عيد الفطر وبشارة القبول
يا من أمرتم بالصيام فصمتم، يا من أمرتم بالقيام فقمتم، وأمرتم بالصبر فصبرتم، يا من دعيتم إلى النفقة في سبيل الله فأنفقتم( أبشروا) أبشروا بالخير
أيها الإخوة الكرام: يا من بلغكم الله تعالى رمضان من أوله إلى آخره، أسأل الله تعالى أن يبارك في أعماركم، وأن يبلغكم إياه سنوات عديدة، وأن يؤتي بكل ليلة من ليالي رمضان، وبكل يوم من أيامه في ميزان حسناتكم يوم القيامة..
يا من أمرتم بالصيام فصمتم، يا من أمرتم بالقيام فقمتم، وأمرتم بالصبر فصبرتم، يا من دعيتم إلى النفقة في سبيل الله فأنفقتم( أبشروا) أبشروا بالخير، أبشروا بقبول العمل فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا..
قال الله تعالى﴿ {وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ} ﴾
وقال عز من قائل ﴿ {وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَآءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ} ﴾
وقال ﴿ { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} ﴾
فيا من جاهدتم أنفسكم في رمضان وفي كل وقت، ويا من حملتم أنفسكم حملا على السمع والطاعة لله ورسوله آناء الليل وأطراف النهار في رمضان وفي كل وقت أبشروا بالقبول فإن الله تعالى يتقبل من المتقين، ونحسبكم جميعا من المتقين ولا نزكي على الله أحدا..
قال الله تعالى ﴿ {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِۦ وَإِنَّا لَهُۥ كَٰتِبُونَ} ﴾
أبشروا بالخير أيها المؤمنون:
فإن الله تعالى لا يظلم الناس شيئا وإن تك نية صالحة، وإن تك حسنة فإن الله تعالى يتقبلها وينميها ويربيها ويضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما..
قال الكريم سبحانه وتعالى ﴿ {مَا كَانَ لِأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ ٱلْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا۟ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا۟ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِۦ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٌ صَٰلِحٌ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ} ﴾ ﴿ {وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ} ﴾
تفائلوا أيها المؤمنون بالخير تجدوه، أحسنوا الظن بالله تعالى فإنه عز وجل يقول: ( «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء» )
قبول الأعمال كان في وقت من الأوقات في الأمم من قبلنا ( مُحسا معروفا) كان الرجل يعمل العمل فتأتيه بشارة القبول عيانا يراها ويراها الناس بلا لبس ولا شك..
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات، ولكن سمعته أكثر من ذلك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"كان الكفل من بني إسرائيل، وكان لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة، فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها، فلما أرادها على نفسها ارتعدت وبكت، فقال: ما يبكيك؟
قالت: لأن هذا عمل ما عملته، وما حملني عليه إلا الحاجة ، فقال: تفعلين أنت هذا من مخافة الله، فأنا أحرى ، اذهبي فلك ما أعطيتك، ووالله لا أعصيه بعدها أبدا..
قال النبي عليه الصلاة والسلام فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل، فعجب الناس من ذلك"
أمارات قبول الأعمال في الأمم التي ( سبقتنا) كانوا يرونها بأعينهم ﴿ { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلْءَاخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ} ﴾
كانوا يرون دلائل القبول بأعينهم اللاتي في رؤوسهم .. لكن دلائل القبول عندنا نحن المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإننا نراها بقلوبنا النقية، ونستشعرها بحواسنا الإيمانية...
نراها ( غبطة) نراها ( رضا) نراها ( فتحا) نراها ( انشراحا) نراها ( سعادة) نراها بقلوبنا ( فرحا) فرح لا يصحبه ( عجب) ولا يلازمه ( غرور) ذلك أن العجب والاغترار من مُفسدات الأعمال..
بل فرح العبد الذاكر الشاكر فرح المقر بنعمة الله تعالى ﴿ { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا۟ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } ﴾
أمارة قبول أعمالنا نراها بقلوبنا في صورة (عمل صالح آخر) يهدينا ربنا إليه ويدلنا ويعيننا عليه بعد عمل صالح عملناه، قال بعض السلف ( ثواب الحسنة الحسنة بعدها)
قلت: ومن ذلك صيام ست من شوال نستكمل به ثواب صيام السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام ( من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كام كصيام الدهر)
أسأل الله العظيم أن يقبل منا جميعا، وأن يغفر لنا جميعا، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأعمال، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل..
محمد سيد حسين عبد الواحد
إمام وخطيب ومدرس أول.
- التصنيف: