قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعذر

منذ 2023-05-12

الذي يترجح لي أنَّ من فاتته راتبة الفجر بعذر يجوز أن يقضيها بعد الصلاة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم

لأهل العلم في الجملة في قضاء راتبة الفجر إذا فاتت قولان في الجملة قول بعدم القضاء وقول بالقضاء.

القول الأول: لا تقضى راتبة الفجر: روي عن عامر الشعبي في إحدى الروايتين[1] وهو قول للمالكية[2].

الدليل الأول: النص ورد بقضاء الواجبات[3].

 

الرد: لا يختص القضاء بالواجبات فيأتي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى راتبة الظهر البعدية بعد العصر وقضى قيام الليل نهاراً وأمر بذلك وقضى النبي صلى الله عليه وسلم اعتكاف العشر الأواخر من رمضان في شوال[4].

 

الدليل الثاني: ليس في الذمة شيء فيجب قضاؤه [5].

الرد:تقدم.

 

الدليل الثالث: تسقط الراتبة بفوات وقتها كالكسوف، والخسوف [6].

الرد من وجهين:

الأول: هذا القياس مقابل النص.

الثاني: الكسوف والاستسقاء ليستا براتبة وإنَّما لعارض وإذا زال العارض زالت مشروعية القضاء [7].

 

الدليل الرابع: الصلاة إنَّما تفعل لتعلقها بالوقت، أو لتعلقها بالذمة أو تبعاً لفعل فريضة، وركعتا الفجر لم يتعلقا بالوقت، لأنَّ وقتيهما قد فاتا وهي غير متعلقة بالذمة، لأنَّ النافلة لا تتعلق بالذمة وليس يفعلان على طريق التبع، لأنَّ متبوعها قد سقط فعلم أنَّهما لا يفعلان [8].

 

الرد من وجوه:

الأول: وقت قضاء الراتبة إذا زال العذر فلا يفوت وقتها كالفرض.

الثاني: تقدم أنَّ القضاء لا يختص بالنفل.

الثالث: قضاء راتبة الفجر بعد الفرض لا يخرجها عن التبع للفرض.

 

القول الثاني: لا تقضى راتبة الفجر إلا إذا فاتت مع الفرض: وهو مذهب الأحناف [9] والقول القديم للشافعي [10].

 

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» »، قال: ففعلنا، « « ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ» »[11].

 

الدليل الثاني: في حديث أبي قتادة رضي الله عنه «فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ، قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ: « «ارْكَبُوا» »، فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ،... ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ رضي الله عنه بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ» [12].

وجه الاستدلال: الأصل في السنة أن لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب والحديث ورد في قضائها تبعاً للفرض فبقي ما وراءه على الأصل [13].

 

الرد من وجهين:

الأول: قول: إنَّ الأصل في السنة اختصاص القضاء بالواجب مجرد دعوى فيشرع قضاء ما فات من النوافل بعذر لما يأتي.

الثاني: لا يوافق على قول: الحديث ورد في قضائها تبعاً للفرض فجاء قضاؤها تبعاً للفرض وإذا فات وحدها ويأتي.

 

القول الثالث: تقضى راتبة الفجر فاتت وحدها أو مع الفرض: وهو مذهب ابن عمر رضي الله عنهما والقاسم بن محمد [14] وعطاء بن أبي رباح [15] وطاوس بن كيسان [16] وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج [17].

 

وروي عن عامر الشعبي في إحدى الروايتين [18] وهو قول للأحناف [19] ومذهب المالكية [20] والصحيح من مذهب الشافعية [21] وهو مذهب الحنابلة [22] واختاره ابن حزم ـ ونسبه لداود ـ [23] وشيخ الإسلام ابن تيمية [24] وابن القيم [25]وابن باز [26] وشيخنا محمد العثيمين [27].

 

الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» »، قال: ففعلنا، « «ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ» ».

 

الدليل الثاني: في حديث أبي قتادة رضي الله عنه «فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ، قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ: « «ارْكَبُوا» »، فَرَكِبْنَا فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ،... ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ رضي الله عنه بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ».

 

وجه الاستدلال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم راتبة الفجر حينما فاتت.

الرد: قضاها قبل الفرض ولم ينقل قضاها إذا فاتت وحدها [28].

الجواب: يأتي قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لراتبة الظهر البعدية بعد العصر وقضاء ابن عمر رضي الله عنهما لراتبة الفجر.

 

الدليل الثالث: في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر فقال لها: « «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ» » [29].

وجه الاستدلال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد العصر فالفجر أولى بالقضاء لأنَّها آكد منها [30].

 

الدليل الرابع: في حديث عائشة رضي الله عنها «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» [31].

وجه الاستدلال: فيه محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على النفل وقضاؤه ما فات منه [32].

 

الدليل الخامس: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» » [33].

وجه الاستدلال: شرع لنا النبي صلى الله عليه وسلم قضاء قيام الليل في النهار [34].

 

الدليل السادس: عن قيس الأنصاري رضي الله عنه، قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ» ؟» فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم "[35].

وجه الاستدلال: أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم عاصماً الأنصاري رضي الله عنه حينما قضى راتبة الفجر بعد الصلاة [36].

 

الدليل السابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: « «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» »[37].

وجه الاستدلال: « صَلاةً » نكرة في سياق الشرط فتعم كل صلاة فرضاً أو نفلاً فتدخل راتبة الفجر في عموم الحديث [38].

الرد: ذكر الكفارة يدل على أنَّ المقصود صلاة الفرض والله أعلم.

 

الدليل الثامن: عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ» » [39].

وجه الاستدلال: في الحديث جواز قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعد الصلاة.

الرد: الحديث منكر.

 

الدليل التاسع: عن نافع « أنَّ ابن عمر، دخل المسجد والقوم في الصلاة، ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فدخل مع القوم في صلاتهم، ثم قعد، حتى إذا أشرقت له الشمس قضاها »[40].

وجه الاستدلال: قضى ابن عمر رضي الله عنهما راتبة الفجر اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره.

 

الدليل العاشر: صلاة راتبة في وقت فلم تسقط بفوات الوقت إلى غير بدل كالفرائض [41]

الرد من وجهين:

الأول: لا يصح قياس النفل على الفرض.

الجواب: الأصل استواؤهما في الأحكام إلا ما دل الدليل على خلافه.

 

الثاني: القضاءُ في الصلاة المفروضة بأمر مجدّد [42].

الجواب: الأمر يتناول الفرض والنفل لكنَّه في النفل على سبيل الاستحباب.

 

الدليل الحادي عشر: كل صلاة قُضيت مع غيرها قُضيت وحدَها [43].

الرد: هذا محل الخلاف.

 

الترجيح: الذي يترجح لي استحباب قضاء راتبة الفجر إذا خرج وقتها بعذر سواء فاتت وحدها أو مع الفرض لما تقدم من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره وعمل ابن عمر رضي الله عنهما والله أعلم.

 

وقت قضاء الراتبة:

أول وقت قضاء راتبة الفجر: القائلون بقضاء راتبة الفجر إذا فاتت اختلفوا على قولين قول بعد وقت النهي وقول بعد صلاة الصبح.

 

القول الأول: أول وقت قضاء الراتبة بعد حل الصلاة: رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال به محمد بن القاسم ـ وتقدم ـ وهو المشهور من مذهب المالكية [44] وهو مذهب الحنابلة [45].

 

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَ «ا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» » [46].

 

الدليل الثاني: في حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه «صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ» [47].

 

وجه الاستدلال: يدخل في عموم النهي عن الصلاة بعد الفجر والعصر قضاء راتبة الفجر وقت النهي.

الرد: يأتي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى راتبة الظهر البعدية بعد العصر وأمر من دخل والناس يصلون الصبح بالصلاة معهم وإن كان قد صلى فالنهي في الحديثين عن النفل المطلق لخروج ذوات الأسباب بالنصوص السابقة وغيرها والله أعلم.

 

الدليل الثالث: عن نافع «أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما جاء فدخل المسجد وهم في صلاة الصبح، ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فدخل معهم في صلاتهم، ثم انتظر حتى إذا طلعت الشمس، وحلت الصلاة، صلاهما ».

 

وجه الاستدلال: لم يقض ابن عمر رضي الله عنهما راتبة الفجر إلا بعد زوال وقت النهي.

الرد: يأتي عن ابن عمر رضي الله عنهما قضاؤه راتبة الفجر بعد سلام الإمام فلا يلزم من تأخيره للراتبة أنَّه يرى عدم القضاء وقت النهي.

 

القول الثاني: أول وقت القضاء بعد صلاة الصبح: وهذا القول رواية عن ابن عمر رضي الله عنهما وقال به عطاء بن أبي رباح وطاوس بن كيسان وابن جريج وروي عن عامر الشعبي ــ وتقدمت آثارهم ــ وهو رواية عند الحنابلة [48] واختاره ابن حزم ـ ونسبه لداود ـ [49] وشيخ الإسلام ابن تيمية [50] وابن القيم [51] وابن باز [52] وشيخنا محمد العثيمين [53].

 

الدليل الأول: في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر فقال لها: « «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ» ».

وجه الاستدلال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد العصر وهو وقت نهي فكذلك راتبة الفجر.

 

الدليل الثاني: عن قيس الأنصاري رضي الله عنه، قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ» ؟» فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم "

وجه الاستدلال: أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم قيساً الأنصاري رضي الله عنه حينما قضى راتبة الفجر بعد الصلاة ولم ينكر عليه.

 

الدليل الثالث: عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصليا معه، فقال: « «عَلَيَّ بِهِمَا» » فأتي بهما تَرْعَد فَرَائِصهما، قال: « «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا» ؟» قالا: يا رسول الله كنا قد صلينا في رحالنا. قال: « «فَلا تَفْعَلا إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» »[54].

 

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم المصلي إذا دخل مسجداً والناس يصلون الفجر يصلي معهم وهو وقت نهي بالنسبة له فكذلك رتبة الفجر والله أعلم.

 

الدليل الرابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: « «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» ».

 

وجه الاستدلال: وقت الصلاة الفائتة وقت زال العذر فمن فاتته راتبة الفجر يقضيها إذا سلم الإمام [55].

الرد: تقدم أنَّ الحديث في الفرض والصارف له ذكر الكفارة.

 

الدليل الخامس: عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ» » .

وجه الاستدلال: جواز قضاء راتبة الفجر إذا فاتت بعد الصلاة.

الرد: الحديث منكر.

 

الدليل السادس: عن عطية العوفي، قال: «رأيت ابن عمر رضي الله عنهما قضاهما حين سلم الإمام» [56].

وجه الاستدلال: قضى ابن عمر رضي الله عنه راتبة الفجر بعد سلام الإمام.

 

ثانياً: آخر وقت قضاء راتبة الفجر: اختلف القائلون بقضاء راتبة الفجر على قولين في الجملة تحديد وقت القضاء وعدم تحديده:

القول الأول: تقضي ما لم تغرب الشمس: وهو قول للشافعية [57].

 

الدليل: راتبة الفجر صلاة نهارية فتقضى ما دام النهار باقياً [58].

الرد: لا تقابل النصوص الثابتة بقضاء الراتبة والأمر بالمداومة على ما اعتاده الشخص من الخير بمثل هذا التعليل.

 

القول الثاني: تقضى ما لم تزل الشمس: تقدم أنَّه المشهور من مذهب المالكية وهو رواية عند الحنابلة [59].

الدليل: ما بعد الزوال يدخل وقت صلاة الظهر [60].

الرد: كالذي قبله.

 

القول الثالث: لا يُحد وقتُ القضاء: وهو مذهب الشافعية [61] وقول لبعض المالكية [62] ومذهب الحنابلة [63].

الدليل الأول: في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد العصر فقال لها: « «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ» ».

 

وجه الاستدلال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم راتبة الظهر البعدية بعد دخول وقت العصر فراتبة الفجر تقضى متى ما زال العذر من ليل أو نهار.

 

الدليل الثاني: عن يزيد بن الأسود رضي الله عنه شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصليا معه، فقال: « «عَلَيَّ بِهِمَا» » فأتي بهما تَرْعَد فَرَائِصهما، قال: « «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا» ؟» قالا: يا رسول الله كنا قد صلينا في رحالنا. قال: « «فَلا تَفْعَلا إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» ».

 

وجه الاستدلال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلى الفجر إذا دخل المسجد والناس يصلون بالصلاة معهم وأخبر أنَّها نافلة والوقت وقت نهي للداخل فدل ذلك على جواز صلاة النفل وقت النهي إذا كان له سبب ومن ذلك قضاء راتبة الفجر والله أعلم.

 

الدليل الثالث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: « «مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» ».

وجه الاستدلال: تقدم.

الجواب: تقدم.

 

الدليل الرابع: الفرائض تقضى كل وقت فكذلك راتبة الفجر قضاؤها أبداً [64].

الرد: لا يصح قياس النفل على الفرض.

الجواب: الأصل استواؤهما بالأحكام إلا ما دل الدليل على خلافه.

 

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ من فاتته راتبة الفجر بعذر يجوز أن يقضيها بعد الصلاة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم وإن جلس يذكر الله إلى طلوع الشمس فالأفضل قضاؤها بعد ارتفاع الشمس كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما وليس القضاء مؤقتاً بوقت فتقضى راتبة الفجر وغيرها متى ما ذُكِرت والله أعلم.

 


[1] رواه ابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، قال: « لا تقضى ركعتا الفجر » وإسناده ضعيف جابر بن يزيد الجعفي ضعيف.

[2] انظر: المفهم (2/ 311) ومواهب الجليل (2/ 392).

[3] انظر: منية المصلي ص:(254)

[4] رواه مسلم (1173) من حديث عائشة رضي الله عنها.

[5] انظر: المفهم (2/ 311).

[6] انظر: الحاوي (2/ 288)

[7] انظر: المهذب مع المجموع (4/ 40).

[8] انظر: الحاوي (2/ 288)

[9] قال ابن نجيم في البحر الرائق (2/ 131) (قوله ولم تقض إلا تبعاً) أي لم تقض سنة الفجر إلا إذا فاتت مع الفرض فتقضى تبعاً للفرض سواء قضاها مع الجماعة أو وحده... فأفاد المصنف أنَّها لا تقضى قبل طلوع الشمس أصلاً ولا بعد الطلوع إذا كان قد أدى الفرض... وقيد بسنة الفجر لأنَّ سائر السنن لا تقضى بعد الوقت لا تبعاً ولا مقصوداً واختلف المشايخ في قضائها تبعا للفرض في الوقت والظاهر قضاؤها وأنَّها سنة لاختلاف الشيخين في قضاء الأربع قبل الظهر قبل الركعتين أو بعدهما.

وانظر: فتح القدير (1/ 417) ومنية المصلي ص:(254) وتبيين الحقائق (1/ 453).

[10] انظر: الحاوي (2/ 288) ونهاية المطلب (2/ 344) والعزيز (2/ 138) والمجموع (4/ 42).

[11] رواه مسلم (680).

[12] رواه مسلم (681).

[13] انظر: البحر الرائق (2/ 131).

[14] رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 329) حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عمر، حدثنا حماد بن سلمة وابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا غندر، عن شعبة، يرويانه عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: سمعت القاسم، يقول: «لو لم أصلهما حتى أصلي الفجر، صليتهما بعد طلوع الشمس» وإسناده حسن.

بكار بن قتيبة ذكره ابن حبان في ثقاته، وترجم له الذهبي في السير فقال:القاضي الكبير، العلامة، المحدث. وأبو عمر هو حفص بن عمر، الضرير قال الحافظ ابن حجر صدوق وبقية رواته ثقات. وغندر هو محمد بن جعفر.

[15] رواه عبد الرزاق (4013) عن ابن جريج، عن عطاء قال: «إذا أخطأت أن تركعهما قبل الصبح فاركعهما بعد الصبح» ورواته ثقات.

ورواه ابن أبي شيبة (2/ 254) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ، يقال له: مسمع بن ثابت، قال: «رأيت عطاء فعل مثل ذلك ـــ أي قضى الراتبة بعد صلاة الفجر ـــ » وإسناده ضعيف. مسمع بن ثابت لم أقف له على ترجمة.

[16] رواه عبد الرزاق (4014) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: «إذا أقيمت الصلاة ولم تركع ركعتي الفجر صل مع الإمام، فإذا فرغ اركعهما بعد الصبح» وإسناده صحيح.

[17] قال عبد الرزاق (4015) « رأيت ابن جريج ركعهما بعد الصبح في مسجد صنعاء بعدما سلم الإمام» وإسناده صحيح.

[18] رواه ابن أبي شيبة (2/ 254) حدثنا ابن علية، عن ليث، عن الشعبي، قال: «إذا فاتته ركعتا الفجر صلاهما بعد صلاة الفجر»

وإسناده ضعيف.

ليث بن أبي سليم ضعيف قال الحافظ ابن حجر: صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك. وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.

[19] قال في معارف السنن (4/ 88) اتفق أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد على أنَّه لا يصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح... ثم اختلفوا هل يصليهما بعد طلوع الشمس أم لا؟ فقال محمد نعم... وقال شيخنا وبه ينبغي العمل عندنا حيث لم يمنع عنه أبو حنيفة وأبو يوسف وتقدم نقلاً عن العناية والدر المختار قضاء السنة عندنا غير أنَّه أخف بعد خروج الوقت.

[20] قال خليل ـــ في مختصره مع شرح الخرشي (2/ 138) ـــ ولا يقضي غير فرض إلا هي [سنة الفجر] فللزوال.

وانظر: الشرح الكبير (1/ 319) ومواهب الجليل (2/ 392) وشرح الخرشي على خليل (2/ 138).

[21] انظر: الحاوي (2/ 288) ونهاية المطلب (2/ 344) والعزيز (2/ 138) والمجموع (4/ 41) وأسنى المطالب (1/ 207).

[22] انظر: المبدع (2/ 16) والإنصاف (2/ 176) وكشاف القناع (1/ 437) ومطالب أولي النهى (2/ 69).

[23] انظر: المحلى (3/ 7،8).

[24] انظر: مجموع الفتاوى (23/ 210).

[25] انظر: زاد المعاد (3/ 358)

[26] انظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 384).

[27] انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 351).

[28] انظر: منية المصلي ص:(254).

[29] رواه البخاري (1233) ومسلم (834).

[30] انظر: المجموع شرح المهذب (4/ 42).

[31] رواه مسلم (746).

[32] انظر: المغني (1/ 775) وكشاف القناع (1/ 437).

[33] رواه مسلم (747).

[34] انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 143).

[35] الحديث رواه عن قيس الأنصاري رضي الله عنه:

1: محمد بن إبراهيم التيمي. 2: سعيد بن قيس. 3: عبد ربه بن سعيد بن قيس. 4: قيس بن أبي حازم.

أولاً: رواية محمد بن إبراهيم، التيمي: رواه أحمد (23248) وأبو داود (1267) قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وابن ماجه (1154) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة [(2/ 254)]والدارقطني (1/ 384) حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا أبو بكر بن أبي شيبة والحاكم (1/ 275) أخبرناه عبد الله بن محمد الصيدلاني، حدثنا إسماعيل بن قتيبة السلمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،يروونه عن عبد الله بن نمير ورواه الشافعي في الأم (1/ 149) وابن خزيمة (2/ 164) قال ثنا أبو الحسن عمر بن حفص، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4139) حدثنا إسماعيل بن حمدويه البيكندي، حدثنا الحميدي،[(868)] ح الطحاوي شرح مشكل الآثار (4138) حدثنا روح بن الفرج، حدثنا حامد بن يحيى، يروونه عن سفيان بن عيينة والترمذي (422) حدثنا محمد بن عمرو السواق، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، يروونه ـــ ابن نمير وابن عيينة والدراوردي ـــ عن سعد بن سعيد الأنصاري، حدثني محمد بن إبراهيم، عن قيس رضي الله عنه فذكره مرسل رواته محتج بهم.

سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري قال النسائي ليس بالقوي وقال ابن سعد كان ثقة وقال ابن عدي له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ولا أرى بحديثه بأساً بمقدار ما يرويه وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطىء ولم يفحش خطؤه فلذلك سلكناه مسلك العدول وقال العجلي وابن عمار ثقة ولم يتفرد به.وبقية رواته محتج بهم.

قال الترمذي: يروى هذا الحديث مرسلاً... وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس رضي الله عنه، وروى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج فرأى قيساً رضي الله عنه» وهذا أصح من حديث عبد العزيز، عن سعد بن سعيد. وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 327) محمد بن إبراهيم، فإنَّما حديثه عن أبي سلمة وأمثاله من التابعين، لا يعرف له لقاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم... فدخل هذا الحديث في الأحاديث المنقطعة التي لا يحتج أهل الإسناد بمثلها. وقال النووي في المجموع (4/ 169) إسناده ضعيف فيه انقطاع... فمتن الحديث ضعيف عند أهل الحديث.

تنبيهان:

الأول: روى ابن أبي شيبة (2/ 254) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء؛ "أنَّ رجلاً صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام الرجل فصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟» فقال: يا رسول الله، جئت وأنت في الصلاة، ولم أكن صليت الركعتين قبل الفجر، فكرهت أن أصليهما وأنت تصلي، فلما قضيت الصلاة، قمت فصليت الصلاة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يأمره، ولم ينهه" مرسل رواته ثقات.

لكن هشيم وابن جريج مدلسان تدليس تسوية فأسقط أحدهما ـــ والله أعلم ـــ شيخ عطاء فرواه أبو داود (1268) حدثنا حامد بن يحيى البلخي، قال: قال سفيان: كان عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد.

ونقل الحميدي في مسنده (2/ 385) عن شيخه سفيان بن عيينة قوله: كان عطاء بن أبي رباح، يروي هذا الحديث، عن سعد بن سعيد. ونحوه في جامع الترمذي (2/ 285) وشرح مشكل الآثار (10/ 325).

ورواه ابن حزم في المحلى (3/ 112) بإسناده ثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي ثنا الحسن بن ذكوان عن عطاء بن أبي رباح عن رجل من الأنصار قال: فذكره والأنصاري هو سعد بن سعيد بن قيس فرجع الحديث إليه والله أعلم.

الثاني: قال ابن مندة في معرفة الصحابة ص: (675) ـــ وعنه أبو نعيم في معرفة الصحابة (3339) ـــ أخبرنا علي بن محمد بن نصر، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام، قال: حدثنا عمر بن قيس، عن سعد بن سعيد، أخي يحيى، عن حفص بن عاصم بن عمر، قال: سمعت سهيل بن سعد أخا سهل بن سعد رضي الله عنهما، يقول: دخلت المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فصليت فلما انصرف النبي عليه السلام رأني أركع ركعتين، فقال: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ؟» قلت: يا رسول الله، جئت وقد أقيمت الصلاة فأحببت أن أدرك معك الصلاة ثم أصلي، فسكت، «وَكَانَ إِذَا رَضِيَ شَيْئًا سَكَتَ» وإسناده ضعيف.

في إسناده عمر بن قيس المكي ضعفه شديد، قال الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وأبو حاتم: متروك. فهذه الرواية منكرة.

قال ابن مندة: هذا حديث غريب من حديث سعد بن سعيد، وقال أبو نعيم: الصحيح ما رواه سفيان بن عيينة، وابن نمير، عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن قيس بن عمرو رضي الله عنه.

ثانياً: رواية سعيد بن قيس الأنصاري: رواه ابن خزيمة (1116) ثنا الربيع بن سليمان المرادي، ونصر بن مرزوق والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4137) وابن حبان (1563) أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ووصيف بن عبد الله الحافظ بأنطاكية ح (2471) أخبرنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم الخولاني المصري بطرسوس، ومحمد بن المنذر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، والحاكم (1/ 274) ـــ وعنه البيهقي (2/ 483) ـــ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قالوا حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا الليث بن سعد، حدثني يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن جده قيس بن قهد رضي الله عنه: « أنَّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ولم يكن صلى ركعتي الفجر، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم معه، ثم قال: فركع ركعتي الفجر ورسول الله عليه السلام ينظر إليه، فلم ينكر ذلك عليه » مرسل رواته محتج بهم.

سعيد بن قيس ذكره البخاري في تاريخه الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً وذكره ابن حبان في ثقاته. قال أبو عبد الرحمن فحديثه حسن إذا توبع. وبقية رواته ثقات.

والحديث أعل بـ:

1: جهالة حال سعيد بن قياس. وتقدم أنَّ حديثه حسن إذا توبع.

2: الإرسال: قال المزي ـــ في التهذيب في ترجمة قيس بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه الرواة عنه ابنه سعيد ـــ: قيل لم يسمع منه. وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (3/ 256) أخرجه ابن مندة من طريق أسد بن موسى، عن الليث، عن يحيى، عن أبيه، عن جده. وقال: غريب تفرد به أسد موصولاً، وقال غيره عن الليث، عن يحيى: إنَّ حديثه مرسل. واللَّه أعلم. واستغرب وصله ابن خزيمة بقوله: خبر غريب غريب.

وقال الطحاوي: الحديث مما ينكره أهل العلم بالحديث على أسد بن موسى، منهم إبراهيم بن أبي داود، فسمعته يقول: رأيت هذا الحديث في أصل الكتب موقوفاً على يحيى بن سعيد.

3: الاختلاف في اسم قيس رضي الله عنه: قال الطحاوي: مما ينكره أهل الأنساب أيضاً، ويزعمون أنَّ يحيى بن سعيد أيضاً ليس قيس جده قيس بن قهد رضي الله عنه.

قال أبو عبد الرحمن: لا يضر ذلك قال الترمذي يقال: هو قيس بن عمرو رضي الله عنه، ويقال: ابن قهد وقال النووي في المجموع (4/ 169) قيس بن قهد رضي الله عنه والأكثرون قيس بن عمرو رضي الله عنه وهو الصحيح عند جمهور أئمة الحديث وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 338) ذكر العسكري أن قهداً لقب عمرو والد قيس وبهذا يجمع الخلاف في اسم أبيه... وأما ابن السكن فجعله في الصحابة رضي الله عنهم اثنين.

ثالثاً: رواية عبد ربه بن سعيد بن قيس: رواه أحمد (23249) حدثنا عبد الرزاق [(4016)]، أخبرنا ابن جريج، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4140) حدثنا بكار بن قتيبة، حدثنا أبو عمر الضرير، قال: قال حماد بن سلمة قالا: أخبرنا عبد ربه بن سعيد، أخا يحيى بن سعيد، يحدث عن جده، قال: "خرج إلى الصبح فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح، ولم يكن ركع ركعتي الفجر، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام حين فرغ من الصبح فركع ركعتي الفجر، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟» فأخبره، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ومضى ولم يقل شيئاً" مرسل رواته ثقات.

أبو عمر الضرير هو حفص بن عمر البصري الأكبر صدوق وبكار بن قتيبة في أقل أحواله مقبول وبقية رواته ثقات.

قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (3/ 256) أخرج أحمد من طريق ابن جريج: سمعت عبد اللَّه بن سعيد يحدّث عن جده نحوه، فإن كان الضمير لعبد اللَّه فهو مرسل، لأنَّه لم يدركه، وإن كان لسعيد فيكون محمد بن إبراهيم فيه قد توبع.

تنبيه: في نسختي من مسند أحمد طبعة دار إحياء التراث الطبعة الثانية عبد الله بن سعيد كما ذكر الحافظ وفي بعض نسخ أحمد عبد ربه بن سعيد وهو كذلك عند عبد الرزاق والطحاوي والظاهر أنَّه الصحيح فلم أقف على ترجمة لعبد الله بن سعيد بن قيس في التهذيب ولا في تقريبه ولا في تعجيل المنفعة والله أعلم. وأشار أبو داود في سننه إلى هذه الرواية (2/ 22) بقوله روى عبد ربه، ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلاً.

رابعاً: قيس بن أبي حازم: رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4141) حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، بحديث ثبتني فيه بعض أهل العلم من أصحابنا، قال: حدثنا علي بن يونس، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن قيس بن قهد "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رآه يصلي ركعتين بعد صلاة الغداة، فقال: «مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يَا قَيْسُ؟» قال: لم أكن ركعتهما قبل الصلاة، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم " وإسناده ضعيف.

قال الطحاوي: أهل الحديث ينكرون هذا الحديث ولا يعرفونه، ولا يعرفون علي بن يونس الذي حدثناه ابن عبد المؤمن عنه.

فالذي يظهر لي أنَّ الحديث ثابت بمجموعه فأقل أحواله أنَّه حديث حسن. فالروايات الثلاث مرسلة ورواتها محتج بهم وفي الرواية الرابعة جهالة علي بن يونس فيقوي بعض الروايات بعضاً والله أعلم.

والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الملقن في البدر المنير (3/ 267) والألباني في موارد الظمان إلى زوائد ابن حبان (518). وقال أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (2/ 287) هذه الطرق كلها يؤيد بعضها بعضاً ويكون الحديث بها صحيحاً لا شبهة في صحته.

[36] انظر: الحاوي الكبير (2/ 275) والكافي لابن قدامة (1/ 125).

[37] رواه البخاري (597) ومسلم (684). واللفظ له.

[38] انظر: الحاوي (2/ 288) والمهذب مع المجموع (4/ 40)

[39] الحديث مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي واضطرب في إسناده فروي عنه مرفوعاً وموقوفاً واضطرب أيضاً في متنه.

أولاً: المرفوع: رواه:

1: الدارقطني (1/ 419) حدثنا يزيد بن الحسين البزاز ثنا محمد بن إسماعيل الحساني ثنا وكيع والطبراني في الكبير (13/ 30) حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عبد الله بن رجاء المكي، يرويانه عن سفيان الثوري ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وإسناده ضعيف.

الحديث مداره على عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم الإفريقي توسط فيه الحافظ ابن حجر فقال: ضعيف في حفظه كان رجلاً صالحاً.

عبد الله بن رجاء ثقة تغير حفظه وبقية رواته ثقات.

تنبيه: رواه الدارقطني في باب النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر (1/ 246) طبعة المعرفة تحقيق عبد الله هاشم يماني وطبعة المعرفة (1/ 546) تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وزميله بنفس السند بلفظ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ».

2: الثوري عند عبد الرزاق (4757) وأبو معاوية محمد بن خازم عند ابن أبي شيبة (2/ 355) وعيسى بن يونس عند محمد بن نصر ـــ مختصر قيام الليل ص: (175) ـــ وعبد الله بن يزيد عند البزار ـــ مختصر زوائد البزار (703) ـــ ويعلى بن عبيد عند عبد بن حميد ـــ المنتخب (333) ـــ يروونه عن عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، عن عبد الله بن يزيد الحبلي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ» وإسناده ضعيف.

ثانياً: الموقوف: قال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 466) ورواه جعفر بن عون عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لا صلاة بعد أن يصلى الفجر إلا ركعتين» أخبرناه أبو زكريا بن أبى إسحاق المزكى أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الوهاب الفراء أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا عبد الرحمن بن زياد فذكره موقوفاً وهو بخلاف رواية الثورى وابن وهب فى المتن والوقف. والثورى أحفظ من غيره إلا أنَّ عبد الرحمن الإفريقى غير محتج به.

فالحديث منكر اضطرب في إسناده عبد الرحمن بن زياد.

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (2/ 216): الحديث المأثور: « لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر » ليس بصحيح.

وقال ابن حزم في المحلى (3/ 32) الرواية في أنَّ «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر» ساقطة مطروحة مكذوبة كلها، لم يروها أحد إلا من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم وهو هالك، أو من طريق أبي بكر بن محمد، وهو مجهول لا يدرى من هو، وليس هو ابن حزم، أو من طريق أبي هارون العبدي، وهو ساقط، أو من طريق يسار مولى ابن عمر رضي الله عنهما وهو مجهول ومدلس، عن كعب بن مرة ممن لا يدرى من هو.

 

[40] رواه عبد الرزاق (4017) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، وابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا وكيع، عن فضيل بن غزوان، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، ح حدثنا وكيع، عن يزيد، وربيع، عن ابن سيرين، عن ابن عمر رضي الله عنهما والطحاوي في شرح مشكل الآثار (10/ 328) حدثنا محمد بن النعمان السقطي، حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري، حدثنا سُلِيم بن أخضر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما وإسناده صحيح.

وللأثر طرق أخرى عند عبد الرزاق والطحاوي.

[41] انظر: نهاية المطلب (2/ 344) والمهذب مع المجموع (4/ 40).

[42] انظر: نهاية المطلب (2/ 344).

[43] انظر: كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (2/ 142).

[44] قال الخرشي في شرحه على خليل (2/ 138) فيقضي حقيقة من حل النافلة إلى الزوال على المشهور وقيل: إنَّها ليست قضاء حقيقة بل ركعتان تنوبان عنهما وعلى المشهور فيقدم الصبح عليهما لمن لم يصل الصبح والفجر حتى طلعت الشمس. وقيل: يقدم الفجر والقولان لمالك.

وانظر: الشرح الكبير (1/ 319) ومواهب الجليل (2/ 393) والتاج والإكليل (2/ 393).

[45] انظر: المستوعب (2/ 205) وعمدة الحازم ص:(92) والمحرر (1/ 149) والفروع وتصحيحها (1/ 573).

[46] رواه البخاري (1197) ومسلم (827) واللفظ له.

[47] رواه مسلم (832).

[48] انظر: المستوعب (2/ 205) وعمدة الحازم ص:(92) والمحرر (1/ 149) والفروع وتصحيحها (1/ 573).

[49] انظر: المحلى (3/ 7،8).

[50] انظر: مجموع الفتاوى (23/ 210).

[51] انظر: زاد المعاد (3/ 489)

[52] انظر: مجموع فتاوى ابن باز (11/ 372،384) .

[53] انظر: مجموع فتاوى العثيمين (14/ 351).

[54] رواه أحمد (17020) وغيره بإسناد صحيح.

فرائص جمع فريصة وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف وترعد فرائصهما: أي ترجف من الخوف.

والحديث مخرج في غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (1/ 326).

[55] انظر: المجموع (4/ 42).

[56] رواه ابن أبي شيبة (2/ 255) حدثنا وكيع، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، قال: فذكره وإسناده حسن.

رواته ثقات عدا عطية العوفي قال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً. وهذه الرواية توافق رأي ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النهي عن الصلاة حين طلوع الشمس وغروبها قال البخاري (589) حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «أصلي كما رأيت أصحابي يصلون: لا أنهى أحداً يصلي بليل ولا نهار ما شاء، غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها ».

[57] انظر: العزيز (2/ 139) والمجموع (4/ 42) ومغني المحتاج (1/ 315) وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج (2/ 121).

[58] انظر: العزيز شرح الوجيز (2/ 139) والمجموع (4/ 42).

[59] انظر: المبدع (2/ 16) والإنصاف (2/ 178).

[60] انظر: المجموع (4/ 42).

[61] قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (1/ 268) (ولو فات النفل المؤقت) كالعيد، والضحى، والرواتب (ندب قضاؤه) أبداً (في الأظهر).

وانظر: العزيز (2/ 138) والمجموع (4/ 42) ومغني المحتاج (1/ 315).

[62] قال أبو البقاء السلمي في الشامل (1/ 149) فإن فاتتاه صلى ركعتين على المشهور من حل النفل للزوال لا بعده، ولا في ليل ونهار خلافاً لأشهب.

وانظر: مواهب الجليل (2/ 393) وحاشية العدوي على شرح الخرشي (2/ 138) والدر الثمين والمورد المعين ص: (327).

[63] قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (1/ 356) إذا قلَّت الفوائت قضاها بسننها، وإن كثرت فالأولى الاقتصار على الفرض لفعله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، واستثنى أحمد سنة الفجر، وقال: لا يهملها.

وانظر: الفروع (1/ 307) والإنصاف (1/ 443) وكشاف القناع (1/ 261).

تنبيهان:

الأول: مذهب الحنابلة لا تقضى ذوات الأسباب وقت النهي وتقدم.

الثاني: المحفوظ في قصة الخندق أنَّ الفائتة صلاة العصر ففي حديث جابر رضي الله عنه في مسلم (631) «فَنَزَلْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ».

وعلى أصح القولين بأنَّ للعصر له راتبة لم يقضها النبي صلى الله عليه وسلم لأنَّه كان في حال مدافعة عدو والله أعلم.

[64] انظر: العزيز شرح الوجيز (2/ 138).

__________________________________________________
الكاتب: الشيخ أحمد الزومان