سؤال وجواب في الحج والعمرة

منذ 2023-05-28

هذه بعض أحكام الحج والعمرة في صورة سؤال وجواب؛ حتى يسهل على طلاب العِلم الكرام معرفة أحكام مناسك الحج والعمرة.

الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي وَسِعَ كُلَّ شيءٍ رحمةً وعِلْمـًا، وأسْبَغَ على عباده نِعَمَـًا لا تُعَدُّ ولا تُحصى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

 

هذه بعض أحكام الحج والعمرة في صورة سؤال وجواب؛ حتى يسهل على طلاب العِلم الكرام معرفة أحكام مناسك الحج والعمرة.

 

س1: هل يجوز تأخير أداء فريضة الحج مع الاستطاعة؟

جـ: الحج فرضُ عينٍ على كل مسلم ومسلمة مرة واحدة في العمر متى تحققت شروطه، فلا يجوز تأخيره، ويأثم مَن أَخَّرَ أداء الحج بدون عذر شرعي، أو مات ولم يحج مع توافر شروط أداء مناسك الحج له؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ36: صـ37)، (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ 5، رقم 792، صـ1817: صـ1818).

 

س2: ما حُكْمُ الحج بمال حرام؟

جـ: أداء مناسك الحج بمال حرامٍ أو مسروقٍ يَسقط به الفريضة، ولكنه حج غير مقبول عند الله تعالى؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ 5، رقم 788، صـ1809: صـ1810 و جـ 8، رقم 1151، صـ2879: صـ2882).

 

س3: ما حُكْمُ حج المرأة بدون مَحْرَمٍ لها؟

جـ: لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو مَحْرَم لها بالغ عاقل، ولا يحل لها أن تحج بدون ذلك ولو كانت مع رفقة صالحة من النساء.

 

روى مسلمٌ عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا»؛ (مسلم، حديث 1339).

 

وروى الشيخانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ: «اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ»؛ (البخاري، حديث 2006 / مسلم، حديث 1341).

 

فإذا سافرت المرأةُ لأداء مناسك الحج بدون مَحْرَم لها كانت آثمة، مرتكبة ما نهى عنه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من السفر بدون زوج أو محرم لها، ومع هذا فالحج صحيح، ويسقطُ به عنها الفريضة؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ30: صـ33)، (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ1، رقم 43 صـ132: صـ133)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ90: صـ97).

 

س4: ما حُكمُ أداء مناسك الحج عن طريق التزوير؟

جـ: الحج صحيح؛ لأن تزوير جواز السفر، كمن يكتب مهنته جزَّار، وهو ليس كذلك من أجل الذهاب إلى الحج لا يؤثر في صحة الحج، ولكن عليه إثم التزوير، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى؛ (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ 572).

 

س5: ما حُكْمُ من مات ولم يقضِ فريضة الحج؟

جـ: إذا مات المسلم ولم يقضِ فريضة الحج، وهو مستكمل لشروط وجوب الحج وجب أن يحج أحد نيابة عنه من المال الذي تركه هذا الميت، سواء أوصى بذلك، أو لم يُوصِ، بشرط أن يكون النائب قد حَجَّ عن نفسه أولًا.

 

روى البخاريُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً، اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ»؛ (البخاري، حديث 1852).

 

هذا الحديث دليلٌ على أن ما وجب على المسلم لا يسقط بموته، وأنه دينٌ عليه، لا تبرأ ذمته إلا بأدائه، وإنَّ حج النائب من ماله الخاص نيابة عن الميت أجزأ الحج عنه؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ36: صـ41)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ100: صـ 105).

 

س6: ما حُكْمُ تكرار العُمرة في السفرة الواحدة؟

جـ: تكرار العُمرة في السفرة الواحدة سواء كان ذلك في رمضان أم في غيره (كما يفعله كثير من الناس اليوم من الخروج إلى التنعيم والإحرام من هناك) ليس من السُّنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا فعله أحدٌ من الصحابة، ولو كان تكرار العُمرة في السفرة الواحدة،خيرًا لسبقونا إليه، وهم أحرص الناس على الخير، و عندما ألحَّت عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر،أمر أخاها عبدالرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم لتأتِ بعمرة، ولم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن أن يأتي بعمرة، ولو كان هذا معروفًا عند الصحابة لفعله عبدالرحمن مِن تلقاء نفسه، عندما خرج مع أخته عائشة إلى التنعيم؛ (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ 539).

 

س7: ما هي آداب الاستعداد لرحلة الحج أو العمرة؟

جـ: يمكن أن نوجز آداب الاستعداد لرحلة الحج أو العُمرة فيما يلي:

1– إخلاص العمل لله تعالى وحده.

2- المبادرة إلى التوبة النصوح، ورد المظالم إلى أهلها.

3- اختيار المال الحلال.

4- اختيار الرفقة الصالحة من أهل العلم بالقرآن والسُّنة بفهم سلفنا الصالح.

5- تَعلُّم مناسك الحج والعمرة على الوجه الصحيح.

6- تقوى الله تعالى في السر والعلانية، ووصية الأهل بذلك قبل السفر.

7- الإكثار من ذِكْرِ الله تعالى والاستغفار والدعاء؛ (التحقيق والإيضاح لابن باز، صـ6: صـ9).

 

س8: ما هي أركان الحج والعمرة؟

جـ: للحج أربعة أركان، لا يصحُّ إلا بها؛ وهي:

1- الإحرام.

2- الطواف حول الكعبة.

3- السعي بين الصفا والمروة.

4- الوقوف بعرفة.

 

وللعمرة ثلاثة أركان، لا تصح إلا بها؛ وهي:

1- الإحرام.

2- الطواف حول الكعبة.

3- السعي بين الصفا والمروة؛ (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، صـ 245).

 

س9: ما هي المواقيت الزمانية للحج والعمرة؟

جـ: للحج مواقيت زمانية حددها النبي صلى الله عليه وسلم، لا يصح الحج إلا فيها.

 

قال اللهُ تعالى:  {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}  [البقرة: 197].

 

وأشهر الحج هي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.

 

وأما العمرة، فليس لها ميقات زماني، فيمكن الإحرام بها في أي وقت من العام؛ (المغنى لابن قدامة، جـ 5، صـ110: صـ111) (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ509: صـ510).

 

س10: ما هي المواقيت المكانية للحج والعمرة؟

جـ: المواقيت: جمع ميقات، وهو المكان الذي حدَّده الرسول صلى الله عليه وسلم للحج والعمرة، والمواقيت المكانية هي:

• ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، ويُسمَّى الآن أبيار علي.

• ميقات أهل الشام ومصر والمغرب: الجُحفة، وهي قرية قديمة قد خربت، فأصبح الناس يحرمون من رابغ.

• ميقات أهل اليمن: يَلَمْلَم.

• ميقات أهل نـجد: قَرن المنازل، ويُسمَّى الآن: السيل الكبير.

• ميقات أهل العراق: ذات عِرق، ويُسمَّى الآن الضريبة.

 

روى الشيخانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ لِمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا؛ (البخاري، حديث 1526/ مسلم، حديث 1181).

 

روى البخاريُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ؛ (البخاري، حديث 1531).

 

روى أبو داودَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني، حديث 135).

 

وهذه المواقيت خاصة بأهل هذه البلاد، أو من مَرَّ عليها من غير أهلها، لمن أردا الحج أو العُمرة، وأما من كان يسكن دون هذه المواقيت، فإنه يُحرِم من مكانه، وأهل مكة يحرمون في حج القِران أو الإفراد من منازلهم، وأما العُمرة المفردة فإنهم يحرمون مِن التنعيم؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ56: صـ65)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ125: صـ129، و صـ143: صـ145).

 

س11: ما معنى الإحرام؟

جـ: الإحرام في اللغة: التحريم والمنع؛ أي: إن الإنسان يُحَرِّمُ على نفسه ما كان مباحًا قبل الإحرام من النكاح، ووضع العطور، وأشياء من الثياب، ونحو ذلك.

 

الإحرام في الشرع: نيةُ الدخول في نُسك الحج أو العمرة؛ (معجم المصطلحات الفقهية لمحمد عبدالرحمن، جـ1، صـ80: صـ81).

 

س12: ما هي سنن الإحرام لأداء مناسك الحج أو العُمرة؟

جـ: للإحرام سُننٌ ينالُ بها المحرِم ثوابًا عظيمًا، ولا يترتب على تركها شيء؛ وهي:

1- الاغتسال وتقليم الأظافر، وحف الشارب، وحلْق العانة، ونتف الإبط قبل الإحرام.

2- التطيب للرجال فقط قبل ارتداء ملابس الإحرام.

3- ارتداء إزار ورداء أبيضين نظيفين.

4- الإحرام عقب صلاة، سواء كانت فريضة أو نافلة.

5- رفع الصوت بالتلبية للرجال فقط.

 

6- الاشتراط لمن خاف أن يمنعه عائق من عدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو نحو ذلك، من إتمام مناسك الحج أو العمرة؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ76: صـ105).

 

س13: ما هي الأمور التي تُباح للمُحرِم أثناء الإحرام؟

جـ: يُباحُ للمحرم أثناء إحرامه الأمور الآتية:

1- الاغتسال وتمشيط شعر الرأس واللحية برفق والنظر في المرآة.

2- غسل ملابس الإحرام أو استبدالها بغيرها.

3- لبس الساعة وخاتم الفضة للرجال، وحُلي الذهب للنساء فقط.

4-الاحتجام وخلع الضرس، واستعمال المظلة والنظارة، والتبرع بالدم.

5- استخدام الحزام والمشابك عند ارتداء ملابس الإحرام وطرح الظفر إذا انكسر.

6- قتل الحشرات والحيوانات الضارة التي تهاجم المحرم في الحل والحرم.

 

7- صيد البحر، والقيام بالبيع والشراء والصناعة؛ (حجة النبي للألباني صـ26)، ( الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي، جـ3، صـ254).

 

س14: ما هي محظورات الإحرام؟

جـ: محظورات الإحرام على ثلاثة أقسام؛ وهي:

القسم الأول: محظورات على الرجال والنساء معًا؛ وهي:

1- إزالة الشَّعرِ من الرأس وسائر الجسد عمدًا بحلق أو غيره.

2- تقليم أظافر اليدين والقدمين وارتداء القُفَّازين.

3- استعمال العطور بعد الإحرام، في البدن أو الثياب.

4- جِماع الزوجة أو دواعي ذلك من النظر بشهوة أو التقبيل ونحوه.

 

5- قتل صيد البر أو المعاونة على صيده أو تنفير طير الحرم أو قطع شجر الحرم إلا الإذخر؛ وهو نبات طيب الرائحة.

 

6-الخِطبة أو عقد الزواج لنفسه أو لغيره.

7-أخْذُ لُقطة الحرم إلا لمن يريد تعريفها.

8-المخاصمة والجِدال بالباطل؛ لأن ذلك يُؤدي إلى انتشار العداوة بين المسلمين.

 

القسم الثاني: محظورات خاصة بالرجال فقط؛ وهي:

1- ارتداء الثياب المخيطة، ويشمل كل الثياب المصنوعة على هيئة أعضاء الجسم؛ كالفنيلة أو السروال أو الجوربين ونحو ذلك.

 

2- تغطية الرأس بملاصق؛ كالعمامة والطاقية ونحو ذلك.

 

القسم الثالث: محظورات خاصة بالنساء فقط؛ وهي:

1- ارتداء النقاب (البُرقع)؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ112: صـ189)، (التحقيق والإيضاح لابن باز، صـ24: صـ28)، (المنهج لابن عثيمين، صـ37: صـ42).

 

س15: ما هي فدية ارتكاب محظورات الإحرام؟

جـ: يجب على كل مسلم يذهب لأداء فريضة الحج أن يتعلَّم محظورات الإحرام، فإذا ارتكب أحد هذه المحظورات نسيانًا أو مُكرَهًا، فلا إثم عليه ولا فدية.

 

روى أحمدُ عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى تجاوز لي عن أُمَّتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه»؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني، حديث 1731).

 

وأمَّا إذا ارتكب أحد محظورات الإحرام عمدًا وجبت عليه الفدية كما جاءت في القرآن الكريم وسُنَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن نوجز فدية ارتكاب محظورات الإحرام كما يلي:

فدية قص الشعر والأظافر، ولبس المخيط، ومُباشَرة الزوجة بشهوة، وتغطية الرأس، ووضع الطيب، وارتداء النقاب والقُفَّازين للمرأة- هي اختيار واحدة من ثلاث: إما ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام. قال تعالى:  {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}  [البقرة: 196]؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ119: صـ160).

 

س16: ما حُكْمُ الإحرام للحج أو العُمرة في الملابس العادية للرجال؟

جـ: التجرد من المخيط من واجبات الإحرام في الحج أو العمرة، فإذا لم يتجرد الرجل من المخيط، وكان ذلك بعذر شرعي، وجبت عليه الكَفَّارة، وهو مخير بين أن يذبح شاة، أو يطعم ستة مساكين، أو يصوم ثلاثة أيام.

 

وأما إذا كان الإحرام في الملابس العادية بدون عذر وجبت كَفَّارة لا يخير فيها وهي ذبح شاة، توزع على فقراء الحرم، ولا يأكل منها صاحبها. وبالنسبة للصوم أو إطعام المساكين يُجزئ أن يكون في أي موضع داخل الحرم، أو خارجه، وأمَّا الذبح فلا يكون إلا داخل الحرم المكي؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ20، رقم 3344، صـ7521: صـ7522).

 

س17: ما حُكْمُ وضع الرجال للطيب على ملابس الإحرام قبل النية والتلبية؟

جـ: لا يجوز للرجل أن يضع الطيب على ملابس الإحرام قبل التلبية.

 

روى الشيخانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَس الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»؛ (البخاري، حديث 1542 / مسلم، حديث 1177).

 

والسُّنةُ أن يضع الرجلُ الطيب على بدنه؛ كرأسه ولحيته وإبطه ونحو ذلك، وأمَّا الملابس فلا يضع عليها الطيب عند الإحرام؛ (تحفة الإخوان لابن باز، صـ200).

 

س18: ما حُكْمُ ستر وجه المرأة أثناء الإحرام؟

جـ: إذا احتاجت المرأة إلى ستر وجهها لمرور الرجال من غير محارمها قريبًا منها، فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها.

 

روى مالكٌ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ؛ (إسناده صحيح) (موطأ مالك، كتاب الحج، حديث 16).

 

روى سَعِيد بْن مَنْصُورعَنْ عَائِشَة، قَالَتْ: تُسْدِلُ الْمَرْأَة جِلْبَابهَا مِنْ فَوْق رَأْسهَا عَلَى وَجْههَا؛ (إسناده صحيح) (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، جـ3، صـ474).

 

روى الحاكمُ عن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما قالت: «كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نتمشَّط قبل ذلك في الإحرام»؛ (إسناده صحيح) (إرواء العليل للألباني، جـ4، حديث 1023)، (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ154) (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ 529).

 

س19: ما حكْم من جاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد الحج أو العمرة؟

جـ: من جاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد أداء مناسك الحج أو العمرة، وجب عليه أن يعود إلى الميقات ويُحرِم منه، فإذا لم يفعل وجب عليه ذبح شاة، وتوزيعها على فقراء الحرم، فإن عجز عن الذبح فإنه يصوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلي بلده؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ20، رقم 3345، صـ7524).

 

س20: ما حُكْم رجل أحرم بملابسه العادية بسبب المرض؟

جـ: إذا أحرم الحاجُّ بملابسه العادية بسبب برد أو مرض أو نحو ذلك، فهذا جائزٌ له شرعًا، ولكن يجب عليه صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة وتوزيعها على فقراء الحرم، وهو مخير بين هذه الثلاثة، يفعل أيها شاء، وكذلك إذا غطَّى الحاجُّ رأسَه عمدًا، فعليه واحدة من الفدية السابقة؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11 صـ180).

 

س21: نية الدخول في مناسك الحج أو العمرة، هل هي التي يتلفظُ بها المحرم عند التلبية؟

جـ: التلبية هي أن يقول المسلم: لبيك اللهم عمرة إذا كان في عمرة،أو يقول: لبيك اللهم حجًّا، إذا كان في حج،وأمَّا النية في جميع العبادات، فمحلُّها القلب، ولا علاقة للسان بها، فلا ينبغي للمسلم أن يتلفَّظ بها، فلا يقول مثلًا: اللهم إني أريد العمرة، أو اللهم إني أريد الحج؛ لأن هذا لم يثبت عن نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يفعله أحد من الصحابة ولا من التابعين،وهم أكثر فهمًا لأمور الشريعة منا، وأكثر حرصًا على الثواب؛ (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ513).

 

س22: ما هي صفة التلبية عند الإحرام، ومتى تنقطع؟

جـ: روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ،لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ»؛ (البخاري، حديث 1549/ مسلم، حديث 1184).

 

ومعنى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ؛ أي: إجابة لك يارب، وتعني أيضًا: أنا مقيم على طاعتك وأمرك غير خارج عن ذلك. ومِن السُّنةِ أن يرفعَ الرجالُ أصواتهم بالتلبية مع الإكثار من تكرارها، وأما المرأة فلا ترفع صوتها من التلبية إلا بمقدار ما تُسمِع نفسها أو مَحارِمَها من الرجال أو رفيقاتها من النساء، ويُكثر المحرم بالتلبية على كل حال.

 

وتبدأ التلبية عند الإحرام بالحج أو العُمرة. وتنقطع التلبية في العمرة إذا بدأ المسلم في الطواف حول الكعبة،وتنقطع في الحج إذا بدأ المسلم في رمي جمرة العقبة الكبرى، يوم العاشر من ذي الحجة (يوم العيد)؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ102: صـ106 و صـ160)، (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ520: صـ521).

 

س23: ما هي أنواع الإحرام بالحج؟

جـ: الإحرام هو نية الدخول في الحج أو العمرة أو هما معًا.

 

الإحرام بالحج على ثلاثة أنواع؛ وهي: الإفراد، والقِران، والتمتُّع.

 

أولًا: الإفراد: و هو أن يُحرمَ من يريدُ الحج من الميقات بالحج وحده، فيقول عند التلبية: لبيك اللهم بحج، ويبقى على إحرامه حتى يحل منه بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد ولا يلزمه هَدْي.

 

ثانيًا: القِران: وهو أن يحرم المسلم بالحج والعمرة معًا من الميقات، فيقول عند التلبية: لبيك اللهم بحج وعمرة، ويبقى على إحرامه حتى ينتهي من أعمال الحج والعمرة معًا، ويكفي القارن لحجه وعمرته طواف واحد (وهو طواف الإفاضة) وسعي واحد، و يلزمه هَدْي.

 

ثالثًا: التمتُّع: وهو أن يعتمر المسلم في أشهر الحج؛ وهي: شوال، وذو القعدة، والعشر الأُوَل من ذو الحجة، فيقول عند الميقات: لبيك اللهم بعمرة، فإذا وصل مكة، طاف وسعى للعمرة، ثم حلق شعره، أو قصره، ثم يحل من إحرامه، ويرتدي ملابسه العادية، ويظل هكذا إلى يوم التروية(وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) فيحرم من مكانه بالحج وحده، فيقول: لبيك اللهم بحجة ويبقى على إحرامه حتى يحل بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد، ويلزمه هدي.

 

وأما بالنسبة للقارن والمتمتِّع من أهل الحرم، وهم من كانوا قريبين منه، بحيث لا يكون بينهم وبين الحرم مسافة تقصر فيها الصلاة، فلا يجب عليهم ذبح هَدي؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ159: صـ160).

 

س24: ما هو حُكمُ استخدام المرأة دواء يمنع الحيض حتى تنتهي مِن أداء مناسك الحج أو العمرة؟

جـ: يجوز للمرأة أن تستخدم دواء يمنع الحيض حتى تنتهي من أداء مناسك الحج والعمرة بشرط ألَّا يضر بصحتها؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ191).

 

س25: ما هي واجبات الحج؟

جـ: إن للحج واجباتٍ، يجب على المسلم القيام بها؛ وهي:

1- الإحرام من الميقات.

2- الوقوف بعرفة إلى ما بعد غروب الشمس.

 

3- المبيت بمزدلفة إلى يوم العاشر من ذي الحجة (يوم العيد) إلا أصحاب الأعذار من المرضى والنساء ومن يرافقهم، فإلى ما بعد منتصف الليل.

 

4- المبيت بمنى أيام التشريق الثلاثة، إلا لمن تعجَّل، فإنه ينصرف من مِنى قبل غروب شمس يوم الثاني عشر من ذي الحجة.

 

5- رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد (العاشر من ذي الحجة) بعد الانصراف من مزدلفة، وكذلك رمي الجمار الثلاثة مرتبة (جمرة العقبة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى) أيام التشريق الثلاثة أو الاثنين لمن تعجَّل من بعد الظهر، وكل واحدة منها تُرمَى بسبع حصيات.

 

6- حَلْقُ شعر الرأس أو تقصيره.

 

7- طواف الوداع قبل مغادرة مكة إلا الحائض والنفساء؛ (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، صـ227: صـ235).

 

س26: ما هو حُكْم من ترك واجبًا من واجبات الحج؟

جـ: يجب على من ترك أحد واجبات الحج عمدًا أن يذبح شاة، تجزئ في الأضحية ويقوم بتوزيعها على فقراء الحرم المكي، ولا يأكل منها، فإن عجز عن الذبح فإنه يصوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى بلده، ويبدأ أول ذبح الفدية أو الصوم، يكون من بعد ترك الواجب، سواء كان ذلك قبل العيد أو بعده ولا حَدَّ لآخره، ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب؛ لأن المسلم لا يدري ماذا يحدث له فيما بعد، ولو تأخر المسلم في ذبح الفدية حتى عاد إلى بلده، وجب عليه أن يُنيب غيره، في شراء شاة وذبحها وتوزيعها على فقراء الحرم المكي، ولا يجوز الذبح في بلده؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ342: صـ343).

 

س27: ما حُكْم حجة المرأة الحائض أو النفساء؟

جـ: الحيض أو النفاس لا يمنع المرأة من الحج، فيجوز للحائض أو النفساء أن تَحرم وتُؤدي جميع مناسك الحج غير أنها لا تطوف بالبيت الحرام إلا إذا انقطع حيضُها أو نفاسها واغتسلت؛ (فتاوى اللجنة الدائمة جـ11 صـ172: صـ173).

 

س28: ما هي شروط الطواف حول الكعبة؟

جـ: يُشترطُ لصحَّة الطواف حول الكعبة الأمور التالية:

1- النية، ومحلُّها القلب.

2- الطهارة من الحدث الأصغر والحدث الأكبر.

3- سَتر العورة.

4- أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود، وينتهي إليه.

5- أن تكون الكعبة على يسار مَن يطوف حولها.

 

6- أن يكون الطواف حول الكعبة، فمن طاف داخل حجر إسماعيل، لم يصح طوافه؛ لأن حجر إسماعيل من الكعبة.

 

7- أن يكون الطواف سبعة أشواط كاملة، وعند الشك في عدد الأشواط، يُبنى على العدد الأقل.

 

8- الموالاة بين الأشواط السبعة، وعدم الفصل الطويل بينهما؛ (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، صـ248).

 

س29: ما هي سُنن الطواف حول الكعبة؟

جـ: إن للطواف حول الكعبة سُنَنًا تزيد من ثوابه، ولا يُؤثر تركُها في صحة الطواف؛ وهي:

1- الاضطباع، للرجال فقط.

 

2- استلام الحجر الأسود وتقبيله أو مسحه باليد مع تقبيلها، وذلك إذا تيسَّر ذلك، وبشرط عدم إيذاء الناس، ويكفي الإشارة إليه فقط عند عدم القدرة على استلامه.

 

3- يقول المسلم عند بداية كل شوط: بسم الله، والله أكبر.

 

4- الرَّمَلُ، للرجال فقط.

 

5- استلام الركن اليماني؛ أي: مسحه باليد اليُمنى دون تقبيله.

 

6- الدعاء بين الحجر الأسود والركن اليماني بقوله تعالى:  {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}  [البقرة: 201].

 

7- صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، أو في أي مكان في المسجد الحرام بعد الانتهاء من الطواف حول الكعبة، ويقول المسلم عند الذهاب لأدائها قول الله تعالى:  {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}  [البقرة: 125]، ويُسنُّ للمُصلِّي أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة:  {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}  [الكافرون: 1]، وفي الركعة الثانية بسورة  {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}  [الإخلاص: 1].

 

8- الشرب من ماء زمزم عقب الانتهاء من ركعتي الطواف؛ (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، صـ249).

 

س30: ما المقصود بالاضطباع؟ وما حكمه؟

جـ: الاضطباع هو أن يكشف الرجل كتفه الأيمن في جميع الأشواط السبعة، وهو سُّنةٌ في طواف القدوم، أو طواف العمرة فقط؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ216: صـ217).

 

س31: ما المقصود بالرَّمَل؟ وما حكمه؟

جـ: الرَّمَلُ هو الإسراع في المشي مع تقارُب الخُطى، وهو سُّنةٌ للرجال فقط، في الثلاث أشواط الأولى في طواف القدوم، أو طواف العمرة؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ217: صـ221).

 

س32: ما هي شروط السعي بين الصفا والمروة؟

جـ: السعي هو المشي بين الصفا والمروة سبعة أشواط بنية التعبد لله تعالى، ويبدأ من الصفا وينتهي عند المروة، والمسافة بينهما حوالي أربعمائة متر، والسعي من الصفا إلى المروة يعتبر شوطًا واحدًا، والعودة من المروة إلى الصفا تعتبر شوطًا ثانيًا وهكذا، والسعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة، ويُشترط لصحة السعي ما يلي:

1– النية.

2- أن يكون السعي مرتبطًا بالطواف حول الكعبة.

3- أن يكون السعي سبعة أشواط كاملة، وعند الشك يبني المسلم على العَدَد الأقل.

4- أن يبدأ السعي من الصفا وينتهي بالمروة.

5- أن يكون السعي في المسعى، وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة؛ (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، صـ250).

 

س33: ما حكْم الطهارة في الطواف والسعي؟

جـ: الطهارة شرطٌ في الطواف حول الكعبة في الحج أو العمرة، ولكنها ليست شرطًا في السعي بين الصفا والمروة، ولكن يُستحب للساعي أن يكون متطهرًا؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ222 و صـ246)، (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ 8، رقم 1152، صـ2900).

 

س34: ما هي سُنن السعي بين الصفا والمروة؟

جـ: للسعي بين الصفا والمروة سُننٌ تزيد من ثوابه، ولا يترتب على تركها شيءٌ؛ وهي:

1- الوضوء.

 

2- استلام الحجر الأسود عند الاتجاه نحو الصفا، إذا تيسر ذلك.

 

3- عندما يقترب المسلم من الصفا يُسَن له أن يقرأ قول الله تعالى:  {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}  [البقرة: 158]، ثم يقول أبدأ بما بدأ الله به، وعندما يصل إلى جبل الصفا، يحاول أن يرتقي عليه ثم يستقبل الكعبة، ويقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد،يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو الله بما شاء من الخير، ويُكرِّر ذلك ثلاث مرات، ثم يمشي مُتَّجهًا نحو المروة وهو يذكر الله ويستغفره، ويُصلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بما يشاء، ويفعل نفس الشيء عند المروة.

 

4- الرَّمَلُ: وهوالإسراع بين العلمين الأخضرين، وهذا خاص بالرجال فقط؛ (منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري، صـ250: صـ251).

 

س35: ما حكْم إقامة الصلاة أثناء الطواف حول الكعبة أو أثناء السعي بين الصفا والمروة؟

جـ: إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعي، فعلى الحاج أو المعتمر أن يصلي مع الإمام، ثم يكمل الطواف أو السعي من حيث توقَّف، ويجوز لمن يعجز عن موالاة الطواف أو السعي أن يستريح بين الأشواط بقدر ما يستعيد نشاطه؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ247)، (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ 8، رقم 1152 صـ2900).

 

س36: ما هو وقت الوقوف بعرفة؟

جـ: يبدأ الوقوف بعرفة من بعد ظهر يوم التاسع من ذي الحجة حتى طلوع فجر العاشر من ذي الحجة، ويكفي الوقوف بعرفة أي جزء من هذا الوقت المحدد ليلًا أو نهارًا، ويجب على الحاج إذا وقف بعرفة نهارًا أن ينتظر إلى ما بعد غروب شمس يوم التاسع، فإن تَرَكَ الوقوف بعرفة قبل المغرب وجب عليه ذبح شاة، أو صوم عشرة أيام: ثلاثة أثناء الحج، وسبعة إذا رجع إلى بلده، وأما من وقف في عرفة في الليل، فلا شيء عليه؛ (الشرح الممتع لابن عثيمين، جـ7، صـ196: صـ197).

 

س37: ما هي سُنن يوم عرفة؟

جـ: يُستحبُّ للحاجِّ أن يغتسل يوم عرفة، ويُسنُّ له أن يصلي الظهر والعصر جَمْعًا وقصرًا مع الإمام بمسجد نَمِرَة، وأن يذهب ويقف على الصخرات الموجودة أسفل جبل الرحمة، ويُسن له كذلك الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار والدعاء بالخير له ولجميع المسلمين، فإن يوم عرفة يوم تُرجى فيه إجابة الدعاء؛ ولذا يُسنُّ فطر الحاج، ليتقوَّى على الدعاء، ويُستحبُّ أن يدعو بالمأثور من أدعية نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم مثل: «لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويميت وهو على كل شيء قدير»، والإكثار من أعمال البر والصدقات حسب قدرته، فإذا غربت الشمس أفاض من عرفات بسكينة ووقار؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ268: صـ274).

 

س38: ما حكم المبيت بمزدلفة؟

جـ: المبيت بمزدلفة (وتُسمَّى جمع أو المشعر الحرام) واجب، فمن تركه ولو كان ذلك جهلًا منه، فعليه ذبح شاة؛ لأنه يجب عليه أن يسأل عن حدود مزدلفة، والسُّنةُ ألَّا ينصرف الحاجُّ منها إلا بعد صلاة الفجر وقبل شروق الشمس بقليل، ويجوز للضعفاء من النساء والرجال، والمرضى ومن يرافقهم الانصراف من مزدلفة بعد النصف الأخير من الليل، ويُسَنُّ الدعاء في مزدلفة مع رفع اليدين واستقبال القبلة؛ (تحفة الإخوان لابن باز، صـ214: صـ215)، (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين، صـ562).

 

س39: ما هي أعمال يوم النحر (العاشر من ذي الحجة)؟

جـ: أعمال يوم النحر بالنسبة لمن حج مفردًا هي: رمي جمرة العقبة الكبرى، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن سعي بعد طواف القدوم، وأما المتمتِّع والقارن فيزيد على ما سبق بذبح الهدي، ويزيد المتمتع سعيًا بعد طواف الإفاضة، ومن السُّنة أن يقوم الحاجُّ بهذه الأعمال مرتبةً؛ فيبدأ برمي جمرة العقبة الكبرى، ثم يحلق أو يقصر شعره، ثم يطوف حول الكعبة، ثم يسعى بين الصفا والمروة، فإن قدم بعض هذه الأعمال على بعض فلا حرج في ذلك، فمَنْ فعل اثنين من هذه الأعمال، غير ذبح الهَدي، فقد تحلَّل التحلُّل الأصغر، فيحل له بذلك كل ما حُرم عليه بالإحرام ما عدا النساء، وإذا فعل الثلاثة، فقد تحلَّل التحلُّل الأكبر؛ أي: حلَّ له كل شيء حرم عليه، حتى النساء؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ320: صـ323)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ349).

 

س40: ما حكم من عجز عن ذبح الهدي؟

جـ: مَنْ حجَّ قارنًا أو متمتعًا، وجب عليه ذبح هَدْي في وقت الحج، فإن عجز عن ذلك وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا عاد إلى بلده، قال تعالى:  {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}  [البقرة: 196]؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ200)، (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ 8، رقم 1154، صـ2904).

 

س41: ما حكْم من نسى شوطًا من طواف الإفاضة؟

جـ: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة ونسي أحد الأشواط ثم تذكَّر، فإن طال الفصل فإنه يعيد الطواف كله، وإن تذكَّر بعد مدة قصيرة فإنه يأتي بالشوط الذي نسيه، ولا شيء عليه؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ253).

 

س42: ما حُكْم المرأة التي حاضت ولم تطُفْ طوافَ الإفاضة، وهي تسكن خارج السعودية، وقد حان وقت مغادرتها ولا تستطيع التأخُّر ولا تستطيع العودة إلى مكة؟

جـ: يجوز لهذه المرأة في هذه الحالة الضرورية أن تفعل أمرًا من اثنين: إما أن تستخدم حقنة أو دواءً يوقف الدم وتطوف، وإما أن تستخدم قطعة من القماش تمنع نزول الدم على أرض المسجد الحرام وتطوف للضرورة؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية، جـ26، صـ244: صـ245).

 

س43: ما حُكْم المبيت في مِنى أيام التشريق؟

جـ: المبيت في مِنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر واجبٌ على الرجال والنساء، فمن تركه، وجب عليه ذبح شاة تُوزَّع على فقراء الحرم؛ (تحفة الإخوان لابن باز، صـ215)، (فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين صـ561).

 

س44: هل يجوز للحاجِّ أن يرمي الجمار باستخدام الحصى الموجود حول الجمرات الثلاث؟

جـ: يجوز للحاج أن يرمي الجمرات باستخدام الحصى الموجود عند الجمرات، وخارج الحوض؛ لأن الأصل أن هذا الحصى الموجود خارج الحوض لم يحصل به الرمي، وأما الحصى الموجود داخل الحوض فلا يجوز له أن يستخدمه؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ290)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ278).

 

س45: ما هي صفة رمي الجمرات أيام التشريق؟

جـ: يحمل الحاج معه في كل يوم 21 حصاة مثل حبة الفول، يبدأ رمي الجمار بعد الظهر، فيبدأ برمي جمرة العقبة الصغرى بسبع حصيات متعاقبات مع التكبير (الله أكبر) مع كل حصاة مع التأكد من سقوط الحصى داخل الحوض، ولا يُشترط أن يصيب العمود، وعند الشك في عدد الحصى فإننا نبني على الأقل، وبعد الانتهاء من رمي الجمرات السبع،يستقبل الحاجُّ الكعبة، ويدعو الله تعالى بما شاء من الخير، ويجب على الحاجِّ أن يحافظ على الترتيب على رمي الجمرات الثلاث، ثم يتَّجه نحو جمرة العقبة الوسطى ويرميها أيضًا بسبع حصيات متعاقبات مع التكبير (الله أكبر) عند كل حصاة، وبعد الانتهاء من الرمي يستقبل القبلة ويدعو الله أيضًا، ثم يتجه بعد ذلك إلى جمرة العقبة الكبرى ويرميها بسبع حصيات مع التكبير مع كل حصاة، ثم ينصرف بعد الانتهاء مِنْ رمي الجمرات السبع، ولا يدعو بعدها.

 

ويفعل الحاجُّ هكذا في اليوم الثاني عشر والثالث عشر إذا لم يتعجَّل، ويجوز لأصحاب الأعذار الشرعية أن ينيبوا غيرهم في رمي الجمرات نيابةً عنهم، وذلك بعد أن يرمي الوكلاء عن أنفسهم؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ326: صـ331).

 

س46: ما حُكْم من رمى الجمرات الثلاثة أيام التشريق قبل الظهر؟

جـ: لا يجوز رمي الجمرات الثلاث أيام التشريق قبل الظهر، إنما يبدأ الرمي بعد الظهر حتى الليل، فعلى من رمى الجمرات قبل الظهر ذبح شاة في مكة تجزئ أضحية، وتُوزع على فقراء الحرم، فإن عجز عن ذلك، صام عشرة أيام؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ328)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ294).

 

س47: هل يجوز للمرأة أن تُنيب غيرها في رمي الجمرات؟

جـ: يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن تُوكِّل المرأة من يرمي عنها، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها أو المحافظة على حملها إن كانت حاملًا، وعلى عِرضها وحرمتها، حتى لا تنهك في شدة الزحام؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11 صـ284).

 

س48: ما حُكْم من ترك طواف الوداع في الحج؟

جـ: طواف الوداع في الحج واجبٌ إلا على المرأة الحائض والمسلم الذي يعيش في مكة، روى الشيخانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ؛ (البخاري، حديث 1755 / مسلم، حديث 1328).

 

ومن ترك طواف الوداع، وجب عليه ذبح شاة، يوزع لحمها على فقراء الحرم، ومن عجز عن الذبح، صام عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا عاد إلى بلده، وأما من تأخَّر في ذبح الشاة حتى عاد إلى بلده، وجب عليه أن يُنيب غيره في مكة بشرائها وتوزيعها على فقراء الحرم، ولا يجوز الذبح في بلده؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ20، رقم 3320، صـ7536: صـ7537)، (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ342: صـ343).

 

س49: هل يجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع؟

جـ: إذا لم يطف الحاجُّ طواف الإفاضة إلا عند انصرافه من مكة، واكتفى به عن طواف الوداع كفاه ذلك، حتى لو كان بعده سعي بين الصفا والمروة، كما لو كان متمتعًا؛ لأن المقصود هو أن يكون آخر عهد الحاج الطواف بالكعبة بعد فراغه من رمي الجمار الثلاث أيام التشريق، وقد حصل ذلك بطواف الإفاضة؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ300: صـ302).

 

س50: هل طواف الوداع واجب في العمرة؟

جـ: طواف الوداع ليس بواجب في العمرة، ولكن فعله أفضل، فلو خرج المعتمر من مكة ولم يطُفْ طواف الوداع، فلا إثم عليه، وأمَّا في الحج فهو واجب؛ (فتاوى اللجنة الدائمة، جـ11، صـ325).

 

س51: هل على أهل الحرم المكي طواف وداع؟

جـ: كل مَن كان مقيمًا داخل حدود الحرم المكي، فهو كأهل مكة ليس عليه طواف وداع؛ (المغني لابن قدامة، جـ 5، صـ338).

 

خِتَامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْـحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، كما أسألهُ سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامِ، وأرجو من كُل قارئ كريم أن يدعوَ اللهَ سُبْحَانَهُ لي بالإخلاصِ، والتوفيقِ، والثباتِ على الحق، وحُسْنِ الخاتمة، فإن دعوةَ المسلمِ الكريم لأخيه المسلمِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتجَابةٌ. وأختِمُ بقولِ الله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].

 

وآخرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نبينا مُـحَمَّدٍ، وَآلهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَـهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
_________________________________________________________

الكاتب: الشيخ صلاح نجيب الدق