مسرحية (انتصار) اليونسكو..

منذ 2012-01-08

با لأحضان والقبلات ودموع الفرح المصطنع، استقبل فريق أوسلو تصويت الدول الأعضاء في المنظمة الأممية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، على طلب سلطة عباس قبول "دولة فلسطين" عضواً أصيلاً فيها...


با لأحضان والقبلات ودموع الفرح المصطنع، استقبل فريق أوسلو تصويت الدول الأعضاء في المنظمة الأممية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، على طلب سلطة عباس قبول "دولة فلسطين" عضواً أصيلاً فيها، وقررت الأكثرية الموافقة على رغبة عباس وشركائه، ليهتفوا على طريقة أرخميدس: وجدتُها!! وجدتها!!


وليس يدري المرء إن كان القوم يرومون إقناعنا بأن انتقالهم من عضو مراقب إلى عضو كامل العضوية، يجب النظر إليه على أنه "فتح الفتوح"!! وكأنهم عادوا إلى الأمة بمفاتيح القدس بعد أن طردوا الغاصبين من فوق ثراها الطاهر!! أم أنهم يسعون إلى إقناع أنفسهم بالفرية الكبرى التي لفقوها منذ عشرين عاماً، في دهاليز العاصمة النرويجية، ليتبين أنها سُمٌّ زعاف وبيع مجاني لقضية الأمة؟


نحن لا نمارس هنا سخرية سوداء وإنما نعبر عن أسانا بضحك كالبكاء فشر المصيبة ما يُضْحِك، لأن ما جرى ليس سوى فصل إضافي من فصول خداع الأمة، بالتبجح عن انتصارات وهمية محضة، وذلك في نطاق مسلسل تصفية القضية عبر اختزالها بهوامش لا تسمن ولا تغني من جوع، متوهمين أن تلك الشعوذات تنطلي على الجمهور العربي والمسلم فضلاً عن الفلسطيني نفسه صاحب القضية المباشر.


وإلا فما الذي يقدمه انتصار جنرالات الهزيمة المختلَق هذا للقضية الجريحة أو لشعبها المجاهد أو حتى للمواطن الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال أو المشرد في أصقاع الأرض؟


أهو تعويض هزلي لفريق تصفية القضية عن الصفعات التي يتلقاها صباح مساء من الصهاينة ومن واشنطن، وآخرها وأد المسرحية الأم: محاولة حصول الدولة الافتراضية على عضوية كاملة في الأمم المتحدة؟والمثير للشفقة أن العم سام يسدد للمراهنين على فتات موائده هذه الطعنات، بالرغم من انبطاح هذا الفريق وتفريطاته المتلاحقة في حق القضية الأم لـ300مليون عربي ومليار ونصف مليار مسلم، ابتداء من مصير القدس ومحو قضية اللاجئين....


فهل سيكف "شريكهم" نتنياهو عن اغتصاب مزيد من الأراضي المحتلة أو عن مخططه لتهويد القدس؟


وهل سيعود لاجئ فلسطيني واحد إلى بيته الذي أزالته جرافات الاحتلال أو اغتصبته عائلة صهيونية وفدت من أقاصي الأرض؟


وإذا كانت عضوية اليونسكو تطلبت 63سنة من الدماء والدموع ومحنة التهجير القسري وسجون الاحتلال، فكم تقتضي عضوية الهيئة العام للأمم المتحدة؟وتبعاً لذلك فكم قرناً من الزمان يجب على الفلسطينيين انتظار انقضائها حتى تصبح الدولة الورقية دولة على الأرض؟
وهل سوف يُبْقي الصهاينة لمسوقي أضغاث الأحلام متراً مربعاً يكفي لرسم خريطة لفلسطين المُضَيّعة؟


حتى "راعي السلام"الأمريكي يستكثر على اللاهثين وراء غطرسته، عضوية افتراضية سقيمة كهذه ولم يقف عند حدود الاعتراض الشرس على قرار اليونسكو وإنما قرر الأمريكيون –باعتبارهم زعامة الديموقراطية وحقوق الإنسان-قرروا التوقف عن تسديد نصيبهم في ميزانية المنظمة، لكي يبرهنوا أنهم لا يحتقرون عبيد التسوية فحسب، وإنما يستكبرون على أكثرية الشعوب غير البيضاء التي صوتت مع مشروع عباس في اليونسكو..


ولنغض الطرف عن الموقف الشرعي من العضوية في الأمم المتحدة في وضعها الراهن ولنقرأ ذلك من زاوية محايدة: منظمة تضحك على الشعوب كلها إذ تزين لها مساواة شكلية في كل شأن لا أسنان له، فالقرارات التي يمكن إلزام الدول كلها بها حتى بقوة الدمار الشامل تنحصر في مجلس الأمن المؤلف من15دولة منها 5 دول عضويتها دائمة ورأيها ينسف أي إجماع حتى لو كان إجماع المجلس نفسه!!


ومع ذلك فإن من حق الفلسطيني الذي أجبره العدو على مغادرة وطنه في عام1948م وما زال يحتفظ بمفاتيح منزله، من حقه أن يسأل أهل العرس المزيف عن مصير أكداس من قرارات المنظمة المتعلقة بالصراع العربي/الصهيوني ؟ ألم تسكن فوق رفوف الإهمال والتجاهل حتى ليكاد الغبار يأكلها ويطمس حروفها؟


وأخيراً فإن مما يحز في النفس أكثر ويضاعف من الحزن، أن أصحاب عرس الخديعة يظنون أن الأغلبية في أمتنا يجهلون ما هي اليونسكو وأنهم لا يدركون عداءها للإسلام وثقافته وحضارته من بين ثقافات الأرض كافة، وأنهم لا يعلمون أن هذه المنظمة البائسة دأبت على ازدراء العرب في سائر مشاريعها المشبوهة.


7/12/1432 هـ
 

المصدر: موقع المسلم