وانتصف الشهر!!
ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل، فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت أول رمضان، كلمات، أستقبل بها رمضان، وأعتذر إليه!!!!
والآن، وقد انتصف شهر رمضان، أكتب كلمات، أودع وأعزي نفسي بمامضى، القرآن وأحث نفسي وغيري على اغتنام باقيه.
فقلت:
انتصف الشهر، ونحن لم ننتصف من أنفسنا، وبعصنا لم ينصف القرآن!!!
وهكذا الأيام تترى، والليالي تنقضي، وهي تعمل فينا بالنقص، وكثير منا يعمل في نفسه النقص أيضا، ولا يعمل في الأيام ليكمل!!
قال بعض السلف: (إن الليالي والأيام تعملان فيك، فاعمل أنت فيهما)!
ترحَّلَ من شهرِنا شطــــــــرُهُ ** وأعلن عن نأيهِ؛ بــــــدرُهُ
فجودوا، وجِدّوا، ولا تكسلوا ** فما زال في شهرِنا خيرُهُ
عباد الله..
شهر رمضان قد انتصف، فمن منكم حاسب فيه نفسه لله وانتصف؟!
من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف؟!
من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له غرفاً من فوقها غرف؟
ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل، فكأنكم به وقد انصرف، فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف؟!
انتصف شهر رمضان..
ذهب نصف البضاعة في التفريط والإضاعة!
والتسويفُ يمحق ساعة بعد ساعة!
{والشمس والقمر بحسبان}
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}
يا واقفا في مقام التحيّر!
هل أنت على عزم التغير؟
إلى متى ترضى بالنزول في منزل الهوان؟!.
يا أيها البدر المسافر في الفلك..ْ
هل لي بأن أرقى إليك لأسألك؟!ْ
من ذا الذي أهداك أجمل صورة
وحباك نوراً في الفضاء وجمّلكْ؟!
ارفعوا رؤوسكم وانظروا البدر وقد اكتمل نوره وتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته».
ثم اعلموا إخواني، كما قال العلامة ابن عثيمين: (العشر الأواسط أفضل من العشر الأول، والعشر الأواخر أفضل من العشر الأواسط، وتجدون هذا في الغالب مطرد وأن الأوقات الفاضلة آخرها أفضل من أولها، ويوم الجمعة عصره أفضل من أوله، ويوم عرفة عصره أفضل من أوله، والحكمة من هذا والله أعلم: أن النفوس إذا بدأت بالعمل كلّت وملّت فرُغِّبت بفضل آخر الأوقات على أولها حتى تنشط فتعمل العمل الصالح.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح لنا ولكم الأولى والآخرة).
ويا أهل القرآن وحملته وقرأته..
كان مالك بن دينار يقول: يا حملة القرآن.. ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن،
كما أن الغيث ربيع الأرض، فقد ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحش -يعني مكان النجاسة- فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها أن تهتز وتخضر..
فيا حملة القرآن.. ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟
ياقوم...
رمضانُ يا قومِ انتصَف
فتداركوا ما قد سلف
و تزوَّدوا لمعادِكم
قبل الندامةِ والأسف
و تذلَّلُـوا لإلٰهكم
فالذُّلُّ للمولى شرف
يمضي رمضانُ بلياليه…
حتىٰ أخذ نصفه…
دون أن نشعر.!
اَللَّهُمّ كَمَا أَكْرَمْتَنَا بِبُلُوغِ
نصفَ رَمَضَانَ
أَكْرِمْنَا بِبُلُوغِ تَمَامِهِ
وَحُسْنَ العَمَلِ وَالقَبُولِ
والعتقِ مِن نِيرَانِهِ..
اَللَّهُمّ إنا نَسْأَلُكَ حُسْنَ الصِّيَامِ
وَحُسْنَ القِيَامِ…
وَلَا تَجْعَلْنَا مِن الخَاسِرِينَ
فِي رَمَضَانَ
اَللَّهُمّ اِجْعَلِ الريانَ بَابَنا…
والكوثر شَرَابَنَا…
وَأَعْتِقْ رِقَابَنَا…
وَرِقَابَ آبَائِنَا وأمهاتِنا مِن النَّار
آمـــــ ياأرحم ـــــين الراحمين
اَللَّهُمّ اِجْعَلْ سَعْيَنَا فِي رَمَضَانَ
مَشكورًا، وَذَنْبَنَا فِيه مَغْفُورًا، وَعَمَلَنَا فِيه مُتقبَّلاً يَارَبّ العَالَمِينَ...
جعلني الله وإياكم ممن يستدرك هذه الأيام بالطاعات، ويتعرض للنفحات، ويفوز بالجنات.. آمين آمين آمين.
___________________________________________
الكاتب: وليد بن عبده الوصابي
- التصنيف: