من آداب الصيام: أن يفطر على الرطب أو على التمر أو على الماء
"كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ"
أخرج أبو داود عن أنس بنِ مالِكٍ رضي الله عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ"؛ (صحيح أبي داود: 2356).
وأخرج أبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان من حديث أنس رضي الله عنه قال: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط صلى صلاة المغرب حتى يفطر، ولو على شربة من ماء"؛ (صحيح الترغيب والترهيب:1076).
فالنبيَّ صلى الله عليه وسلم: "كَانَ يُفطِرُ على رُطَبَاتٍ قبلَ أن يُصَلِّيَ"؛ أي: يَأْخُذُ عددًا مِن الرُّطَباتِ يُفطِرُ عليهِنَّ قبلَ أن يُصَلِّيَ المَغرِبَ، وَهذا مِن باب تعجيلِ الفِطرِ، و"الرُّطَبُ": البَلَحُ وثَمَرُ النَّخْلِ الغَضُّ قبلَ أن يَجِفَّ ويُصبِحَ تَمْرًا، "فإن لم تَكُن رُطَباتٌ"، أي: فإن لم يَجِدْ صلى الله عليه وسلم رُطَباتٍ، أفطَرَ على التَّمرِ، "فإن لم تَكُنْ"، أي: فإن لم يَجِدْ صلى الله عليه وسلم تَمْرًا، "حسَا حَسَواتٍ مِن ماءٍ"، أي: شَرِب قليلًا مِن الماء، و"الحَسْوَةُ": الجَرْعَةُ مِن الشَّرابِ، وهذا الهدي النبوي فيه ما فيه من الفوائد الصحيَّة، فلو بدأ الإنسان إفطاره بالرطب أو التمر والماء، فهذا يفيد الجسم إفادة عظيمة، فقد ذكر بعض أهل الطب أن الأمعاء تمتص المواد السكرية الذائبة في أقل من خمس دقائق، فيرتوي الجسم وتزول أعراض نقص السكر والماء فيه؛ لأن سكر الدم ينخفض في أثناء الصوم؛ فيؤدي إلى الشعور بالجوع وإلى بعض التوترات أحيانًا، وهذا سرعان ما يزول بتناول المواد السكرية، وقال بعضهم: وأما الماء، أي الإفطار على الماء، فإن الكبد يحصل له بالصوم نوع من اليبس، فإذا رطب بالماء كمل انتفاعه بالغذاء، فصلَّى الله وسلم على نبينا الرؤوف الرحيم؛ (مخالفات رمضان للشيخ عبد العزيز السرحان ص16).
ويقول ابن القيم رحمه الله كما في "زاد المعاد: 2/50": "وكان صلى الله عليه وسلم يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم، فإن إعطاء الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله، وانتفاع القُوى به، ولا سيما القوى الباصرة، فإنها تقوى به... وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبس، فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده، ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع، أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي بها تأثير في صلاح القلب، لا يعلمها إلا أطباء القلوب، وكان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي، وكان فطره على رطبات إن وجدها، فإن لم يجدها فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى حسواتٍ من ماء؛ تطفئ لهيب المعدة وحرارة الصوم، فتنتبه بعده للطعام، وتأخذه بشهوة"؛ اهـ باختصار.
وذكر ابن القيم أيضًا رحمه الله فوائد الرطب والتمر، فقال كما في زاد المعاد 4/291": وهو مقوي للكبد، ملين للطبع، يزيد من الباءة: أي الجماع، وهو أكثر الثمار تغذية للبدن، فهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلو"؛ اهـ.
_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ ندا أبو أحمد
- التصنيف: