الفرج بعد الشدة
الحياة الدنيا مليئة بالمحن والمتاعب والبلايا والشدائد والنكبات، إن صفت يوماً كدرت أياماً، وإن أضحكت ساعة أبكت أياماً، لا تدوم على حال: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.
عباد الله:
الحياة الدنيا مليئة بالمحن والمتاعب والبلايا والشدائد والنكبات، إن صفت يوماً كدرت أياماً، وإن أضحكت ساعة أبكت أياماً، لا تدوم على حال: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140].
فقرٌ وغنى، عافية وبلاء، صحةٌ ومرض، عزٌ وذل، فهذا مصاب بالعلل والأسقام، وذاك مصاب بعقوق الأبناء، وهذا مصاب بسوء خلق زوجته وسوء عشرتها، وتلك مصابة بزوج سيء الأخلاق، فظ الخلق، سيء العشرة، وثالث مصاب بكساد تجارته وسوء صحبه الجيران، وهكذا إلى نهاية سلسلة الآلام التي لا تقف عند حد، ولا يحصيها عد.
ولا يزيل هذه الآلام، ويكشف هذه الكروب إلا الله علام الغيوب الذي يجيب المضطر إذا دعاه، والمسلم حاله في البأساء الصبر والإنابة إلى الله، {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، فمن الذي يجيب المضطر إذا رفع يديه إلى الله ـ يطلب منه المدد؟ ومن الذي يجيب المسلم في لحظات الكرب والشدة وهو يهتف داعياً ربه منيباً إليه طالباً منه العون وتفريج تلك الهموم؟ وقال الله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6]، فهذا العسر معرفة، واليسر نكرة في الآية، ولذلك قال ابن عيينة رحمه الله[1]: أي: إن مع ذلك اليسر يسراً آخر، كقوله سبحانه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إلّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52]، رَوَى الإِمَامُ أحَمدُ مِنْ حَدِيثِ أَبي رزين عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه»، إن العباد إذا نزلت بهم الشدائد فإنهم سرعان ما يقنطون، والله ـ جعل لكل أجل كتاباً، وجعل لهذا الهم نهاية ولهذا الكرب تفريجاً، ولكن العباد يستعجلون، والله تعالى يعجب ويضحك من قنوطهم ومن قرب فرجه.
يا أيّها الإنسان: بعد الجوع شبع، وبعد الظمإ ريّ، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضالّ، ويفكّ العاني، وينقشع الظلام {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} [المائدة: 52]. إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فاعلم أنه سوف ينقطع.
مع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمن، ومع الفزع سكينة.
فلا تضق ذرعاً، فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج، الأيام دول، والدهر قُلّب، والليالي حبالى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً.
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما يقول: [مهما ينزل بامرئٍ من شدة يجعل الله له بعدها فرجاً، وإنه لن يغلب عسر يسرين].
وتأمل في أحوال الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم؛ فهذا يوسف لما صار في غيابة الجب، ثم في ضيق السجن، كرب على كرب، وهَمٌ على هَمْ، فماذا حصل بعد ذلك؟ تداركته رحمة الله عز وجل، وهي قريب من المحسنين، فأخرجته من ظلامة الجب ومن ضيق السجن إلى سعة الملك وبسط في العيش، وجمع بأهله في حال الرخاء بعد الشدة.
وهذا يعقوب عليه الصلاة والسلام عمي من كثرة البكاء والحزن على فقد ولديه، {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84]، ثم تداركته رحمة الله بعد سنوات من الشدة ومفارقة الأولاد الأحباء إلى نفسه، فجمعه الله سبحانه بهما على غير ميعاد منهم.
وهذا يونس في بطن الحوت، لما نزل به البلاء دعا ربه في مكان ما دعا به أحد من الناس ربه، في جوف البطن المظلم، فاستجاب الله دعاءه.
وهذه سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيها شدائد وأهوال وكرب وهموم، ومنها شدائد المواطن التي نصره الله بها في معاركه ضد المشركين.
وهذه عائشة رضي الله عنها، لما نزل بها من الضيق الشديد عندما اتهمها المنافقون، وردد ذلك معهم الذين لم يعوا الأمور من المسلمين ولم يتثبتوا فيها، فاتهموا تلك المسلمة العفيفة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها قد وقعت في الفاحشة، وهي منها بريئة، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليها فلا يكلمها ولا يتلطف معها كما كان يتلطف، واشتعلت الفتنة من حولها، والألسن تلوك في عرضها، وهي البريئة، حتى بكت الدموع أياماً متواصلة، حتى انقطع دمعها وكان لا يأتيها النوم، ثم جاءها فرج الله بتبرئتها من فوق السبع الطباق، وفرَّج الله همها وأذهب كربها.
وهؤلاء الثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خُلِّفوا فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، بعد أن عزلهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن المجتمع المسلم، ونهى الناس عن تكليمهم، فصاروا غرباء في أهلهم وذويهم، حتى وصل الحال إلى أن أمر زوجاتهم بفراقهم، فصاروا كالمبتوتين من المدينة الذين لا يتصل بهم أحد ولا يكلمهم أحد، حتى نزل فرج الله ـ بالتوبة عليهم، فوسَّع الله عليهم بعد أن كانوا في ضيق، ونفس عنهم بعد أن كانوا في كربة.
وهؤلاء الثلاثة من بني إسرائيل الذين دخلوا في الغار، فانطبقت عليهم الصخرة، ثم فرج الله ـ عليهم بعد أن أيقنوا بالموت والهلاك.
وهذا إبراهيم وسارة نجاهما الله من الجبار الكافر الذي كان يريد أن يأخذهما.
عن الحسن قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً مسروراً فرحاً وهو يضحك ويقول: «لن يغلب عسر يسرين، لن يغلب عسر يسرين، فإن مع العسر يسراً، إن مع السر يسراً» (رواه ابن جرير)، وجاء مالك الأشجعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال له: أسر ابني عوف فقال له رسول الله: «أرسل إليه أن رسول الله يأمرك بأن تكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكانوا قد شدوه بالقد (قيد من جلد) فسقط القد عنه، فخرج فإذا هو بناقة لهم فركبها وأقبل، فإذا بسرح القوم الذين كانوا قد شدوه فصاح بهم، فأتبع أولها آخرها فلم يفجأ أبويه إلا ينادي بالباب، فقال أبوه: عوف ورب الكعبة.
فقالت أمه: اسوأتاه، وعوف كيف يقدم لما هو فيه من القد؟ فأستبقا الباب والخادم فإذا هو عوف قد ملأ الفناء إبلاً، فقص على أبيه أمره وأمر الأبل، فقال أبوه: حتى آتي رسول الله فأسأله عنها فأتى رسول الله، فأخبره بخبر عوف وخبر الإبل فقال له رسول الله: «اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعاً بمالك ونزل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق: 2] [رواه ابن أبي حاتم].
قال بعض العلماء: رأيت امرأة بالبادية، وقد جاء البَرَدُ فذهب بزرعها، فجاء الناس يعزّونها فرفعت رأسها إلى السماء، وقالت: اللهم أنت المأمول لأَحسنِ الخلف وبيدك التعويض مما تلف، فافعل بنا ما أنت أهله، فإنّ أرزاقنا عليك وآمالنا مصروفة إليك.
قال: فلم أبرح حتى مرّ رجل من الأَجِلاء، فحدّث بما كان؛ فوهب لها خمسمائة دينار، فأجاب الله دعوتها وفرَّج في الحين كربتها.
أضجع أحد الجزارين كبشا ليذبحه بالقيروان، فتخبط بين يديه وأفلت منه وذهب، فقام الجزار يطلبه وجعل يمشي إلى أن دخل إلى خربة، فإذا فيها رجل مذبوح يتشحط في دمه ففزع وخرج هاربا. وإذا صاحب الشرطة والرجالة عندهم خبر القتيل، وجعلوا يطلبون خبر القاتل والمقتول، فأصابوا الجزار وبيده السكين وهو ملوَّث بالدم والرجل مقتول في الخربة، فقبضوه وحملوه إلى السلطان فقال له السلطان: أنت قتلت الرجل؟ قال: نعم! فما زالوا يستنطقونه وهو يعترف اعترافا لا إشكال فيه، فأمر به السلطان ليُقتل فأُخرج للقتل، واجتمعت الأمم ليبصروا قتله، فلما هموا بقتله اندفع رجل من حلقة المجتمعين وقال: يا قوم لا تقتلوه فأنا قاتل القتيل! فقُبض وحُمل إلى السلطان فاعترف وقال: أنا قتلته! فقال السلطان قد كنت معافى من هذا فما حملك على الاعتراف؟ فقال: رأيت هذا الرجل يُقتل ظلما فكرهت أن ألقى الله بدم رجلين، فأمر به السلطان فقُتل ثم قال للرجل الأول: يا أيها الرجل ما دعاك إلى الاعتراف بالقتل وأنت بريء؟ فقال الرجل: فما حيلتي رجل مقتول في الخربة وأخذوني وأنا خارج من الخربة وبيدي سكين ملطخة بالدم، فإن أنكرت فمن يقبلني وإن اعتذرت فمن يعذرني؟ فخلَّى سبيله وانصرف مكرَّما.
إذا اشتملت على اليأس القلوب ** وضاق بما به الصدر الرحيـب
وأوطأت المكاره واطمأنـــــــت ** وأرست في أماكنها الخطـوب
ولم تر لانكشاف الضر وجهـــــاً ** ولا أغنى بحيلته الأريـــــــــب
أتاك على قنوط منك خــــــوف ** يمن به اللطيف المستجيــــب
وكل الحادثات إذا تناهـــــــــت ** فموصول بها فرج قريــــــــب
دخل النبي صلى الله عليه وسلم -المسجد ذات يوم، فرأى فيه رجلاً من الأنصار، يقال له أبو أمامة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إني أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة» ، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله! قال صلى الله عليه وسلم: «أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك» ؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى عني ديني.
عن أصبغ بن زيد قال: مكثت أنا ومن عندي ثلاثاً لم نطعم شيئا –أي: من الجوع- فخرجت إلي ابنتي الصغيرة وقالت: يا أبتِ! الجوع! –تشكو الجوع- قال: فأتيت الميضأة، فتوضأت وصليت ركعتين، وأُلهمت دعاء دعوت به، في آخره: اللهم افتح عليّ منك رزقاً لا تجعل لأحد عليّ فيه مِنَّةً، ولا لك عليّ في الآخرة فيه تبعة، برحمتك يا أرحم الراحمين! ثم انصرفت إلى البيت، فإذا بابنتي الكبيرة وقد قامت إليّ وقالت: يا أبه! جاء رجل يقول إنّه عمي بهذه الصرة من الدراهم وبحمّال عليه دقيق، وحمّال عليه من كل شيء في السوق، وقال: أقرئوا أخي السلام وقولوا له: إذا احتجت إلى شيء فادع بهذا الدعاء، تأتك حاجتك.
قال أصبغ بن زيد: والله ما كان لي أخ قط، ولا أعرف من كان هذا القائل، ولكن الله على كل شيء قدير.
كان رجلٌ من العباد مع أهله في الصحراء في جهة البادية، وكان عابداً قانتاً منيباً ذاكراً لله، قال: فانقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت ألتمس ماء لأهلي، فوجدت أن الغدير قد جفّ، فعدت إليهم ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد ولو قطرة وأدركَنا الظمأُ، واحتاج أطفالي إلى الماء، فتذكرت رب العزة سبحانه القريب المجيب، فقمت فتيممت واستقبلت القبلة وصليت ركعتين، ثم رفعت يديّ وبكيت وسالت دموعي وسألت الله بإلحاح وتذكرت قوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] قال: والله ما هو إلا أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب ولا غيم، وإذا بسحابة قد توسّطت مكاني ومنزلي في الصحراء، واحتكمت على المكان ثم أنزلت ماءها، فامتلأت الغدران من حولنا وعن يميننا وعن يسارنا فشربنا واغتسلنا وتوضأنا وحمدنا الله ـ، ثم ارتحلت قليلاً خلف هذا المكان، وإذا الجدب والقحط، فعلمت أن الله ساقها لي بدعائي، فحمدت الله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى: 28].
عباد الله:
يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: «إن من شأنه سبحانه أن يغفر ذنباً، ويكشف كرباً، ويرفع أقواماً، ويضع آخرين». ويقول الضحاك بن قيس رضي الله عنه: «اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة، إن يونس عليه السلام كان يذكر الله تعالى، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصافات: 143].
وعليك بالاستغفار فإنه سبب لتفريج الكروب وإزالة الغموم، قال تعالى: {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}[هود: 61].
وجاء عن المعصوم صلى الله عليه وسلم قوله: «من لزم الاستغفار -أو أكثر من الاستغفار- جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب» (رواه أبو داود وضعفه الألباني).
وروي أنه: بينما رجل جالس، وهو يعبث بالحصى، ويحذف بها، إذ رجعت حصاة منها، فصارت في أذنه، فجهد بكل حيلة، فلم يقدر على إخراجها، فبقيت الحصاة في أذنه تؤلمه، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئاً يقرأ: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء}. فقال: يا رب، أنت المجيب، وأنا المضطر، فاكشف ضر ما أنا فيه، فنزلت الحصاة من أذنه. وكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي.
وكم يُسرٍ أتى من بعد عســرٍ ** وفرّج لوعة القلب الشدي
وكم همٍّ تُساء به صباحــــــاً ** فتعقبه المسرة بالعشــــي
إذا ضاقت بك الأسباب يوماً ** فثق بالواحد الأحد العلي
وهذه الشدائد التي تصيب المسلم في حياته بشتى الصور، لا بد لها من فوائد، فإن للشدائد فوائد بالرغم من أنها مكروهة للنفس، فمنها:
أولاً: أن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، ويدفع الكربُ المكروبَ إلى التوبة، ويلجأ إلى الله وينكسر بين يديه، وهذا الانكسار أحب إلى الله من كثير من العبادات؛ أن ينكسر المخلوق لله سبحانه، وأن يشعر بذله أمام الله، وأن يشعر بحاجته إلى ربه وافتقاره إلى خالقه، فينقطع إلى الخالق ويترك المخلوق، وهنا يتحقق التوحيد ويتنقى من أدران الشرك بأنواعها، ويخلص الإنسان لربه.
وقد علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية إذا نزل بنا الكرب واشتدت الأمور وضاقت علينا الأرض بما رحبت، فقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم».
وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: «يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث» وقال صلى الله عليه وسلم لـ أسماء بنت عميس: «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا».
وقال عليه الصلاة السلام: «من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال: الله ربي لا شريك له، كشف ذلك عنه».
وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له».
وهذه ألطاف الله قد تخفى على الكثيرين.
اللهم فرج كرباتنا، وفرج همومنا وأحزاننا، اللهم واجعل لنا من رحمتك نصيباً موفورا، اللهم واجعلنا من عبادك الصلحاء الأتقياء الأخفياء.
هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.
[1] سُفْيَان بن عُيَيْنَة (107 - 198 هـ = 725 - 814 م): سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي، أبو محمد: محدّث الحرم المكيّ. من الموالي. ولد بالكوفة، وسكن مكة وتوفي بها. كان حافظا ثقة، واسع العلم كبير القدر، قال الشافعيّ: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وكان أعور. وحج سبعين سنة. قال علي بن حرب: كنت أحبّ أنّ لي جارية في غنج ابن عيينة إذا حدّث! له (الجامع) في الحديث، وكتاب في (التفسير).
____________________________________________________________
الكاتب: د. أمير بن محمد المدري
- التصنيف: