لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك

منذ 2023-06-10

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله ﷺ: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».

 

قال: وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها: لبيك وسعديك والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل.

 

• قال البخاري: باب التلبية، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إني لأعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يُلبي:  «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك» [1]؛ انتهى.

معنى التلبية: الإجابة.

 

• قوله: (لبيك): معناه إجابة بعد إجابة، أو إجابة لازمة، وقيل: معنى لبيك اتجاهي وقصدي إليك، وقيل: معناه محبتي لك.

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَمَّا فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قيل له: أذِّن في الناس بالحج، قال: رب، وما يبلغ صوتي؟ قال: أذِّن وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمِعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيؤون من أقصى الأرض يُلبون؛ (رواه ابن أبي حاتم).

 

وفي رواية: فأجابوا بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة، إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ.

 

• فقال ابن المنير: وفي مشروعية التلبية تَنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى.

 

• قوله: «إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».

• قال ابن المنير في الحاشية: قرن الحمد والنعمة وأفرَد الملك؛ لأن الحمد متعلق النعمة، ولهذا يقال: الحمد لله على نِعَمه، فجمع بينهما كأنه قال: لا حمد إلا لك؛ لأنه لا نعمة إلا لك، وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه، ذُكر لتحقيق أن النعمة كلها لله؛ لأنه صاحب الملك.

 

• قال الحافظ: ووقع عند مسلم من رواية موسى بن عقبة عن نافع وغيره عن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوت به راحلتُه عند مسجد ذي الحليفة، أهلَّ، فقال: ( «لبيك» )؛ الحديث، وللمصنف من طريق الزهري عن سالم عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبيًا يقول: ( «لبيك اللهم لبيك» )؛ الحديث، وقال في آخره: لا يزيد على هذه الكلمات، زاد مسلم من هذا الوجه، قال ابن عمر: كان عمر يُهل بهذا، ويزيد: (لبيك اللهم لبيك، وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل)، وهذا القدر في رواية مالك أيضًا عنده عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزيد فيها، فذكر نحوه، فعرف أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه، وأخرج ابن أبي شيبة من طريق المسور بن مخرمة، قال: كانت تلبية عمر، فذكر مثل المرفوع، وزاد:لبيك مرغوبًا ومرهوبًا إليك، ذا النعماء والفضل الحسن، واستدل به على استحباب الزيادة على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، إلى أن قال، وفي حديث جابر الطويل في صفة الحج: حتى استوت به ناقته على البيداء، أهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك... إلخ،

قال: وأهل الناس بهذا الذي يُهلون به، فلم يرد عليهم شيئًا منه، ولزم تلبيته، وأخرجه أبو داود من الوجه الذي أخرجه منه مسلم، قال: والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع، فلا يقول لهم شيئًا.

وفي رواية البيهقي: ذا المعارج وذا الفواضل، وهذا يدل على أن الاقتصار على التلبية المرفوعة أفضل لمداومته هو صلى الله عليه وسلم عليها، وأنه لا بأس بالزيادة، لكونه لم يردَّها عليهم وأقرَّهم عليها، وهو قول الجمهور؛ انتهى.

 

• قال الشافعي: ولا ضيق على أحد في قول ما جاء عن ابن عمر وغيره: تعظيم الله ودعاؤه، غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روِي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

 

 قال الحافظ: وهو شبيه بحال الدعاء في التشهد، فإنه قال فيه، ثم ليتخير من المسألة والثناء ما شاء؛ أي: بعد أن يفرغ من المرفوع.

عن أبي هريرة قال: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم: «لبيك إله الحق»؛ (أخرجه النسائي، وابن ماجه).

 

• قوله: ( «لبيك وسعديك» )؛ أي: إجابةً بعد إجابة، وإسعادًا بعد إسعاد[2].

 

تتمة:

• قال ابن تيمية: وينعقد الإحرام بنية النسك مع التلبية، أو سوق الهدي، وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد، وقاله جماعة من المالكية، وحُكِي قولًا للشافعية، ويحرُم عقب فرض إن كان وقته، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه، ويُستحب للمحرم الاشتراط إن كان خائفًا، وإلا فلا جمعَ بين الأدلة والقِران أفضل من التمتع إن ساق هديًا، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وإن اعتمر وحجَّ في سفرتين، أو اعتمر قبل أشهر الحج، فالإفراد أفضل باتفاق الأئمة الأربعة، ومن أفرد العمرة بسفرة، ثم قدِم في أشهر الحج، فإنه يتمتع، والنبي صلى الله عليه وسلم حجَّ قارنًا.

 

• قال الإمام أحمد: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، والتمتع أحب إليَّ، قال أبو العباس: وعلى هذا متقدمو أصحابنا، ولو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة، لم يجز الصحيح، ويجوز العكس بالاتفاق[3]؛ انتهى، والله أعلم.

 


[1] صحيح البخاري: (2 /170).

[2] فتح الباري: (3 /409، 410).

[3] الاختيارات الفقهية: (1/ 465).

__________________________________________________
الكاتب: الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك