الإعلام المبتذل من يوقفه؟
منذ 2011-11-16
الإعلام المبتذل من يوقفه؟
الكـاتب: نورة خالد السعد
المختار الإسلامي
الشباب في أي مجتمع هم الشريحة التي تشكل إرهاصات المستقبل، ولهذا يكون الاهتمام بهم من قبل واضعي خطط المجتمع التنموية لاستثمار هذه الشريحة في تأسيس وبناء قاعدة البناء المستقبلي.. ومن المعروف أن قضايا الشباب لا تنفصل عن قضايا المجتمع، وعن مدى كفاءة النظم الاجتماعية في أداء وظائفها.
وأي خلل في أداء نظام اجتماعي معين كالأسرة مثلًا أو التربية، أو الإعلام، أو النسق الاقتصادي، فإن نتائج ذلك ستتضح بلا شك على هذه الشريحة، كما ستؤثر في بقية الشرائح، ولكن شريحة الشباب حاليًا وفي العالم هي الشريحة القابلة للتأثير، والمتفاعلة بسرعة مع كل تغيرات اجتماعية وثقافية، بل وهي المتضررة من سلبيات أداء كل نظام اجتماعي.
وكما يرى العديد من الباحثين أن الشباب العربي يعيش في مأزق ما يسمى بالتغيير، فما يحيط بهم من مناخ اجتماعي تسود فيه بعض الظواهر السلبية المرتبطة بالقيم غير الأخلاقية، والتناقض الثقافي، والفوضى الاقتصادية، والفقر، والفساد الإداري، ومظاهر الاستغلال والتسلط والانحراف بكل صوره وأنواعهما يجعلهم يستمدون من هذا المناخ نمط تفكيرهم وسلوكهم وأسلوب حياتهم، بحيث يصبح التقليد والمحاكاة لما يستقبلونه من قيم، وما يتمثلونه من نموذج سائد حاليًا هو المحصلة التي تتضح فيما يُطلق عليه نمط اجتماعي سائد.
فبعض الأفكار والشعارات التي يفترض أن تكون هي المسلَّمات القيمية التربوية والثقافية -والتي يتم تعليمها في المدارس والجامعات- كثيرًا ما يهدمها في عقول الشباب وضمائرهم ما يرونه من تناقضات يعيشونها في الواقع، وكما يرى الدكتور حسين سلوم في دراسته عن الانفتاح الإعلامي وخطره على قيم الشباب المسلم التي قدمت في المؤتمر التاسع للندوة العالمية للشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض في أواخر شهر شعبان الماضي من هذا العام "إن من هذه الشعارات على سبيل المثال شعار تحرير المرأة، فيجد أمامه مظاهر التسيب، وتحت شعار حرية الصحافة قد يلحظ البعض الخطر على الرأي العام، وتزوير الحقائق، وتحت شعار الوحدة يرى الشباب قوى الانفصال، وانتهاك الحرية الفردية".
وكما هو ملاحظ الآن أن الإعلام المرئي من خلال التلفاز والقنوات الفضائية وأيضًا الإنترنت أصبح هو القوة التغييرية لسلوك الشباب ونمط تفكيرهم وتوجهاتهم، فهذه القوة أصبحت تنافس الأسرة والمدرسة والجامعة في عمليات التربية والتنشئة الاجتماعية.
ولقد لخص أحد الشباب من جامعة الملك سعود الذي كان حاضرًا في إحدى فعاليات الندوة العالمية للشباب الإسلامي ما يعانيه الشباب من هذا الكم الهائل من البرامج والأفلام والأغاني الخليعة التي تبثها القنوات الفضائية، دونما ضابط أخلاقي أو ديني، وتساءل ببساطة: ما دوركم في هذه الظاهرة؟ سؤاله كان مُوجهًا للدكتور جعفر الشيخ إدريس على وجه الخصوص، ولكن في الحقيقة سؤاله هذا ينبغي أن يوجه للمسؤولين عن الشباب ورعايتهم من مؤسسات وجامعات، وأيضًا للمسؤولين عن الإعلام العربي، والذي تبث بعض قنواته هذه (البذاءة السلوكية والذهنية).
إن هذه القنوات تشكل ضغوطات ثقافية وافدة، وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية والثقافية في الشباب تحتل الآن الأولوية في سلم عمليات التنشئة الاجتماعية شئنا أم أبينا، ولهذا لا بد من وقفة تصحيحية لهذا الخطر.
وكما جاء في دراسة د.السلوم أن هذا البث الفضائي وما يحمله من قيم وأفكار وعقائد تتناقض مع الثقافة السائدة، والشباب بشكل خاص هم الشريحة التي تتعرض لهذا البث المكثف من برامج وأفلام العنف والجريمة والجنس، وما تحمله من مضامين متناقضة في الأفكار والعقائد والقيم التي لا تتلاءم مع واقع المجتمع العربي المسلم، بل إن بعض الفضائيات العربية تسهم بشكل فعّال مع القنوات الفضائية الأجنبية لبث المادة الأجنبية ذات الطابع الثقافي الهابط، والتي تتناقض مع القيم والأخلاق الإسلامية، فهي تكرس الحياة الاستهلاكية، وتعرض مقومات الشخصية العربية الثقافية والقومية والدينية للتشويه والمسخ والاغتراب الحاد، حيث نجد أن هذه القنوات تتسابق لإرضاء غرائز الشباب واجتذابهم بأي صورة من خلال هذه المواد المعروضة، أي مخاطبة الجانب الغرائزي في النفس وليس الجانب الفكري أو العقلي، بل إن بعض هذه القنوات أصبحت شبه نواد ليلية تقدم لجمهورها أنواع الإثارة الجسدية والغريزية بمواصفات قد لا نجدها حتى في القنوات الفضائية الأجنبية، ومن دون مقص الرقيب، ودونما اعتبار لمفهوم ومنظومة القيم الإسلامية التي تحكم الواقع الاجتماعي.
وهو يرى أن هناك صناعة ثقافية إعلامية لا تعتمد المقاييس القيمية والفنية والجمالية، بقدر اعتمادها على الجذب والإثارة، لتسطيح الفكر والحياة، وخلق الوعي المشوّه والمبسط، وهدر الوقت وإضاعته، وإضعاف مشاركة الشباب المستمرة في النشاطات القيمة والبناءة المختلفة.
إن نتائج هذا التيار الإعلامي غير الهادف الذي يشكل ظاهرة خطيرة بدأت تظهر على عدة مستويات منها عدم الاستقرار في العلاقات الاجتماعية على مستوى الأفراد أو على مستوى الجماعات ومؤسسات المجتمع مما يؤدي إلى الاضطراب الاجتماعي.
كما يؤدي إلى إضعاف دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، وتفتيت الاجتماع العائلي الذي كان سائدًا ليحل محله شبه العزلة الأسرية، بالإضافة إلى سيادة السلوك الاستهلاكي.
وأسوأ هذه النتائج ما يتمثل في الانحراف الاجتماعي بين الشباب بسبب طبيعة المضامين الإعلامية الفضائية الخاصة بالجنس والمخدرات، وأساليب الجريمة التي يتم بثها عبر ساعات طويلة.
ليس كل إنتاج الفضائيات سلبيًا نعم، ولكن حاليًا الرقم المتسيد هو الأسوأ وهو الجوانب السلبية، مما يتطلب من الجميع أن يكون هناك دور حقيقي وفعّال لوزراء الإعلام العرب لإيقاف هذا الخطر الذي لا يقل عن خطر كوارث البيئة كالزلازل والحرائق التي يتم من أجلها استنفار عام محلي وإقليمي ودولي.
الشباب هم ثروة المجتمع، ولن ينجح مجتمع يفرط في ثروته.
الكـاتب: نورة خالد السعد
المختار الإسلامي
الشباب في أي مجتمع هم الشريحة التي تشكل إرهاصات المستقبل، ولهذا يكون الاهتمام بهم من قبل واضعي خطط المجتمع التنموية لاستثمار هذه الشريحة في تأسيس وبناء قاعدة البناء المستقبلي.. ومن المعروف أن قضايا الشباب لا تنفصل عن قضايا المجتمع، وعن مدى كفاءة النظم الاجتماعية في أداء وظائفها.
وأي خلل في أداء نظام اجتماعي معين كالأسرة مثلًا أو التربية، أو الإعلام، أو النسق الاقتصادي، فإن نتائج ذلك ستتضح بلا شك على هذه الشريحة، كما ستؤثر في بقية الشرائح، ولكن شريحة الشباب حاليًا وفي العالم هي الشريحة القابلة للتأثير، والمتفاعلة بسرعة مع كل تغيرات اجتماعية وثقافية، بل وهي المتضررة من سلبيات أداء كل نظام اجتماعي.
وكما يرى العديد من الباحثين أن الشباب العربي يعيش في مأزق ما يسمى بالتغيير، فما يحيط بهم من مناخ اجتماعي تسود فيه بعض الظواهر السلبية المرتبطة بالقيم غير الأخلاقية، والتناقض الثقافي، والفوضى الاقتصادية، والفقر، والفساد الإداري، ومظاهر الاستغلال والتسلط والانحراف بكل صوره وأنواعهما يجعلهم يستمدون من هذا المناخ نمط تفكيرهم وسلوكهم وأسلوب حياتهم، بحيث يصبح التقليد والمحاكاة لما يستقبلونه من قيم، وما يتمثلونه من نموذج سائد حاليًا هو المحصلة التي تتضح فيما يُطلق عليه نمط اجتماعي سائد.
فبعض الأفكار والشعارات التي يفترض أن تكون هي المسلَّمات القيمية التربوية والثقافية -والتي يتم تعليمها في المدارس والجامعات- كثيرًا ما يهدمها في عقول الشباب وضمائرهم ما يرونه من تناقضات يعيشونها في الواقع، وكما يرى الدكتور حسين سلوم في دراسته عن الانفتاح الإعلامي وخطره على قيم الشباب المسلم التي قدمت في المؤتمر التاسع للندوة العالمية للشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض في أواخر شهر شعبان الماضي من هذا العام "إن من هذه الشعارات على سبيل المثال شعار تحرير المرأة، فيجد أمامه مظاهر التسيب، وتحت شعار حرية الصحافة قد يلحظ البعض الخطر على الرأي العام، وتزوير الحقائق، وتحت شعار الوحدة يرى الشباب قوى الانفصال، وانتهاك الحرية الفردية".
وكما هو ملاحظ الآن أن الإعلام المرئي من خلال التلفاز والقنوات الفضائية وأيضًا الإنترنت أصبح هو القوة التغييرية لسلوك الشباب ونمط تفكيرهم وتوجهاتهم، فهذه القوة أصبحت تنافس الأسرة والمدرسة والجامعة في عمليات التربية والتنشئة الاجتماعية.
ولقد لخص أحد الشباب من جامعة الملك سعود الذي كان حاضرًا في إحدى فعاليات الندوة العالمية للشباب الإسلامي ما يعانيه الشباب من هذا الكم الهائل من البرامج والأفلام والأغاني الخليعة التي تبثها القنوات الفضائية، دونما ضابط أخلاقي أو ديني، وتساءل ببساطة: ما دوركم في هذه الظاهرة؟ سؤاله كان مُوجهًا للدكتور جعفر الشيخ إدريس على وجه الخصوص، ولكن في الحقيقة سؤاله هذا ينبغي أن يوجه للمسؤولين عن الشباب ورعايتهم من مؤسسات وجامعات، وأيضًا للمسؤولين عن الإعلام العربي، والذي تبث بعض قنواته هذه (البذاءة السلوكية والذهنية).
إن هذه القنوات تشكل ضغوطات ثقافية وافدة، وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية والثقافية في الشباب تحتل الآن الأولوية في سلم عمليات التنشئة الاجتماعية شئنا أم أبينا، ولهذا لا بد من وقفة تصحيحية لهذا الخطر.
وكما جاء في دراسة د.السلوم أن هذا البث الفضائي وما يحمله من قيم وأفكار وعقائد تتناقض مع الثقافة السائدة، والشباب بشكل خاص هم الشريحة التي تتعرض لهذا البث المكثف من برامج وأفلام العنف والجريمة والجنس، وما تحمله من مضامين متناقضة في الأفكار والعقائد والقيم التي لا تتلاءم مع واقع المجتمع العربي المسلم، بل إن بعض الفضائيات العربية تسهم بشكل فعّال مع القنوات الفضائية الأجنبية لبث المادة الأجنبية ذات الطابع الثقافي الهابط، والتي تتناقض مع القيم والأخلاق الإسلامية، فهي تكرس الحياة الاستهلاكية، وتعرض مقومات الشخصية العربية الثقافية والقومية والدينية للتشويه والمسخ والاغتراب الحاد، حيث نجد أن هذه القنوات تتسابق لإرضاء غرائز الشباب واجتذابهم بأي صورة من خلال هذه المواد المعروضة، أي مخاطبة الجانب الغرائزي في النفس وليس الجانب الفكري أو العقلي، بل إن بعض هذه القنوات أصبحت شبه نواد ليلية تقدم لجمهورها أنواع الإثارة الجسدية والغريزية بمواصفات قد لا نجدها حتى في القنوات الفضائية الأجنبية، ومن دون مقص الرقيب، ودونما اعتبار لمفهوم ومنظومة القيم الإسلامية التي تحكم الواقع الاجتماعي.
وهو يرى أن هناك صناعة ثقافية إعلامية لا تعتمد المقاييس القيمية والفنية والجمالية، بقدر اعتمادها على الجذب والإثارة، لتسطيح الفكر والحياة، وخلق الوعي المشوّه والمبسط، وهدر الوقت وإضاعته، وإضعاف مشاركة الشباب المستمرة في النشاطات القيمة والبناءة المختلفة.
إن نتائج هذا التيار الإعلامي غير الهادف الذي يشكل ظاهرة خطيرة بدأت تظهر على عدة مستويات منها عدم الاستقرار في العلاقات الاجتماعية على مستوى الأفراد أو على مستوى الجماعات ومؤسسات المجتمع مما يؤدي إلى الاضطراب الاجتماعي.
كما يؤدي إلى إضعاف دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، وتفتيت الاجتماع العائلي الذي كان سائدًا ليحل محله شبه العزلة الأسرية، بالإضافة إلى سيادة السلوك الاستهلاكي.
وأسوأ هذه النتائج ما يتمثل في الانحراف الاجتماعي بين الشباب بسبب طبيعة المضامين الإعلامية الفضائية الخاصة بالجنس والمخدرات، وأساليب الجريمة التي يتم بثها عبر ساعات طويلة.
ليس كل إنتاج الفضائيات سلبيًا نعم، ولكن حاليًا الرقم المتسيد هو الأسوأ وهو الجوانب السلبية، مما يتطلب من الجميع أن يكون هناك دور حقيقي وفعّال لوزراء الإعلام العرب لإيقاف هذا الخطر الذي لا يقل عن خطر كوارث البيئة كالزلازل والحرائق التي يتم من أجلها استنفار عام محلي وإقليمي ودولي.
الشباب هم ثروة المجتمع، ولن ينجح مجتمع يفرط في ثروته.
- التصنيف: