قرائن طيب النفس ورضاها
{فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} وأنَّ ذلك مشروطٌ برضاها وطيبِ نفسِهَا، حتى عَدَّهُ بعضُ الصحابةِ علاجًا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4].
تأمل قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} !
ليست العلة في إباحة شيءٍ من المهر للرجل إذن المرأة، إنما علة الإباحة الرضى وأن تكون نفسها طيبة ذلك.
قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا}، وطيب النفس ورضاها له قرائن؛ منها:
أن تبدي رغبتها للزوج بالتنازل عن شيءٍ من المهر.
والفرح بقبول الزوج منها.
والمبادرة بالموافقة عند سؤال الزوج شيئًا من المهر.
وقد يسأل الرجل امرأته أن تتنازل له عن شيءٍ من المهرِ، فتأذن له الزوجة إذنًا يستشعر منه عدم رضاها، فلا يحل له أخذ شيءٍ من مهرها، فإذا أخذه فقد أكل سحتًا؛ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»[1]، ثم تأملْ قَولَهُ تَعَالَى: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}، وأنَّ ذلك مشروطٌ برضاها وطيبِ نفسِهَا، حتى عَدَّهُ بعضُ الصحابةِ علاجًا؛ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا، فَلْيسأل امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلْيَبْتَعْ بِهَا عَسَلًا ثُمَّ لِيَأْخُذْ مَاءَ السَّمَاءِ فَيَجْتَمِعُ هَنِيئًا مَرِيئًا شِفَاءً مُبَارَكًا.
[1] رواه أحمد- حديث رقم: 20695، وأبو يعلى- حديث رقم: 1570، والبيهقي في السنن الكبرى- كِتَابُ الْغَصْبِ، بَابُ مَنْ غَصَبَ لَوْحًا فَأَدْخَلَهُ فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَنَى عَلَيْهِ جِدَارًا، حديث رقم: 11545، عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، بسند صحيح
________________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
- التصنيف: