الشيب الوقار المؤرق

منذ 4 ساعات

عندما تبدأُ الشَّعرات البيض تغزو الرأسَ، يشعر الإنسان بأنَّه بدأ مرحلةً أخرى من حياته، أو أنَّه في طريقه نحوَ الشيخوخة، أو أنَّه يتَّجه إلى نهاية الطريق.

عندما تبدأُ الشَّعرات البيض تغزو الرأسَ، يشعر الإنسان بأنَّه بدأ مرحلةً أخرى من حياته، أو أنَّه في طريقه نحوَ الشيخوخة، أو أنَّه يتَّجه إلى نهاية الطريق.

 

أفكار تبدأ تراوِدُ الإنسان حين يكثر عددُ تلك الشعرات، فما حقيقةُ هذه الشعرات البيض؟ وهل هي عمليةٌ طبيعية تحدث بتقدُّم السِّن؟ ولماذا يشيب بعضُ الناس وهم صغار؟ ومتى يبدأ سنُّ المشيب؟

 

هذا ما سنُجيب عنه خلالَ جولتِنا هنا في كشف أسرار الشيب.

 

ما الشيب؟

يُطلق الشَّيْب عادةً على تحوُّل لون الشعرة من اللَّون الأسود أو البني إلى اللَّون الرمادي أو الأبيض، ويَعزو المتخصِّصون ظهورَ هذا اللون إلى توقُّف خلايا الشَّعر عن تكوين وتصنيع مادة الميلانين الملوِّنة للشَّعر، ويرجع توقُّف أو استمرار تكوين هذه المادة إلى عدَّة أسباب، إلاَّ أنَّ السبب الرئيس والمتهم الأول في القضية هو تقدُّم السِّن، إلاَّ أنَّ ظهور الشيب في مراحلَ مُبكِّرة من العمر يعود إلى أسباب وراثية، أو أمراض عضوية.

 

الشيب المبكر:

تُشير معظمُ الأبحاث والدراسات إلى أنَّ الشيب المُبكِّر يَحدُثُ عادةً بسبب عواملَ وراثية، ويمكن أن يُطلق عليه شيب مُبكِّر إذا حَدَث قبل سنِّ الثلاثين، كما أنَّ العوامل النفسيَّة - خاصَّةً الانفعالاتِ الحادةَ، والخوف المفاجئ، أو الحزن الشديد - كلُّها عواملُ تساعد على الإصابة بالشَّيْب المُبكِّر؛ وهذا مِصداق قول الله - تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] مِن شدَّة أهوال ذلك اليوم.

 

كما تلعب التغذية دَورًا مهمًّا في الإصابة بالشيب المُبكِّر، خاصَّة نقْصَ فيتامين ب، وحمض الفوليك والنُّحاس، وقد أكَّدَت الدِّراسات أنَّ تناول جرعات عالية من فيتامين ب المركَّب كفيلة بتأخير الإصابة بالشَّيب لفترة من الزمان، كما أنَّ الأبحاث والدِّراساتِ التي ظهرت مُؤخَّرًا أكَّدَت أنَّ الإصابة العضوية - خاصَّة أمراض الجهاز الهضمي، وأمراض الغُدَّة الدرقية - قد تكون من العوامل المساعدة على ظُهور الشَّيْب المُبكِّر، خاصَّة إذا كانت مُتكرِّرة؛ لِمَا تُحدِثه من هزال في الجسم، وكثرة الإصابة بالحمَّى، وهي عواملُ تساعد على ظهور الشيب.

 

الشيب المفاجئ:

وقد يحدُث الشَّيْب خلال ساعات أو أيَّام قليلة؛ نتيجة التعرُّض للضغوط العصبيَّة القاسية، وقد سُجِّل على مدى التاريخ عددٌ من الحالات التي ظهر فيها الشيب خلالَ ساعات، وأبرزها إصابة (ماري أنطوانيت) التي تَقرَّر إعدامها خلالَ الثورة الفرنسيَّة، وعندما أُدخلت السِّجن كان شعرها أصفر يميل إلى البني، وفي يوم تنفيذ الحُكم لم يستطعِ الناس التعرُّف عليها؛ لأنَّ شعرها تغيَّر تغيُّرًا كاملاً إلى اللَّون الأبيض.

 

الشيب الطبيعي:

يَحدُث الشيب الطبيعي عندَ التقدُّم في السِّن، وهو يحدُث غالبًا في منتصف العِقْد الرابع والخامس، ويستمرُّ حتى يصل الإنسان إلى ما بين الستِّين والسبعين، فيكون الرأس كلُّه قد شاب، ويختلف الأفرادُ مِن حيثُ الشيبُ وغزارتُه؛ فالسُّود مثلاً يتأخَّرون عن البيض في الشيب عشرَ سنوات تقريبًا.

 

ويبدأ الشيب في الظُّهور عادةً على جانبي الوجه، ويمتدُّ إلى جانبي الرأس، ثم بقية الرأس، وينزل إلى بقية أنحاء الجسم.

 

علاج الشيب المبكر:

غالبًا ما تُعالج الأشياء بإزالةِ أسباب حدوثها، فعلاج الشيب المُبكِّر يتمُّ بمعالجة السبب الذي أدَّى إلى حدوثه، وعمومًا الاهتمام بالنظافة والتغذية، وعلاج الغدة الدرقيَّة، وتناول فيتامين ب المركب لفترة طويلة يؤدِّي إلى التقليل من حدوث الشيب المُبكِّر أو زواله، ويجب الإشارةُ إلى أنَّ الراحة النفسية والتقليل من التوتُّر من الأسباب الرئيسة لتأخيرِ زيارة هذا الضَّيف غير المُرحَّب به.

 

علاج شيب الكبر:

ليس هناك وسيلةٌ لعلاج الشيب المُصاحِب لتقدُّم العمر سوى الصَّبْغة، وهناك ثلاثة أنواع من الصبغة، فهناك صبغات نباتية الأصل، وصبغات عضوية صناعيَّة، وصبغات معدنية الأصل، وغالبًا ما يَنصح خُبراءُ التغذية بتجنُّب الصبغات العضويَّة والمعدنية، أو على الأقلِّ عدم الإكثار منها؛ لأضرارها على المدى البعيد، ولِمَا تُسبِّبه من حساسية للجلد، ويُنصح غالبًا باستخدام الحِنَّاء التي أثبتت الأبحاث الطبيَّة خُلوَّها من أيَّة أضرار أو عوارض جانبيَّة؛ بل إنَّ فيها كثيرًا من المواد المفيدة والمغذية للجلد والشَّعر.

 

المستقبل – العدد – 181، جمادى الأول 1427 هـ.

________________________________________________________
الكاتب: هشام عطية