وعيد من أكل أموال الناس بالباطل
تأمل قول الله تعالى لمن أكل أموال الناس بالباطل، وقتل نفسًا معصومة: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}، وهي كلمة على وجازتها تحمل معانٍ هائلةً، تنوء بالجبال الرواسي.
لولاهما لطاشت العقول وذهلت، وذابت القلوب غمًّا وذبلت؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 30].
تأمل قول الله تعالى لمن أكل أموال الناس بالباطل، وقتل نفسًا معصومة: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}، وهي كلمة على وجازتها تحمل معانٍ هائلةً، تنوء بالجبال الرواسي.
ويكفي أن تطلق لخيالك العنان لبرهة لتدرك ما في الصلي (وهو شي الجسد بالنار) من بشاعة المنظر ما لا تطاق رؤيته، فضلًا عن الشعور به، ولا يكون ذلك الشي بالنار التي يعهدها الناس - وإن كانت لكافية - ولكنها نار تصهر الحديد وتذيب الصخر، لذا ورد ذكرها نكرة، أي: فسوف نصليه نارًا وأيُ نارٍ!
فإذا كان ذلك العقاب، الذي تقشعر من هول سماعه الأبدان، وتشيب له رؤوس الولدان، فلا بد أن يكون الجرم على درجة عالية من البشاعة ليناسبه ذلك العقاب.
أما أكل أموال الناس بالباطل، فذبح لهم بغير سكين؛ لأن المال قوم الحياة.
وأما القتل فمن البشاعة بمكان، حتى إنه ليعجز عن وصف شناعته البيان.
ولأن الخطب جسيم، والعقاب عظيم لا يتحمله قلب سليم، قدَّم الله تعالى عليه في الذكر وصفين لا يهلك على الله إلا من اتصف بهما، لولا ذكرهما لطاشت العقول وذهلت، وذابت القلوب غمًّا وذبلت؛ {عُدْوَانًا وَظُلْمًا}، فكم من أناس تقطعت أوصال المودة بينهم لخلافات مالية!
وكم من أناس وقع منهم القتل خطأً بغير قصد!
فتداركتهم رحمة الله بهذا القيد، وفك عنهم به قيد الغم.
______________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
- التصنيف: