حسن الشيخ الألباني حديثا منها وهو الذي صححه ابن حبان من حديث معاذ مرفوعا: «إنَّ اللَّهَ يطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خلقِهِ إلا لمشرِكٍ أو مشاحنٍ».   (صحيح ابن حبان).

 وأما قيام ليلها فلم يثبت فيه شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه.

 

 المسألة التاسعة: صيام آخر شعبان:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ». (البخاري 1914، ومسلم 1082).

 

فصيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال:-

أولا: أن يصام بنية الرمضانية احتياطا لرمضان فهذا منهي عنه.

ثانيا: أن يصام بنية النذر أو قضاء من رمضان أو من كفارة ونحو ذلك فيجوزه الجمهور.

ثالثا: أن يصام بنية التطوع المطلق؛ فاختلف العلماء في ذلك ففرق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا.

 المسألة العاشرة: الحكمة في النهي عن تقدمة رمضان بصوم يوم أو يومين:

- أنه على وجه الاحتياط  لرمضان فينهى عن ذلك لئلا يُزاد في صيام رمضان ما ليس منه كما ينهى عن صيام يوم العيد لهذا المعنى حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم فزادوا في صيامهم بآرائهم وأهوائهم.

- للفصل بين صيام الفرض والنفل فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع، ولهذا حرم صيام العيد ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى تفصل بينهما بسلام وكلام وخصوصا سنة الفجر قبلها فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ولهذا يُشرع صلاتها في البيت والاضطجاع بعدها، لهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أُقيمت صلاة الفجر قال له «الصبح أربعاً». ؟ (أخرجه البخاري 663).

 أن ذلك للتقوي على صيام رمضان لمن أضعفه مواصلة الصيام.

 

المسألة الحادية عشرة: صيام يوم الشك

قال عمار بن ياسر رضي الله عنهما: من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم وصححه الترمذي وابن خزيمة).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:  يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان اذا كان في السماء ما يمنع من رؤية الهلال كغيم وقتر والقتر هو التراب الذي يأتي مع الرياح (الشرح الممتع).

والراجح أن صيام يوم الشك حرام إذا قصد به الاحتياط لرمضان (الشرح الممتع).

 

إخواني الكرام:

اجتنبوا الذنوب التي تحرم العبد مغفرة مولاه الغفار في مواسم الرحمة والتوبة والاستغفار، أما الشرك فإنه «مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ».

وأما الشحناء فيا من أضمر لأخيه السوء وقصد له الإضرار «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ».

يكفيك حرمان المغفرة في وقت مغفرة الأوزار.

 

مضى رجب وما أحسنت فيــــه  **  وهذا شهر شعبان المبــــــارك

فيا من ضيع الأوقات جهـــــــلا  **  بحرمتها أفق واحذر بـــــوارك

فسوف تفارق اللذات قهــــــــرا  **  ويخلى الموت قهرا منك دارك

تدارك ما استطعت من الخطايا  **  بتوبة مخلص واجعل مـــدارك

على طلب السلامة من جحيــم  **  فخير ذوي الجرائم من تـدارك

 

ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرِع فيه ما يشرع لرمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك طاعة للرحمن.

يا مغرورا بطول الأمل، يا مسرورا بسوء العمل... كن من الموت على وَجَل فما تدري متى يهجم الأجل.

كل امرئ مصبح في أهله  ....  والموت أدنى له من شراك نعله

 

قال أحد السلف: كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومن مؤجل غدا لا يدركه، إنكم لو رأيتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره.

كم ممن راح في طلب الدنيا أو غدا، أصبح من سكان القبور غدا !!

اللهم اجعل علمنا خالصا لوجهك الكريم....

اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وأن يزيدنا علما

.(انظر لطائف المعارف للحافظ ابن رجب الحنبلي فقد استفدت منه كثيرا في هذا الباب).

 

_________________________________________________________

الكاتب: جمال علي يوسف فياض