الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه

منذ 2024-04-21

وردت أحاديث عدة تنص على استجابة الله تعالى لدعاء المظلوم؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: «اتَّقِ دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»؛ (رواه البخاري (2448)، ومسلم (19)).

 

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «ثلاث دعوات مستجابات لا شكَّ فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم»؛ (رواه أبو داود (1536)، والترمذي (1905)، وقال: "هذا حديث حسن").

 

قال السندي رحمه الله تعالى: "قوله: (دعوة المظلوم) أي: في حق الظالم، وأثر الاستجابة قد لا يظهر في الحال، لكون المجيب تعالى حكيمًا"؛ (انتهى من "شرح سنن ابن ماجه" (2 / 439)).

 

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "أما دعوة المظلوم فمعناها إذا ظلمك أحد... فإذا دعوت الله عليه استجاب الله دعاءك، حتى ولو كان المظلوم كافرًا، وظلمته، ثم دعا الله عليك، استجاب الله دعاءه، لا حبًّا للكافر، ولكن حبًّا للعدل؛ لأن الله حَكَمٌ عَدْلٌ، والمظلوم لا بد أن ينصف له من الظالم؛ ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا إلى اليمن قال له: «اتَّقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».

 

فالمظلوم دعوته مستجابة، إذا دعا على ظالمه بمثل ما ظلمه أو أقل، أما إن تجاوز فإنه يكون معتديًا، فلا يُستجاب له"؛ (انتهى من "شرح رياض الصالحين" (4/ 615 - 616)).

 

وما قيده به السندي والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله تعالى بأنه في حق الظالم هو ظاهر الأحاديث الواردة في استجابة الله تعالى لدعوة المظلوم، فسياقها يبين أن ذلك مقيد بمظلمته؛ حيث لم ترد بحثِّ المظلوم على الإكثار من الدعاء، وإنما وردت على وجه التخويف للظالم من دعوة المظلوم؛ كما في الحديث السابق:  (اتق دعوة المظلوم)، وكما في حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «ثلاثة لا تُرَدُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطر، ودعوة المظلوم تُحمل على الغمام، وتُفتح لها أبواب السماوات، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين»؛ (رواه أحمد في "المسند" (13/ 410)، والترمذي (3598)، وقال: "هذا حديث حسن"، وصححه محققو المسند بشواهده، وحسَّن الألباني فقرة المظلوم بشواهدها في "السلسلة الصحيحة" (2/ 527 - 528)).

 

فالحاصل أن سياق الأحاديث يدل أن الاستجابة متعلقة بمظلمته.

 

والله أعلم.

 

أتهزأ بالدعاء وتزدريـــــــــه   ***   وما تدري بما صنع الدعاءُ 

سِهام الليل لا تخطي ولكن   ***   لها أمَدٌ وللأمد انقضــــــاءُ