يوم الجمعة
يوم الجمعة يوم عظيم؛ قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنة، وفيه أُخْرِج منها».
يوم الجمعة يوم عظيم؛ قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنة، وفيه أُخْرِج منها»[1]،
وعن أوس بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أفضل أيامكم يومَ الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدم عليه السلام، وفيه قُبِضَ، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكْثِروا عليَّ من الصلاة؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ» ، قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَض صلاتنا عليك وقد أَرِمْتَ - أي يقولون: قد بَلِيتَ - قال: «إن الله عز وجل قد حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام»[2]؛
يقول ابن القيم رحمه الله: "وكان من هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم تعظيمُ هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره، وذكر أن من خصائص يوم الجمعة: استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وفي ليلته، والاغتسال في يومها، والتطيُّب والسواك فيه، والتبكير لصلاة الجمعة، وأن يشتغل بالصلاة، والذكر، والقراءة، وقراءة سورة الكهف في يومها، وأنه يجب الإنصات لخطبة الجمعة"[3].
وفي الحديث الصحيح: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهَّر ما استطاع من طُهْرٍ، ويدَّهن من دُهْنِهِ، أو يَمَسُّ من طِيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم يُنصت إذا تكلم الإمام - إلا غُفِرَ له ما بينه وبين الجمعة الأخرى»[4].
عباد الله: ويُستحَبُّ أن يلبس في يوم الجمعة أحسن الثياب التي يقدر عليها، كما يستحب تجمير المسجد، وفي يوم الجمعة ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يسأل اللهَ عبدٌ مسلمٌ فيها شيئًا إلا أعطاه؛ ففي الحديث الذي رواه مسلم: «إن في الجمعة لَساعةً لا يوافقها مسلم قائم يصلي، يسأل الله خيرًا، إلا أعطاه إياه، وقال بيده يقلِّلها، يزهدها»[5]، وكما يقول ابن القيم: "فإن أرجح الأقوال في ساعة الإجابة في يوم الجمعة قولان؛ الأول: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، ودليل ذلك ما ورد في صحيح مسلم من حديث أبي بردة بن أبي موسى أن عبدالله بن عمر قال له: أسمعت أباك يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة»[6]،
والقول الثاني: أنها بعد العصر، ويقول ابن القيم: وهذا أرجح القولين، وحجة هذا القول ما رواه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر»"[7].
عباد الله: والجمعة فرض عين على كل مكلَّف قادر مستكمل لشروطها، فهي تجب على الرجل المسلم الحرِّ، العاقل البالغ، المقيم القادر على السعي إليها، الخالي من الأعذار المبيحة للتخلف عنها، طالما سمع النداء، أو علِم بدخول وقت الجمعة؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة، إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض»[8].
وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بصلاة الجمعة؛ ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هَمَمْتُ أن آمُرَ رجلًا يصلي بالناس، ثم أُحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتَهم»[9]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من تَرَكَ ثلاثَ جُمَعٍ تهاونًا، طبع الله على قلبه»[10]؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، ولنعلم أن يوم الجمعة يُستحَبُّ فيه التفرغ للعبادة، كما يستحب فيه التبكير إلى المسجد؛ ففي الحديث: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بَدَنَةً، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا أقرنَ، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمام، حضرتِ الملائكة يستمعون الذكر»[11]،
ويوم الجمعة هو اليوم الذي تفزَع منه السماوات والأرض، والجبال والبحار، والخلائق كلها، إلا الإنس والجن؛ وفي الحديث: «لا تطلُعُ الشمس ولا تغرب على يوم أفضلَ من يوم الجمعة، وما من دابة إلا وهي تفزع يوم الجمعة، إلا هذين الثَّقَلَين؛ الجن والإنس»[12]، وهو اليوم الذي ادَّخره الله لهذه الأمة، وأضلَّ عنه أهل الكتاب قبلهم، وفي الحديث: «ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خيرٍ من يوم الجمعة، هدانا الله له، وضلَّ الناس عنه، فالناس لنا فيه تَبَعٌ، فهو لنا، ولليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد، إن فيه لَساعة لا يوافقها مؤمن يصلي يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه»[13]،
وقال صلى الله عليه وسلم: «يحضُرُ الجمعة ثلاثةُ نَفَرٍ؛ رجل حضرها يلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو، فهو رجل دعا الله عز وجل إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يتخطَّ رقبةَ مسلم، ولم يؤذِ أحدًا، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز وجل يقول {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]))[14].
فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا - رحمكم الله - على خير الورى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا؛ فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقال عليه الصلاة والسلام: «من صلَّى عليَّ صلاةً، صلَّى الله عليه بها عشرًا».
[1] رواه مسلم (1410).
[2] رواه أبو داود (1047)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (925).
[3] ينظر: زاد المعاد 1/ 375.
[4] صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 883.
[5] صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 852.
[6] صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 853.
[7] مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 14/103، وينظر: زاد المعاد 1/ 375- 400.
[8] رواه أبو داود (1067).
[9] صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 652.
[10] أخرجه أبو داود (1052)، والنسائي (1369).
[11] أخرجه البخاري (881)، ومسلم (850) باختلاف يسير.
[12] صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2770.
[13] صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 695.
[14] صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1113.
___________________________________________________
الكاتب: محمد بن حسن أبو عقيـل
- التصنيف: