إذا تحقق العدل وانتشر الأمن عم الرخاء

منذ 2024-01-15

وإذا تحقق العدل وانتشر الأمن عمَّ البلادَ الرخاءُ، وانتشر في ربوعها الخير؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «حَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا».

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58].

 

تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، بعد الأمر بأداء الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، ليتحقق تمكين كل ذي حق من حقه، وليعم العدل كل فرد من أفراد المجتمع، فتحقيق ولاة الأمر العدل بين الناس أمانة من أجل الأمانات، وأداءُ الأماناتِ إلى أهلها، وإِيصَالُ الْحَقِّ لأصحابِهِ تحقيقٌ للعدلِ والإنصافِ.

 

ولما كان الحكم بين الناس بالعدل أمانة، كان ذلك شبيهًا بعطف الخاص على العام؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»[1].

 

ولَما كان الأمن من أعظم مقاصد الشرع، أمر الله تعالى به أمرًا عامًّا وأمر به أمرًا خاصًّا.

 

أمر عموم الناس بأداء الأمانات ليأمن الناس على ممتلكاتهم وأسرارهم، وأمر ولاة الأمر بإقامة العدل ليأمن الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم.

 

ومن العدل الأخذ على يدي الظالم، وانصاف المظلوم، وألا يطمع شريف في الحيف، ولا يقنط ضعيف من العدل؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ»[2].

 

وإذا تحقق العدل وانتشر الأمن عمَّ البلادَ الرخاءُ، وانتشر في ربوعها الخير؛ فعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا»[3].

 


[1] رواه البخاري - كتاب الرقاق، ‌‌بَابُ رَفْعِ الْأَمَانَةِ، حديث رقم: 6496.

[2] رواه البخاري - كتاب أحاديث الأنبياء، بَابٌ، حديث رقم: 3475، ومسلم - ‌‌كِتَابُ الْحُدُودِ، ‌‌بَابُ قَطْعِ السَّارِقِ الشَّرِيفِ وَغَيْرِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ، حديث رقم: 1688، عَنْ ‌عَائِشَةَ رضي الله عنها.

[3] رواه أحمد- حديث رقم: 8738، وابن حبان- كِتَابُ الْحُدُودِ، ‌‌ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْبِلَادِ، إِذْ إِقَامَةُ الْحَدِّ فِي بَلَدٍ يَكُونُ أَعَمَّ نَفْعًا مِنْ أَضْعَافِهِ الْقَطْرُ إِذَا عَمَّتْهُ، حديث رقم: 4398، والبيهقي في شعب الإيمان، ‌‌فصل في فضل الإمام العادل وما جاء في جور الولاة، حديث رقم: 7381.